تراجع الأوضاع الاقتصادية والدعم الدولي يثقل اللاجئين بالديون

أموال
الرابط المختصر

يجد اللاجئون السوريون أنفسهم في أوضاع اقتصادية صعبة، وفي مواجهة تحديات مالية متزايدة نظرا لتراكم الديون بشكل كبير على الكثير منهم، مما يجعلهم يعانون من ضغوطات مالية.

يقول إبراهيم، أحد اللاجئين السوريين العاملين في القطاع الخاص لـ "عمان نت"، أن راتبه الشهري الذي لا يتجاوز الـ 300 دينار، لا يكفي لتلبية احتياجات أسرته الأساسية المكونة من 4 أفراد، فهو بالكاد يغطي تكاليف إيجار المنزل البالغ 150 دينارا، وفواتير الكهرباء والمياه التي تصل إلى 50 دينارا.

يشير إلى أن العديد من العائلات اللاجئة تواجه نفس الظروف الصعبة، مع ارتفاع تكاليف المعيشة وتدهور الأوضاع الاقتصادية، حيث تتسع دائرة الديون لتشمل جميع جوانب الحياة اليومية، مما يجعل البعض يلجأ إلى الاقتراض المستمر لسداد ديونهم دون أمل في تحسين الوضع المالي.

ويرجع ذلك إلى  ضعف فرص العمل وارتفاع التكاليف المعيشية، بالإضافة إلى تقليل المساعدات التي كانت تعتمد عليها العديد من العائلات، فالذي كان يحصل على كوبون بقيمة 90 دينارا، كان يساهم لو بشيء قليل بتسديد بعض احتياجات العائلة، ومع توقف هذا الدعم تفاقمت الأوضاع الاقتصادية.

هذا ما يشير إليه تقرير صادر مؤخرا عن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين عن الربع الرابع من العام الماضي، إلى أن الديون تثقل عاتق الغالبية العظمى من اللاجئين السوريين وغيرهم في الأردن، بالتزامن مع انخفاض المساعدات الإنسانية المقدمة التي تعتمد عليها الأسر اللاجئة بشكل رئيسي، لتعاني تسعة من كل عشرة أسر لاجئة من الديون.

ويفيد تقييم "الوضع الاجتماعي والاقتصادي للاجئين في الأردن" الذي تجريه المفوضية أن 91% من الأسر اللاجئة السورية و87% من الأسر اللاجئة غير السورية مثقلة بالديون في الربع الرابع من العام الماضي.

وتوزعت أسباب إلى اقتراض المال على الإيجار (31%)، والغذاء (28%)، مصاريف عناية صحية (19%)، فواتير مثل الماء والكهرباء (18%).

 

تبعات تراكم الديون اجتماعيا

المحلل الاقتصادي والاجتماعي، حسام عايش، يشير إلى أن هذه الأرقام تظهر أن نفقات الأسر اللاجئة تفوق دخلها الشهري، وبوجود فجوة بين الدخل والإنفاق، مما يؤدي إلى تراكم الديون ،موضحا أن هذا التراكم يعكس تحديات اقتصادية كبيرة يواجهها الجميع.

يرجع عايش ذلك الوضع إلى تقلص وتراجع مصادر الدخل، حيث تشهد تراجعا تدريجيا عاما بعد عام كما تظهره التقارير الرسمية، مضيفا الى أن انخفاض التزامات التمويل الدولي ودعم اللاجئين يسهم في زيادة عدد الأسر المدينة.

ويحذر من أن سداد هذه الديون يشكل خطرا على استقرار هذه الأسر، خصوصا إذا كانت مصادر الدخل غير متاحة لتحسين الوضع المالي، مشددا على أن تراكم هذه الديون بشكل كبير يجعلها غير قابلة للسداد، مشيرا إلى احتمالية زيادة الضغوط على الأسر، مثل إخراج الأطفال للعمل، أو تزويج الفتيات القاصرات لتخفيف النفقات، أو اللجوء إلى مصادر غذائية رخيصة متدنية القيمة الغذائية مما تؤثر على الصحة، بالإضافة إلى تقليل الإنفاق على الرعاية الصحية.

ويظهر تقرير المفوضية أن أسر اللاجئين السوريين أبلغت عن متوسط دخل قدره 255 دينارًا، في حين سجلت أسر اللاجئين غير السوريين متوسط دخل قدره 229 دينارًا أردنيًا، في الربع الرابع من عام 2023، وهو ما يقل بنسبة 8% و6% عن الدخل المبلغ عنه في الربع الثاني من عام 2023، على التوالي. 

وانخفض متوسط دخل العمل الشهري للأسر اللاجئين السوريين من 225 دينارا أردنيا في الربع الثاني إلى 207 دنانير في الربع الرابع. وبالنسبة للأسر غير السورية ارتفع دخل العمل من 192 ديناراً إلى 200 دينار خلال الفترة ذاتها.

 

وقف الدعم ليس عذرا

رغم تخفيضات المساعدات الإنسانية، استمرت المساعدات المشتركة التي تقدمها  المفوضية وبرنامج الأغذية العالمي المصدر الرئيسي لدخل اللاجئين خلال عام 2023، والتي تمثل 44% من دخل اللاجئين السوريين و38% من دخل اللاجئين غير السوريين في الربع الرابع من عام 2023.

وأوضحت المفوضية السامية أن المساعدات النقدية للاحتياجات الأساسية التي تقدمها تشكل 67% من دخل الأسر اللاجئة المستفيدة في الأردن خلال العام الماضي. 

ويشير عايش إلى أن الظروف الاقتصادية الصعبة أو توقف التمويل من الدول المانحة تعتبر من الاسباب الرئيسية لهذه الحالة، مع تزايد الأعباء المالية على الأسر. 

ويتوقع عايش أن تتسبب هذه الأوضاع في زيادة التوظيف في القطاع غير الرسمي، مما قد يضطر الفتيات والأطفال للعمل بحثا مع مصدر آخر للعائلة.

مع ذلك، يؤكد عايش على أهمية تحرك الجهات الدولية والحكومية والمجتمع المدني لتقديم الدعم وتوفير فرص العمل، بالإضافة إلى وجود برامج للتخفيف من الأعباء المالية على هذه الأسر، معتبرا أن الفجوة بين دخل الأسرة السورية ونفقاتها تحتاج إلى حلول عاجلة، وربما يمكن العمل على توفير فرص العمل كحلا جزئيا، مع اتخاذ إجراءات للتخفيف من الأعباء المالية المترتبة عليهم. 

وبحسب تقديرات المفوضية السامية، يقيم في المملكة أكثر من 1.3 مليون سوري منذ بداية الأزمة السورية في 2011، بينهم 642888 لاجئا سوريا مسجلا لدى المفوضية.