تردي الأوضاع الاقتصادية تدفع مواطنين إلى شراء منتجات غذائية شارفت على الانتهاء

الرابط المختصر

أحمد البالغ من العمر 40 عاما، والدا لأربعة أبناء، يقوم في محاولة لتأمين احتياجات عائلته، اللجوء إلى محلات تجارية تقدم تخفيضات كبيرة على منتجات غذائية قريبة من انتهاء صلاحيتها بفترة لا تتجاوز يومين على الأقل، معتبرا أن هذا الاختيار الوحيد الذي يمكنه من شراء مستلزمات أسرته.

ويشير أحمد الذي يتقاضى راتبا لا يتجاوز الـ 500 دينار، انه يفضل زيارة محلات معينة، تعلن بين الحين والآخر عن عروض تنافسية على مجموعة متنوعة من المنتجات الغذائية، كي لا يجد صعوبة في تحمل تكاليفها العالية في المحلات الرئيسية، نظرا للضغوط المالية التي يواجهها. 

تشمل هذه المنتجات، الدجاج والأرز والشعيرية والخضار والمعلبات، بالإضافة إلى أنواع  محددة من الشوكلاتة مثل للسنكرز، والباونتي، بالإضافة إلى الشيبس مثل لبرنكلز وغيره.

وفي هذا السياق،  أيضا  تلقت " عمان نت " عدد من الملاحظات من قبل المواطنين حول تواجد بعض المحال التجارية التي تقوم ببيع منتجات الشوكولاتة بأنواعها المختلفة، معبرين عن استيائهم من تلك المحال بشأن قرب صلاحية تلك المنتجات من الانتهاء بمدة لا تقل عن يومين، معتبرين ذلك تجاوزا يتطلب التوعية لضمان سلامة المستهلكين والامتثال للمعايير الصحية.

 

" بكفي غلا "

وتضع بعض المحلات اليافطات التي تحمل  شعار " بكفي غلا"، مع تنفيذ عروض على العديد من المنتجات الغذائية بهدف جذب المستهلكين وتمكينهم من الاستفادة من تلك التخفيضات.

يرى المحلل الاقتصادي والاجتماعي حسام عايش أن هذا السلوك ليس محصورا في الأردن فقط، بل ينتشر في دول العالم، يتمثل هذا النمط في تسويق منتجات قد تكون على وشك انتهاء صلاحيتها من خلال عروض للتخلص منها بأسرع وقت ممكن، مرجعا ذلك إلى قلة الإقبال على بعض هذه المنتجات قد يكون بسبب انتهاء صلاحيتها، أو ارتفاع أسعارها، أو عدم اعتبارها ذات أهمية بالنسبة للمستهلكين.

ويشدد عايش إلى أن هناك عوامل اقتصادية تلعب دورا في توجيه المستهلكين نحو هذا السلوك الشرائي، ويرتبط ذلك بشكل أساسي بالظروف الاقتصادية الحالية، وارتفاع أسعار بعض السلع، الأمر الذي يدفع مستهلكين إلى شراء منتجات غذائية بتواريخ انتهاء صلاحية قصيرة وبأسعار مخفضة بهدف تحقيق التوازن بين الجودة والتكلفة.

 

مطالبات بزيادة الأجور

تأتي هذه السلوكيات في ظل مطالب متزايدة من قبل العديد من الجهات برفع معدلات الأجور في المملكة  كي تتناسب مع الأوضاع المعيشية، وارتفاع الأسعار الذي شهدته مختلف السلع والخدمات، حيث تضع هذه الأوضاع أعباء كبيرة على المستهلكين، مع توقعات ارتفاع المزيد من الأسعار، خلال الفترة المقبلة بسبب العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة، واضطرابات البحر الأحمر وباب المندب.

المرصد العمالي الأردني أكد أن مستويات الأجور في الأردن ما تزال على حالها بالنسبة للحد الأدنى للأجور في القطاع الخاص البالغ 260 دينارا أو حتى الأجور في القطاع العام، وبخاصة علاوة غلاء المعيشة الشهرية البالغة 135 دينارا التي لم تزد منذ نحو 10 سنوات.

 

ولكن يعتبر عايش أن الإشكالية تكمن عندما تتحول شراء المستهلكين لهذه المنتجات ظاهرة، فهناك من ينتظرون مثل هذه العروض لشراء المنتجات نظرا لارتفاع أسعارها بالنسبة لدخولهم، الذي قد لا يكفي لتحمل تكاليفها، وهناك ايضا مستهلكون يقومون بشراء احتياجاتهم  مباشرة من هذه المحلات التجارية.

ويشير إلى يعتبر أن تراجع الأوضاع المعيشية ، وتراجع القدرة الشرائية للمواطنين، وتأثير انخفاض قيمة الأجور والرواتب على خيارات المواطنين ، مما يجعلهم ينتظرون العروض ويتجهون نحو شراء سلع تقترب من انتهاء صلاحيتها.

وفي السياق ذاته، أعلنت دائرة الإحصاءات العامة  مؤخرا ارتفاع الرقم القياسي العام لأسعار المستهلك (التضخم) لعام 2023 بنسبة 2.08 بالمئة مقارنة مع عام 2022.

هذا الأمر، بحسب عايش يستوجب مراجعة المواطنين لدخولهم ونفقات الأسرة، وهذا يجب أن يكون جزءا من آلية المسح التي تقوم بها دائرة الإحصاءات العامة، حيث يعكس هذا الارتفاع زيادة في معدلات الفقر، مما يؤدي إلى اتجاه الكثيرين نحو هذه المحلات وانخفاض في الطبقة الوسطى، بالاضافة الى تحمل الجهات المعنية مسؤولية كبيرة من عدم تأثير صحة المستهلكين نتيجة لتناول المنتجات القريبة من انتهاء صلاحيتها.

 

القانون لا يعاقب على المواد القريبة من الإنتهاء 

قانونيا، يوضح مدير عام المؤسسة العامة للغذاء والدواء نزار مهيدات يوضح ان نص المادة القانونية، يمنع تداول المواد التي انتهت صلاحيتها، ويعاقب عليها بموجب القانون، ولكن القانون لا يعاقب على المواد القريبة من انتهاء  صلاحيتها،  موضحا ايضا انه من الناحية الاخلاقية غير مقبول بيع المواد والسلع التي اقتربت من انتهاء صلاحيتها بأسعار منخفضة خلال يومين على الأقل.

ويشير مهيدات الى ان هناك بعض المواد التي صلاحيتها يوم واحد فقط ، مثل بعض انواع الكيك، بينما يتراوح عمر بعض المواد المصنعة والمعبأ من اسبوع الى عامين، حسب نوع المادة وتصنيعها.

ويوضح مهيدات أن المؤسسة تقوم بحملات دورية للتفتيش في المستودعات والمحلات المباشرة للمستهلك، مع التركيز على المواد الأجنبية التي تواجه مقاطعة من قبل المستهلكين لمتابعة تاريخ انتهاء صلاحيتها وضمان صلاحيتها للاستهلاك البشري، مما زاد من عبء فرق التفتيش لمتابعة هذه الأمور.

ويعاقب القانون عند انتهاء صلاحية المواد بسحبها من الأسواق وتدميرها، مع تحويل صاحب العلاقة إلى النائب العام وفقا للمادة 18 من قانون الغذاء.

ويحذر خبراء التغذية من تناول أي طعام أو شراب بعد انتهاء صلاحيته، حيث يشدد على احترام تواريخ الصلاحية لتجنب المخاطر الصحية المحتملة.