المونتيور: هل يعبر الأردن خط الخبز الأحمر؟
نشر موقع "المونتيور" الذي يصدر باللغة الانجليزية، تقريرا حول تداعيات رفع الدعم عن الخبز في الأردن فيما اذا قررت الحكومة ذلك، ونشر الموقع أن الممكلة التي تعاني من وضع اقتصادي خانق تحاول أن تلبّي شروط بعثة صندوق النقد الدوليّ كافّة ضمن اتّفاق وقّع في آب/أغسطس 2016، يسمح بتزويد الأردن بمبلغ 723 مليون دولار كقروض على مدى ثلاث سنوات لدعم برنامج الإصلاح الاقتصادي والمالي في البلاد.
نص التقرير
تناقش السلطات الأردنيّة رفع الدعم عن مادّة الخبز الذي اعتبرته طيلة السنوات الماضية خطّاً أحمر. تبرّر السلطات توجّهها إلى رفع الدعم عن الخبز بوجود 3 ملايين مقيم غير أردنيّ يستفيدون من دعم الخبز إلى جانب 7 ملايين مواطن أردنيّ. ويقول الناطق باسم الحكومة الأردنيّة محمّد المومني في حديث إلى قناة رؤيا الفضائيّة في 28 تشرين الأوّل/أكتوبر،"ما مجموعه (140) مليون دينارًا يذهب الى دعم الخبز المُستهلك من قبل غير الأردنيين البالغ عددهم (3) مليون الى جانب الهدر والإسراف غير المقبول."
تحاول المملكة الأردنيّة الهاشميّة التي تعاني من أزمة اقتصاديّة خانقة، أن تلبّي شروط بعثة صندوق النقد الدوليّ كافّة ضمن اتّفاق وقّع في آب/أغسطس 2016، يسمح بتزويد الأردن بمبلغ 723 مليون دولار كقروض على مدى ثلاث سنوات لدعم برنامج الإصلاح الاقتصادي والمالي في البلاد.
ومن بين هذه الشروط إزالة التشوّهات في الميزانيّة ووقف دعم السلع، تحت اسم "برامج التصحيح الاقتصاديّ" التي وضعها الصندوق منذ عام 1989، والتي شكّلت حسب خبراء اقتصاديّين ومعارضين أردنيّين "جوهر السياسات الاقتصاديّة للحكومات الأردنيّة المتعاقبة".
يعتقد الخبير الاقتصاديّ فهمي الكتوت في تصريح إلى "المونيتور" أنّ "صندوق النقد الدوليّ يفرض سياسته على الدول المدينة ومن بينها الأردن، ويلزم تلك الدول برفع الدعم عن أيّ سلعة وتحرير الأسواق والتجارة ورفع الضرائب المباشرة وغير المباشرة، كي تتمكّن الحكومة من الحصول على قروض جديدة".
إلّا أنّ الحكومة الأردنيّة وعلى لسان المومني، أكّدت إلى قناة رؤيا، أنّ الحكومة هي صاحبة القرار برفع الدعم عن الخبز أو أيّ قرار اقتصاديّ آخر، وأنّ صندوق النقد مجرّد مستشار، والرأي النهائيّ برفع الدعم عن الخبز أو طريقة توزيعه يعود إلى الحكومة.
الحديث عن رفع الدعم عن الخبز ليس بالجديد، فقد حاولت حكومات أردنيّة سابقة من حكومة فايز الطراونة في عام 2012 إلى حكومة عبد الله النسور بين عامي 2014 و2016 رفع الدعم عن الخبز الذي يعتبر سلعة أساسيّة للأردنيّين، إلّا أنّ الكلفة السياسيّة والاجتماعيّة وقفت حجر عثرة أمام مخطّطات تلك الحكومات، في ظلّ حراك أردنيّ عمّ المحافظات الأردنيّة أثناء الربيع العربيّ.
يقول الخبير الاقتصاديّ سلامة الدرعاوي، وهو محرّر وكاتب عمود في موقع المقرّ الإخباريّ، لـ"المونيتور" إنّ "صندوق النقد الدوليّ يطلب من الحكومة رفع إيراداتها بنسب معيّنة، وتأتي الحكومة لتفكّر ما هي الإجراءات التي ستتّخذها لتوفير هذا المبلغ".
وتوقّع أن "يوفّر رفع الدعم عن الخبز ما يقارب الـ100 مليون دولار للخزينة، ناهيك عن سلع أخرى رفعت عليها ضريبة المبيعات من 4% إلى 16% حيث ستوفّر الحكومة إيرادات بقيمة 500 مليون دينار لموازنة عام 2018".
وحسب الخبير الاقتصاديّ، "ستتضرّر الطبقة الوسطى والفقيرة في حال لم تجد الحكومة آليّة مناسبة لإيصال الدعم النقديّ إلى المواطنين، خصوصاً أنّ المواطن فقد الثقة في آليّة الدعم المباشر بعد توقّف الحكومة عن صرف دعم المحروقات بعد أشهر من رفعها في عام 2014".
في عام 2014 قررت الحكومة الأردنية رفع الدعم الذي تقدمه عن المحروقات كليَا مقابل صرف مبالغ نقدية للمواطنين الا انها توقفت عن تقديم النقود للمواطنين بعد ان انخفضت اسعار المحروقات عالميا، الا أن أسعار المحروقات عادت وارتفعت عالميا ولم تقوم الحكومة بتقديم النقود للمواطنين مجددا كما تعهدت.
وتتوقّع وزارة الماليّة الأردنيّة أن تبلغ الموازنة لعام 2018 9 مليارات دينار، منها 7.5 مليارات دينار نفقات جارية يذهب جلّها رواتب، وقدّرت الموازنة التأشيريّة للعام المقبل، وسط ارتفاع معدّلات البطالة التي وصلت في الربع الأوّل من عام 2017 إلى 18,2% مقارنة بنسبة 14,6% في الفترة نفسها من العام الماضي، حسب دائرة الإحصاءات العامّة.
ويحذّر ناشطون سياسيّون أردنيّون في حديث إلى "المونيتور" من أنّ الإجراءات الاقتصاديّة الحكوميّة، وعلى رأسها رفع الدعم عن مادّة الخبز، ستشعل فتيل احتجاجات شعبيّة كالتي حدثت في عام 1989 وعرفت بـ"هبّة نيسان" وانتفاصة الخبز عام 1996. وانطلقت "هبّة نيسان" من مدينة معان في جنوب الأردن لتشمل مدن المملكة كافّة، احتجاجاً على سوء الأوضاع الاقتصاديّة والسياسيّة.
يرى الناشط السياسيّ في حراك مدينة الكرك باسل البشابشة في حديث إلى "المونيتور" أنّ "رفع الدعم عن مادّة الخبز يعتبر بمثابة إعدام للطبقتين الوسطى والفقيرة في الأردن"، محذّراً من "احتجاجات اجتماعيّة وفوضى بعد رفع أسعار الخبز، خصوصاً في مناطق الجنوب في ظلّ الأوضاع الاقتصاديّة السيّئة".
واتّهم الحكومة الأردنيّة بـ"استخدام فزّاعات لإخافة المواطن، خصوصاً في ظلّ ما يجري في الدول المجاورة من أحداث عنف، لتضع المواطن بين خيار الأمن والأمان، ورفع الأسعار".
ويشارك الناشط العمّاليّ ، البشابشة تخوّفاته من تداعيات رفع أسعار الخبز، ويقول لـ"المونيتور": قد يخلق هذا القرار الحكوميّ احتجاجات شعبيّة وثورة جياع، كون الظروف الاقتصاديّة والمعيشيّة للمواطن من سيّء إلى أسوأ بفعل السياسات الحكوميّة العقيمة والفاشلة اقتصاديّاً، التي خلّفت زيادة في الأعباء على الطبقة الأوسع والأفقر، وننصح الحكومة بمعالجة أسباب المديونيّة وعدم تحميلها للمجتمع".
نيابيّاً، يستغرب الناطق باسم كتلة الإصلاح النيابيّة (15 إسلاميّاً) تامر بينو، في حديث إلى "المونيتور" أن "تلجأ الحكومة الأردنيّة إلى رفع الرسوم والضرائب لتحقيق إيرادات للخزينة، عوضاً عن البحث عن بدائل اقتصاديّة أخرى"، مطالباً الحكومة بـ"احتساب ردّة الفعل الشعبيّة التي قد تنتج عن قرار رفع الدعم عن الخبز".
ولا يعوّل بينو على المزاج النيابيّ لأن يكون رافضاً لرفع الدعم عن الخبز، مبرّراً ذلك بـ"وجود تدخّلات رسميّة في عمل النوّاب، ووجود نوّاب يأتمرون من قبل الحكومة والأذرع التنفيذيّة لها".
يؤكّد الناطق باسم الحكومة الأردنيّة المومني لـ"المونيتور" أنّ "الحكومة لم تتّخذ قراراً حتّى الآن برفع الدعم عن الخبز أو سيناريو تقديم الدعم إلى المواطن الأردنيّ"، في وقت يُقدّرّ استهلاك الفرد في الأردن لمادّة الخبز بحوالى 90 كيلوغراماً سنويّاً، ويقدّر استهلاك الأردنيّين للخبز يوميّاً بـ10 ملايين رغيف.