تراجع الإنتاجية خلال رمضان .. فكرة غير عقلانية ويجب الابتعاد عنها

الرابط المختصر

خلال شهر رمضان، يواجه أمجد الذي يعمل في وظيفة مكتبية تتطلب منه تركيزا عاليا، تحديات أثناء فترة دوامه، نظرا لصعوبة استيقاظه خلال الساعات الباكرة في الصباح، بسبب اضطرابات ساعات النوم والسهر لساعات متأخرة من الليل، حيث يبذل جهودا جبارة للحفاظ على مستوى عمله وإنتاجيته على حد قوله.

وتعاني مريم التي تعمل في إحدى الشركات التجارية في عمان وتعيش في الزرقاء، تحديات مماثلة من الشعور بالتعب رغم محاولاتها الجادة للحفاظ على مستوى طاقتها ونشاطها لأداء واجباتها، إلا أنها تشعر بقلة التركيز، مما يؤثر على أدائها اليومي في العمل.

بينما يجد محمد، الذي يعمل في وظيفتين خلال الأيام العادية، صعوبة في مواصلة العمل خلال شهر رمضان، ويرى أنه غير قادر على الاستمرار خلال فترة الصيام، مما يضعه في موقف صعب لإدارة وظائفه والحفاظ على مستوى الأداء المطلوب.

أما بالنسبة لسلمان فإن امتناعه عن التدخين وشرب القهوة خلال ساعات النهار، يزيد من شعوره بالنعاس خلال فترة الصيام، مما يؤثر على نمط نومه وقدرته على الاستيقاظ بنشاط لأداء مهامه اليومية أثناء فترة العمل.

 

لماذا نشعر بالكسل؟

رغم من عدم وجود دراسة ميدانية تبين بالأرقام مدى انخفاض نسب الإنتاجية خلال شهر رمضان، إلا أن الشعور العام بتدني الانتاجية بات شائعا بين العاملين، نظرا لتغيير السلوكيات نتيجة الصوم، مما يؤثر على قدرتهم على الأداء بفعالية، ويعاني بعض الأشخاص من تباطؤ الإنتاجية، أو شعور بالكسل، وعدم القدرة على استكمال المهام بشكل فعال، سواء في بيئة العمل أو المنزل.

مؤسسة اطمئن للدراسات والأبحاث والاستشارات الاجتماعية والتربوية والنفسية الدكتورة أمينة الحطاب، تشير لـ "عمان نت" الى أن الشعور بالكسل وقلة الطاقة والإنتاجية، يعود إلى امتناع الأفراد عن تناول الطعام والشراب، مما يثير  الشعور بالضيق والتوتر والقلق والإحباط.

وتوضح الحطاب بأنه على الرغم  أنه من الممكن في الأيام العادية أن يتبع الأفراد نظام الصيام المتقطع، ولكن خلال شهر رمضان يصبح هذا التمتع بالصيام محملا بالتحديات الإضافية مثل اضطراب نمط النوم وتقلبات السكريات والضغوطات الزائدة من المسؤوليات.

وتحذر الحطاب أن النوم المتقطع والإفراط في تناول السعرات الحرارية خلال وجبات الإفطار والسحور يمكن أن يؤثر سلبا على الجسم والعقل، كما تشير إلى أن التعرض لضغوطات المسؤوليات المنزلية أو العمل يمكن أن يجعل الشخص غير قادر على استكمال المهام المطلوبة منه بفعالية، مما يستدعي إعادة ترتيب الأولويات وإدارة الوقت بشكل أفضل.

"إن فكرة ليس لديه طاقة هي غير عقلانية ويجب الابتعاد عنها" فالإنسان قادرا على التكيف مع الصيام والحفاظ على الإنتاجية، إذ يتبع نظاما لتنظيم وقت تناول الطعام مثل الإفطار والسحور، ويجب تجنب الحديث السلبي عن عدم القدرة على الأداء بشكل جيد، حيث يستطيع الجسم التكيف خلال فترات الصيام بالحصول على مصادر طاقة بديلة، مما يعزز الصحة الجسدية والعقلية، بحسب الحطاب.

 

دراسة حديثة: الصوم يعزز الانتاجية في رمضان

رغم ما يشاع عن ارتباط الصوم خلال شهر رمضان بانخفاض الإنتاجية بسبب انخفاض الطاقة، فإن عددا من الأبحاث أشارت إلى العكس، من بينها تلك التي جاءت بعنوان "تأثير الصوم على الإنتاجية والرفاهية في مكان العمل" والمنشورة في كانون الثاني 2024، حيث خلص 3 من الباحثين الكويتيين إلى أن المسألة لا تتعلق بالصوم بقدر ما تتعلق بتنظيم العمل، وتقسيم الوقت.

ويبقى الصوم، على عكس الشائع، أداة لزيادة الإنتاج وتحسين الصحة، بل الرفاهية، حيث يسهم في تحسين كل من الصحة العقلية والنفسية، فضلا عن تعزيز الصحة البدنية.

وفي الوقت الذي يمتنع فيه الصائمون عن تناول الطعام والشراب لعدد ساعات محدد، خلال 30 يوما، تبدأ أجسادهم في التكيف مع ندرة الغذاء عبر تنشيط العديد من الآليات الفسيولوجية، بداية من فقدان الوزن الزائد، وتحسين مستويات الدهون في الدم، مرورا بتقليل الالتهاب وانخفاض خطر الإصابة بالأمراض المزمنة، وصولا إلى تحسين حساسية الجسم للأنسولين.

 

نصائح لإنتاجية أفضل

لتجاوز مراحل الكسل وانخفاض الطاقة، وتعزيز الأداء العملي في مجالات العمل والدراسة، يرى خبراء أنه يجب القيام بأنشطة تعزز الطاقة والحيوية دون الحاجة الى مجهود عضلي، يمكن أن تشمل هذه الأنشطة أنواع مختلفة من التمارين مثل الرياضة  واليوغا وغيرها، التي تعمل على تنشيط الجسم.

تنصح رئيسة جمعية الغذاء والتغذية وخبيره ومدربة في مجال التغذية العلاجية المهندسة فادية عيد على ضرورة الانتباه إلى بعض النقاط الهامة منها تناول وجبة السحور، والحرص على ممارسة التمارين الرياضية بشكل معتدل ومناسب خاصة خلال فترة الصيام، وشرب كميات كافية من المياه لتجنب الجفاف و إعطاء الجسم الطاقة اللازمة.

تحذر عيد من تناول الوجبات السريعة، والمقليات، والأطعمة المالحة، والمحفوظات المعلبة والمواد ذات الأملاح العالية، التي تشعر الافراد بالخمول، بالاضافة إلى تقليل شرب الشاي والقهوة والمشروبات الغازية لتجنب فقدان السوائل، والتركيز على تناول الأطعمة الصحية المحتوية على العناصر الغذائية الضرورية، مثل الفواكه والخضروات والحبوب الكاملة والبروتينات الصحية.

كما ان التدريب على الصوم خلال شهور العام، ولو على طريقة الصوم المتقطع، لتدريب الجسم على الامتناع عن الطعام والشراب لفترة طويلة، تقبل الشعور بالجوع، تناول إفطار صحي، واختيار نوعيات الطعام التي لا تؤدي إنهاك البدن، أو تلك التي تصيب بالإرهاق في محاولة هضمها، التخطيط المسبق للعمل.