بمزيج من نكهة المشقة والشقاء يمضي أطفال مخيم الزعتري في رحلتهم الدراسية في كل عام، متحدين الواقع الذي يعيشونه من عدم توفر عملية تعليمية تكاملية تعمل على رفع مستواهم التعليمي، بالتزامن مع انقطاع التيار الكهربائي جاعلا واقعهم مظلماً يكسوه ظلمة الحياة والواقع التعليمي.
وبتأمل تفاصيل المشهد من خلف جدران المخيم، نشاهد حقيقة تردي المستوى التحصيل التعليمي لدى أطفال المخيم، جراء شكوى الأهالي، بالتزامن مع محاولاتهم المستمرة في التغلب على ازمة الكهرباء التي تحيل بين رغبة الأطفال بالدراسة وهروبهم من استكمال واجباتهم المدرسية.
أهالي يشتكون الواقع
ويقول محمد خلف أب لطفل، درست التربية في سوريا وامتلك معرفة واسعة بالمجال التعليمي التربوي، وذلك ما يجعلني استطيع تقدير المستوى العام للعملية التعليمية داخل مدرسة طفلي، والتي اصفها بغير كافية في ظل تواجد كوادر تعليمية غير مأهولة بشكل يستطيع تأسيس الأطفال من نقطة الصفر والقدرة التعامل مع ظروفهم النفسية التي يعيشونها.
ويضيف خلف أن الظروف التي يعيشها أطفالنا في المخيم غير مهيأة لتقف أمام مسار يومنا انقطاع التيار الكهربائي، وذلك يجعلنا نعيش حالة مرهقة في اقناع أطفالنا بانهاء واجباتهم المدرسية عقب وصولهم المنزل لإنهاء دراستهم قبل حلول الظلام.
بينما غالية التي تسارع الوقت للانتهاء من الواجبات المنزلية بعد انتهاء يوم عملهم، الجلوس مع أطفالها لمتابعة واجباتهم المدرسية التي توصفها بالمراهقة جراء اعتماد ارسالها على موقع التواصل الاجتماعي واتس اب، مما يجعل الطفل والأهالي بتشتت فكري بعملية متابعة الواجبات والعمل على إقناع الطفل بأن الواجب مرسل له الالكتروني.
وتشير غالية أن نظام انقطاع الكهرباء والذي يكون 5 ساعات وصل خلال اليوم مرهق، جراء اعتماد ضوء الهاتف المحمول لإنهاء كافة مهام ومراجعات للاطفال وتعليمهم استمر ما يزيد عن 4 ساعات يوميا، وذلك يجعلني أعيش حاله من الضغط جراء حرصي في تعليم أبنائي. معتبرة بأن التحصيل التعليمي يتوقف على الطالب بشكل أساسي ومتابعة الأهل، ويلعب المعلم محور العنصر المكمل للعملية التعليمية.
وتؤكد أم محمد سورية تقطن مخيم الزعتري، أن العملية التعليمية داخل المخيم بحاجة إلى ضوابط داخل المرافق المدرسية، وذلك جراء متابعتي لاطفالي وزيارتهم للمدرسة لاكثر من مرة لم أجد المعلمون داخل الفصل المدرسي وذلك جعلني انتقدهم والمطالبة لأكثر من مرة الاهتمام بالأطفال و التزام المعلم بأداء مهمته المدرسية الموكولة له.
وتحاول جاهدة أم محمد مسارعة الوقت لمتابعة كافة المواد والواجبات المطلوبة من أبنائها، وقيامها في تبسيط المعلومات، في وقت المعلمون معظمهم لا يقوموا بالمتابعة مع التلاميذ، وذلك يزيد من تعقيد الأمور أمامها نتيجة عدم توفر التيار الكهربائي، مشيرة أن الأمور تزيد تعقيدا خلال فترة البرد القارس مما يجعلنا أمام واقع معقد.
المفوضية: هنالك فجوة
قالت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، على الرغم من الجهود المبذولة لتوفير التعليم لنحو أربعمائة وخمسين ألف طفل سوري لاجئ، إلا أن هناك الكثير من الفجوات إذ تصل نسبة الأطفال غير الملتحقين بالمدرسة في الدول الخمس المستضيفة للاجئين إلى ثلاثة وخمسين في المائة.
وذكرت إحصائيات للمفوضية أن عدد المدارس في المخيم يبلغ 32 مدرسة، تضم 21520 طالباً وطالبة، ويعمل فيها نحو 900 معلم ومعلمة. مخيم الزعتري · وزارة التربية والتعليم.
التربية: المدارس غير مجهزة
وقال ضابط ارتباط مدارس المخيمات اللاجئين السوريين /الزرقاء الثانية نبيل الحامد، أن المدارس جاهزة بشكل جيد جدا من ناحية السلامة العامة وتوفر جميع المعدات والأدوات، ولكن لا تقارن بالمدارس الحكومية كونها عبارة عن كرفانات ولا تتوفر ساحات اصطفاف للطلاب مجهزة.
وأضاف أن الكهرباء متوفرة في المدارس وداخل الغرف الصفية والكادر التعليمي والإداري (الكرفانات) ويوجد متابعة مستمرة من ضابط الارتباط مدارس المخيمات اللاجئين السوريين، وفي حالة انقطاع الكهرباء يتم التعامل مع الموضوع حسب الأصول والجهات المعنية بالموضوع ومن الممكن أن يؤثر ذلك على سير العملية التعليمية.
تكلفة التعليم مرتفعة
ووفق الخطة الاستراتيجية لوزارة التربية والتعليم 2018-2022، اتضح بأن أعداد الالتحاق الطلبة السوريين الملتحقين بالمرافق المدرسية شهد ارتفاع متدرج من عام 2013 مما أثر على مؤشرات الإنفاق الحكومي على المدارس، حيث يبلغ متوسط الإنفاق على الطالب 720 دينارا اردنيا في المدارس الحكومية التي تشرف عليها الوزارة.
وأوضحت وزارة التربية أن المدارس التابعة للوزارة يعمل أكتر من 800 مدرسة بنظام الفترتين وتم زيادة 42 مدرسة تعمل في الفترتين لهذا العام وهذا كله يشكل 20% من المدارس،وذلك لتزايد أعداد الطلاب السوريين الملتحقين إلى الفصول الدراسية، حيث بلغ عدد المدارس داخل مخيم الزعتري 32 مدرسة معظمها مدعومة من جهات اممية ودولية.
مختصون يستهجنون من الواقع
وحول قياس المعايير العلمية الاجتماعية والنفسية على الطلاب أوضح مختصون اجتماعيون ونفسيون بأنهم لا يملكون اطلاع وفير على أوضاع المنظومة التعليمية داخل المرافق المدرسية للمخيمات، وذلك لعدم وفرة الدراسات والمعلومات الخاصة بالمخيمات مما يجعل عملية قياس الاثار المترتبة على الطلاب يصعب قياسها.
متفقون بأن ظاهرة مثل انقطاع الكهرباء تمثل مشكلة حقيقة على المواطنين داخل المدن المتحضرة والمتقدمة ويكون رده فعل النفسية لا إرادية وذلك يخلق آثار نفسية بعدم الرغبة من القيام بأي مهام، فكيف الحال على الأطفال يعودون من فصولهم دون وجود كهرباء، ذلك يجعلهم لا يملكون الغربة الكاملة في استكمال مهامهم المدرسية ويزيد تعقيد الأمور أمام الأهالي في إقناع أطفالهم.
وأظهرت نتائج مسح أجرته المفوضية خلال عام 2021، الذي شمل عينة من نحو 32 ألفا غالبيتهم يعيشون تحت ظروف حياتية غير آمنة، ويعانون من ظروف حياتية ومعيشية صعبة، مما يكلفهم إنفاق نحو 5% من دخل الأسرة على أثمان الكهرباء.