تكرار إصابات العمل يجدد المطالب بتفعيل استراتيجية السلامة والصحة المهنية
بعد وفاة وإصابة أربعة عمال في شركة الكهرباء الوطنية، في حريق محول كهربائي أثناء الصيانة، تجددت المطالبات حول أهمية تفعيل الاستراتيجية الوطنية للسلامة والصحة المهنية، بهدف التقليل من حوادث إصابات العمل.
خبراء في شؤون العمل يعتبرون أن هذا النوع من الحوادث يجب أن يكون بمثابة إنذار، للتشديد على إجراءات السلامة والصحة المهنية في كافة مواقع العمل، خاصة وأن مهنة عمال شركات توزيع الكهرباء تعد من ضمن الأعمال الخطيرة في أنظمة مؤسسة الضمان الاجتماعي، الأمر الذي يتطلب من أصحاب العمل، تدريب وتأهيل العمال لديهم، ووضع خطة للسلامة المهنية، للحد من تكرارها.
وللحد من هذه الأخطار كانت الحكومة قد أقرت العام الماضي، الأسباب الموجِبة لمشروع نظام السلامة والصحة المهنية والوقاية من الأخطار المهنية في المؤسسات لسنة 2022، والحد من حوادث العمل وإصاباته، ومن الأمراض المهنية، وبما ينسجم مع المعايير العربية والدولية الخاصة بالسلامة والصحة المهنية، في حين لم يكشف عن مسودة هذا النظام بعد، بحسب خبراء.
هذه المطالب تتجدد في كل مرة مع تكرار حوادث العمل وارتفاع شدة الإصابات، حيث سجلت مؤسسة الضمان الاجتماعي وفق آخر إحصائية حول ما يزيد عن 21 ألف إصابة في عام 2021، فيما تبلغ المؤسسة كل 30 دقيقة عن إصابة عمل.
الارتفاع في أرقام الإصابات المسجلة لدى مؤسسة الضمان، يصفها خبير التأمينات والحماية الاجتماعية والحقوقي موسى الصبيحي بالخطيرة، مطالبا بضرورة تفعيل الاستراتيجية الوطنية للسلامة والصحة المهنية، التي تم اعدادها قبل نحو 5 سنوات من قبل المؤسسة ووزارة العمل وعدد من الجهات المعنية، وتم وضعها بالأدراج.
ويشير الصبيحي إلى أهمية تفعيل هذه الاستراتيجية خاصة وأن قانون العمل ومؤسسة الضمان يلزمان المنشآت بوضع الخطط والسياسات تضمن تحقيق إجراءات السلامة في أماكن العمل.
وتتضمن الاستراتيجية العديد من الأمور الهامة المتعلقة بمفتشي السلامة والصحة المهنية، وقضايا تقصي ودراسة الإصابات والاعتلالات الصحية، والأمراض المهنية الناتجة عن مزاولة أعمال معينة، وتحديد الأعمال الخطيرة في قانون الضمان الاجتماعي.
تقديرات مؤسسة الضمان الاجتماعي تشير إلى أن كل 1.6 من المؤمن عليهم تعرضوا الى اصابة عمل، في الوقت يوجد فيه إصابات عمل طفيفة لا يبلغ عنها اصحاب العمل، بالاضافة الى وجود مؤسسات غير خاضعة للضمان، بحسب الصبيحي.
سبق أن كشفت حادثة ميناء العقبة التي راح ضحيتها، وفاة 13 شخصا وإصابة العشرات من العاملين، عن فجوات تشريعية وتنظيمية في مجال السلامة والصحة المهنية، سواء من حيث عدم قدرة الجهات الرسمية على فرض رقابتها على معظم المؤسسات ومواقع العمل، أو من حيث قواعد وحدود مسؤوليات صاحب العمل عن توفير شروط وبيئة العمل اللائقة والآمنة في مواقع العمل والحمايات اللازمة للعمال من أخطار العمل.
رئيس مركز بيت العمال المحامي حمادة ابو نجمة يعتبر أن متطلبات السلامة المهنية أصبحت تتطلب اعادة النظر فيها، في وقت ما يحدث من متغيرات في سوق العمل وطبيعة الأخطار التي يتعامل معها العمال.
وأكد ضرورة أن تكون هناك أنظمة خاصة في السلامة والصحة المهنية لكل قطاع عمل، نظرا للفروقات الكبيرة في متطلباتها بين قطاع وآخر، وهو ما لم تأخذ به الحكومة لغاية الآن، مبينا أن شروط السلامة والصحة المهنية في المكاتب تختلف عن الإنشاءات، وكذلك في الصناعات.
رغم ما يكفله قانون العمل من نصوص قانونية في هذا المجال إلا أن أبو نجمة يعتبر بأنه بحاجة إلى تفعيل أكثر، وتشديد المراقبة على مواقع العمل لضمان تنفيذ الأنظمة والتعليمات وعدم مخالفتها.
مديرة مديرية السلامة والصحة المهنية في وزارة العمل الدكتورة نجاح أبو طافش تقول لـ "عمان نت"، أن المادة 78 من قانون العمل تلزم أصحاب العمل اتخاذ كافة الاحتياطات والتدابير لحماية العاملين لديهم من الأخطار بالاضافة إلى تقييم الخطورة في منشآتهم.
وتشير أبو طافش الى أن أكثر المواقع عرضة للمخاطر هم العاملين في مجال الإنشاءات والاتصالات وشركات الكهرباء، خاصة خلال موسم الشتاء، حيث تعمل الوزارة باستمرار بتوجيه رسائل توعوية لأصحاب العمل والعمال، بضرورة توفير الحماية اللازمة وتقيد بإجراءات السلامة.
هذا وتنص المادة 84 من قانون العمل على ضرورة التزام أصحاب العمل بمعايير السلامة والصحة المهنية والإرشادات الصادرة بهذا الخصوص من الوزارة لحماية العاملين ،وتوفير بيئة عمل ملائمة ومناسبة لهم، وعدم تعرضهم لأي مخاطر أثناء العمل، وأن صاحب العمل الذي لا يلتزم بهذا التعميم سيعرض نفسه للعقوبات الواردة في القانون.