اللغز يزداد غموضا والحكومة تزداد تورطا

الرابط المختصر

هل يوجد وثيقة موقعة من الجانبين الأردني والإسرائيلي تنصّ على حق الأردن في إطلاق سراح العجلوني ورفاقه الثلاثة اذا اقدمت اسرائيل على إطلاق سراح مَن ماثلهم في التهمة والحكم ولو في اطار صفقة تبادل أسرى؟
لا أحد يجيب!

كان رئيس وزرائنا حين ابرمت الصفقة قدّ أكّد وجود هذا الاتفاق بتصريحات علنية وأمام النواب، ولم نفكر في حينه ان نسأل اذا كان الاتفاق وُقّع رسميا وحصل كل طرف على نسخته. ولم يتسنّ لي قبل كتابة هذا المقال أن أحصل من وزير خارجيتنا الحالي أو الأسبق على ما يؤكد أو ينفي وجود هكذا وثيقة في أدراج الخارجية. لكنني أغامر بالتخمين أنها غير موجودة، وفي تقديري لو وجد مثل هذا النصّ بين يدي الحكومة لما تأخرت يوما في الافراج عن العجلوني وزملائه لكن لا يوجد تفسير اطلاقا لتباطؤ الحكومة سوى انها لا تحوز على هكذا اتفاقية وهي تنتظر أو تسعى للحصول على موافقة الجانب الإسرائيلي لإطلاق سراح الأسرى.
من الجانب العملي القضية على وشك أن تحلّ تلقائيا، فلو تأخرت صفقة حزب الله شهرا لكان الأسرى خارج السجن بفعل انقضاء المدّة المقررة لهم (18 شهرا) لكن ثمّة من يسرّ في اذننا انه حتّى خروجهم في هذا الموعد ليس مضمونا وهو مرهون ايضا بموافقة اسرائيل، وهذا يقلقنا أكثر؛ اي ان تكون الحكومة دفعاً للحرج قدمت تصورا للاتفاق أفضل مما حصلت عليه في الواقع.
الحكومة الحالية لا تعطي اي معلومات, بل وتكاد تعطي الانطباع أنها لا تملك المعلومات حول حقيقة الصفقة التي ابرمتها الحكومة السابقة، والناطق الرسمي وزير الدولة لشؤون الاعلام يقفز عن المعلومات ويجد طريقته لتبرير الموقف فيقول أن تفكيرنا يذهب لبقية اسرانا في اسرائيل فلا نريد القيام بخطوة تخرب فرص اطلاق سراحهم. في هذا الكلام اشارة ضمنية ان إطلاق سراح العجلوني ورفاقه هو خطوة احادية الجانب تتجاوز على الاتفاق، فهل هذا صحيح؟ والأسوأ أن الوزير يتملص من الورطة الحالية بالتورط في التزام أدهى وأمرّ هو فوق طاقة الدولة الاردنية!
 اذا كانت قد لزمت كل تلك الجهود المريرة ولسنوات طويلة -تابعناها ونعرف تفاصيلها- لكي تقتنع اسرائيل بإخراج اربعة هم اسرى ما قبل اتفاقية وادي عربة، فكيف يمكن الضغط على اسرائيل لإطلاق سراح كل من اعتقل وحوكم من ذلك الحين وحتّى الآن لمجرد انه يحمل الرقم الوطني الاردني؟! نقصد كيف يمكن القول للإسرائليين ان هذا الاسير الذي قام  بعملية مسلحة قبل عامين والمحكوم بالمؤبد يجب ان يطلق سراحه دون زميله المحكوم بنفس التهمة في نفس القضية لأن الأول يحوز على المواطنة الاردنية العتيدة! عند من نبيع هذا الكلام؟! شاءت لجنة الأسرى عندنا أم أبت فقضية المعتقلين في فلسطين قانونيا ومنطقيا وواقعيا هي واحدة للجميع باستثناء من كانوا مواطنين اردنيين معتقلين قبل المعاهدة فقد حق للأردن المطالبة بهم كجزء من تصفية حالة الحرب وذيولها، هل بقي من هؤلاء أحد في سجون الاحتلال؟ وما هي بالضبط الحالات الـ19 التي ألزم الوزير نفسه بها؟!
ربما تكون حقيقة الورطة الحالية أن الحكومة لا تملك وثيقة تسمح لها بإطلاق سراح العجلوني وزملائه, وهي لم تحصل حتّى الساعة على موافقة اسرائيلية. الاعتراف بهذه الحقيقة التي تشرح اللغز خير من الهرب الى الأمام والتذرع بالتزام أكبر "تتلبسه" الحكومة و"يتلبسه" الوزير الذي عليه أن يتدبر أمره غدا مع اللجنة الوطنية للأسرى فهي ستلاحقه ليل نهار على هذا الالتزام الذي لا نقدر عليه، وكيف نقدر عليه ونحن لم نقدر على تبكير اطلاق سراح العجلوني ورفاقه ثلاثة اسابيع قبل الموعد المفترض!

الغد*