بعد تفعيل قانون المساءلة الطبية.. أمد التقاضي يعيق البت في القضايا
أعادت حادثة وقوع خطأ طبي في إحدى المستشفيات الحكومية، الدعوات بضرورة تفعيل قانون المساءلة الطبية، للحد من المخاطر التي يتعرض لها المرضى، والتي قد تصل إلى حد الوفاة، ناهيك عن أهمية إنهاء إشكالية بطء إجراءات التقاضي، وفق ما نص عليه قانون المساءلة الطبية.
فتعرض احدى الفتيات لخطأ طبي بعد اجرائها لعملية جراحية، تم استئصال كليتها السليمة بدلا من التالفة، هي واحدة من بين 150 إلى 200 من عدد شكاوى الأخطاء الطبية التي تصل إلى نقابة الأطباء وزارة الصحة سنويا.
وعلى إثر هذه الحادثة أعلنت وزارة الصحة أنها قامت بتشكيل لجنة تحقيق للوقوف على حيثيات هذا الخطأ الطبي، واتخاذ الإجراءات الطبية كافة، للتخفيف من تداعيات هذا الخطأ على المريض، موضحة أنها ستعلن عن نتائج تحقيقاتها حول ما جرى وبكل شفافية.
ينص قانون نقابة الأطباء الاردنية، وفق المادة 73، على وجوبية إخطار المجلس قبل الشروع بالتحقيق في أي شكوى، و يشكل الوزير لجنة فنية أو أكثر برئاسة من يسميه الوزير وعضوية أربعة أطباء.
نقيب الأطباء الأسبق الدكتور أحمد العرموطي يوضح أن الأخطاء الطبية تحدث في مختلف العالم، وأن نسبة وقوعها في الأردن ضمن المعدلات الطبيعية وقد تكون أقل من المستويات العالمية.
ويشير العرموطي إلى أنه وفق قانون المساءلة الطبية، يتم التعامل مع الأخطاء الطبية من خلال مساءلة الكادر الطبي المشترك بالتعامل مع الحالة المرضية التي تعرضت الى خطأ طبي، لمعرفة من المتسبب من خلال التحقيقات والتعامل معه وفق القانون.
وللحد من وقوع الأخطاء الطبية يشدد العرموطي على أهمية اتباع الإجراءات الطبية اللازمة لمنع حدوث الخطأ، والتأكد من جاهزية الكادر الطبي من حيث اختصاصاتهم واعدادهم وتواجدهم.
300 قضية خطأ طبي منظورة أمام القضاء
رغم اقرار قانون المساءلة الطبية منذ عام 2018، الذي عرف الخطأ الطبي بأنه "أي فعل أو ترك أو إهمال يرتكبه مقدم الخدمة ولا يتفق مع القواعد المهنية السائدة ضمن بيئة العمل المتاحة وينجم عنه ضرر"، إلا أنه لم يتم تفعيله بشكل كامل، نظرا لعدم وجود نظام خاص يتضمن قواعد مهنية للخدمات الصحية، بحسب خبراء في مجال الصحة.
وبحسب ورقة صادرة عن منظمة النهضة العربية للديمقراطية والتنمية مؤخرا تحمل عنوان "جودة الخدمات الصحية والمسؤولية الطبية" توضح بأن المشرع لم يحدد أهمية وجود قواعد مهنية، وهي نقطة بحاجة إلى إقرار وتطوير نظام خاص بها، والإشارة إلى بيئة العمل المتاحة التي تتطلب توفير بيئة عمل مناسبة قادرة على تهيئة الظروف المناسبة لمقدمي الخدمات الطبية.
ويوضح الناطق الإعلامي والأمين العام للمجلس القضائي القاضي وليد كناكريه، أن سرعة الفصل في هذه القضايا يرتبط بشروط أبرزها الحصول على تقرير الخبرة الفنية، والذي يصدر عن لجنة متخصصة مكونة من 5 إلى 9 أطباء في وزارة الصحة، وقد يأخذ عاما كاملا حتى يصل إلى المحكمة مما يعطل تقدم سير الدعوى القضائية.
ومن مهام القضاء في قضايا الأخطاء الطبية، الاستماع لأطراف القضية كافة، والتي من بينها بيِنات النيابة العامة والمدعي بالحق الشخصي ووكلاء الدفاع باعتبار ذلك من ضمانات المحاكمة العادلة وفق القانون والمواثيق الدولية، وتصدر المحكمة حكمها مباشرة بعد اكتمال ذلك، ولا تأجيل لأي جلسة في أية قضية دون وجود سبب أو مبرر واضح وقانوني.
بحسب المجلس القضائي، تتطلب قضايا المسؤولية الطبية الاستماع إلى شهود النيابة العامة، والذين هم في غالبيتهم أطباء وتحتاج مناقشتهم والاستماع إليهم لوقت كاف ومنهم من يتم الاستماع إليه في عدة جلسات للتثبت من وجود الخطأ الطبي كون الشهادة تتضمن العديد من الأمور الفنية والطبية.
كما أنه خصص في المحاكم الرئيسية هيئات قضائية للنظر في قضايا الأخطاء الطبية، ويجري عقد جلسات متتالية لنظرها، وأن إطالة أمد التقاضي في قضايا المسؤولية الطبية يعود لعدة أسباب أهمها عدد الشهود المطلوب سماعهم وانتظار ورود تقارير الخبرة الفنية.
هذا وصرح وزير الصحة الدكتور فراس الهواري سابقا، على أهمية إنعاش قانون المساءلة الطبية، في وقت تشهد فيه المحاكم ما يقارب نحو 300 قضية منظورة أمام القضاء من خلال هذا القانون.