تدني الحد الأدنى للأجور .. خسائر صامتة في الاقتصاد الوطني
على الرغم من إلزامية قانون العمل بمنح الحد الأدنى للأجور، إلا أن هناك نسبة كبيرة من القوى العاملة يتقاضون أجورا دون هذا الحد المقرر، والذي يبلغ 260 دينارا، الأمر الذي يعتبره خبراء اقتصاديين واجتماعيين يعرض الأفراد والاقتصاد الوطني لمخاطر كبيرة.
هذا ما كشفه استبيان أجراه مرصد الحماية الاجتماعية "تمكين"، حول "الحماية الاجتماعية في القطاعات الأكثر ضعفا في سوق العمل الأردني"، أن 34.9% من العاملين في الأردن يتلقون أجورا أقل من الحد الأدنى المقرر، مما يشير إلى وجود تحديات في مجال الأجور والعمل.
تقرير آخر صادر عن بين العمال يشير الى أن بظروف العمل، يشير إلى أن 36.8% من العمال في الأردن يعملون لساعات أسبوعية تتجاوز 49 ساعة، و48.0% يعملون من 40 إلى 60 ساعة في الأسبوع، مقابل أجور تتراوح بين 200 و299 دينار شهريا، بالإضافة إلى ذلك، يتلقى حوالي 8.3% من العمال أجورا تقل عن 200 دينار شهريا، وهو ما يعني أنهم يتقاضون أجورا أقل من الحد الأدنى المقرر للأجور.
من القطاعات التي تواجه مشكلة عدم دفع لعمالها أجورا دون الحد الادنى للاجور، هي القطاعات غير الرسمية، حيث يمثلون نسبة تتراوح ما بين 25 إلى 35% من الناتج المحلي.
تداعيات خطيرة
يؤكد المحلل الاقتصادي والاجتماعي، حسام عايش، أن هذه النتيجة، تمثل انذارا بشأن الأجور في المملكة، معتبرا أن هذا الوضع يعكس محاولة استغلال للعمال العاملين في المياومة وبعض القطاعات الصناعية والاقتصادية التي تفتقر إلى الرقابة الكافية.
ويؤكد عايش أن أحد التداعيات الخطيرة لانخفاض أجور العمالة هو الانخفاض في الإنفاق العام، مما يؤدي في نهاية المطاف إلى تراجع النشاط الاقتصادي.
وبالنظر إلى الوضع في الأردن، يعتبر عايش أن النشاط الاقتصادي يعتمد بشكل كبير على مستوى الأجور، موضحا أن انخفاض هذه الأجور، خاصة على الحد الأدنى المحدد، يعني تقليل قدرة الأفراد على الإنفاق، مما يؤدي إلى تجميد النشاط الاقتصادي.
تدني الحد الأدنى للأجور له تداعيات كبيرة تتمثل بصعوبة تلبية احتياجات الحياة الاساسية للعائلة، نظرا للارتفاعات المتتالية في الاسعار وعدم استقرارها، مما يضطر الكثيرون الاستغناء عن الأمور الأساسية في منازلهم، وهذا يؤثر على نمو الاطفال وجودة الغذاء وينعكس على الحالة العامة للعائلة، بحسب الخبراء في القطاع العمالي.
في عام 2023، سجل معدل التضخم بنسبة 2.08% مقارنة بالعام السابق، وفقا لدائرة الإحصاءات العامة، ولكن لم تتغير مستويات الأجور بالنسبة للحد الأدنى، سواء في القطاع الخاص أو العام، بما في ذلك علاوة غلاء المعيشة الشهرية التي لم تدّعل منذ عشر سنوات تقريبا.وفقا لتقرير المرصد العمالي.
وتبقى مسألة رفع الحد الادنى للاجور مسألة معقدة، حيث يخشى البعض أن يؤدي رفع الحد الأدنى للأجور إلى فقدان الوظائف وزيادة البطالة، إضافة إلى أن زيادة الأجور قد تقلل من نشاط الشركات وتقيّد فرص الاستثمار، بحسب عايش.
رفع الحد الأدنى للأجور ضرورة
رغم صدور قرار عام 2020 بزيادة الحد الأدنى للأجور إلى 260 دينارا، مع تعديله بمعدل التضخم على مدى ثلاث سنوات، إلا أن التنفيذ تأجل حتى عام 2025.
هذا القرار اعتبره رئيس مركز بيت العمال المحامي حمادة ابو نجمة مخالفا لقانون العمل من ناحية، ومن ناحية أخرى تخالف أحكام الدستور، التي توجب أن تضمن الدولة تقاضي العمال أجور عادلة، ناهيك عن الآثار السلبية التي تنعكس على الاقتصاد الوطني نتيجة إضعاف القوة الشرائية للشريحة الأكبر من المواطنين.
أما الراصد النقابي لعمال الأردن في موقع رنان حاتم قطيش أن الحد الأدنى للأجور الذي يبلغ 260 دينارا، يعتبر متدنيا جدا ولا يتناسب مع التضخم وتراجع الأوضاع الاقتصادية في المملكة، مشددا على ضرورة تعديل قيمة الأجر بمرور الوقت، خاصة مع تصاعد معدلات التضخم وتراجع الأوضاع الاقتصادية.
من جانبها تشير وزارة العمل إلى أنها تلقت عبر منصة "حماية" الإلكترونية 180 شكوى عمالية حول تلقي أقل من الحد الأدنى للأجور خلال عام 2023، فيما تلقت الوزارة خلال الـ3 شهور الأولى من العام الجاري 34 شكوى عمالية بهذا الشأن فقط، مؤكدة بأن قيام الفرق التفتيشية التابعة لوزارة العمل بأكثر من 24 ألف منشأة للتفتيش على بند "تلقي أقل من الحد الأدنى للأجور" خلال عام 2023.