ترقب لقرارات ترامب وتأثيراتها على المشهد السياسي والاقتصادي

الرابط المختصر

بعد الإعلان عن فوز دونالد ترامب في انتخابات الرئاسة الأميركية، تترقب الساحة السياسية والشعبية أبرز القرارات التي قد تصدر بعد توليه المنصب رسميا في الـ 20 من شهر كانون الثاني المقبل، لعل أبرزها وقف الدعم الأمريكي لإسرائيل منذ حربها المستمرة على قطاع غزة والضغط لوقف هذه الحرب، وحول مصير "صفقة القرن" التي اقترحها خلال ولايته الأولى. 

وعقب إعلان فوزه، شكر ترامب الشعب الأميركي بقوله "حققنا نصرا سياسيا لم تشهد بلادنا مثله من قبل "، "فزنا في الولايات المتأرجحة، وصنعنا التاريخ الليلة، وهذا نصر سياسي، سنبدأ العصر الذهبي للولايات المتحدة".

وجاء فوز الجمهوري ترامب على عكس التوقعات واستطلاعات الرأي، ليصبح الرئيس 47 خلفا للرئيس الأميركي جو بايدن، والتي كانت تشير إلى أن نائب الرئيس  كامالا هاريس تتقدم بفارق ضئيل على الرئيس السابق دونالد ترامب بين الناخبين المحتملين على المستوى الوطني، بنسبة 51% مقابل 47%.


 

ماذا بعد تولي ترامب ؟


 

السياسي أسامة الشريف يرى في حديثه لـ "عمان نت"، أن استطلاعات الرأي فشلت مجددا في توقع توجهات الناخب الأمريكي، حيث كانت التوقعات تشير إلى منافسة متقاربة بين الطرفين، إلا أن الفوز الساحق وغير المتوقع للرئيس الأسبق دونالد ترامب سيترك انعكاسات كبيرة ليس فقط على الساحة الأمريكية، بل على العالم، خاصة منطقتنا.

بالنسبة لمنطقتنا، يشير الشريف إلى ثلاث قضايا رئيسية، القضية الأولى هي إنهاء الحرب في غزة، إذ يعتقد أن ترامب يدرك عدم شعبية هذه الحرب، سواء داخل الولايات المتحدة أو حتى داخل إسرائيل، حيث يواجه نتنياهو انتقادات داخلية بسبب فشله في إعادة الرهائن وإطالة أمد الحرب وتكلفتها الاقتصادية الباهظة على الخزينة الأمريكية،  متوقعا أن يضغط ترامب على نتنياهو لإنهاء الحرب في غزة ولبنان قبل توليه منصبه رسميا في 20  من شهر كانون الأول المقبل.

القضية الثانية تتعلق بـ "صفقة القرن"، والتي يعتبرها ترامب أحد أهم إنجازات ولايته الأولى،  معتبرا الشريف أن تحقيق هذه الصفقة مرتبط بوقف الحرب في غزة، كما أن مستقبل نتنياهو السياسي يؤثر بشكل مباشر على إمكانية إتمام هذه الصفقة.

أما القضية الثالثة فتتعلق بإيران، حيث تعهد ترامب منذ ولايته الأولى بعدم السماح لطهران بامتلاك سلاح نووي، وقد كرر هذا التعهد مؤخرا، ومع غياب حل سياسي، قد يلجأ إلى وسائل عسكرية أو اقتصادية لضمان ذلك، خاصة بعد انسحابه من الاتفاق النووي في فترته الأولى.

الشريف يشير إلى أن لدى ترامب رغبة في استكمال "صفقة القرن" أو اتفاقيات أبراهام، وقد يمضي في دعم ضم أجزاء كبيرة من الضفة الغربية لإسرائيل، بما فيها غور الأردن، بغض النظر عن الحكومة الإسرائيلية المقبلة. وهناك تساؤلات حول مصير غزة ومن سيتولى إدارتها، وهل ستعود السلطة الفلسطينية إليها، وكيف سيتم إعادة الإعمار.

من ناحية الأردن، يرى الشريف أن الموقف الأردني لا يحسد عليه، ويجب أن يواصل التواصل مع المجتمع الدولي، خاصة مع أوروبا وروسيا، لتحذيرهم من تداعيات ضم الأراضي الفلسطينية على الأمن الإقليمي ومستقبل القضية الفلسطينية، وذلك تجنبا لاشتعال الصراعات في المنطقة.



 

قرارات ترامب في الولاية الأولى 


 

خلال ولاية دونالد ترامب الأولى، اتخذت إدارته عدة خطوات على الصعيدين الدولي والمحلي، من أبرزها "صفقة القرن" حيث وضع ترامب خطة تعرف بصفقة القرن تهدف إلى حل النزاع الإسرائيلي الفلسطيني، وكان من المقرر أن يطرحها صهره جاريد كوشنر في مؤتمر البحرين يومي 25 و26  في شهر حزيران عام 2019، ومنذ الإعلان عن الصفقة، قوبلت برفض فلسطيني واسع، وخرجت مظاهرات عديدة رافضة لبنودها.

وفي عام 2017، اعترفت إدارة الرئيس دونالد ترامب رسميا بالقدس عاصمة لإسرائيل، معلنة بناء سفارة أمريكية جديدة في القدس، لاقى هذا القرار ترحيبا كبيرا من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

رغم رفض غالبية قادة العالم قرار ترامب بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وعقد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة اجتماعا طارئا، أدان 14 من أصل 15 عضوا هذا القرار،  الا أن الولايات المتحدة استخدمت حق النقض لإحباط أي تحرك لصدور قرار إدانة.

وفي عام 2018، أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية أن السفارة الأمريكية الجديدة ستفتح رسميا في القدس في 14 من شهر ايار 2018، بالتزامن مع الذكرى السبعين لما تعتبره إسرائيل بإعلان "استقلالها" عن سلطة الانتداب البريطاني على فلسطين.

ومن القرارات أيضا، في عام 2018، قررت إدارة ترامب وقف التمويل كليا عن وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، حيث قررت تخفيض الدعم السنوي الذي تقدمه الولايات المتحدة للوكالة من 365 مليون دولار إلى 125 مليونا، لم تقدم منها للعام الجاري إلا 60 مليونا فقط.

وكان التمويل الأمريكي يشكل ثلث ميزانية الأونروا، مما أثر بشكل كبير على حياة ملايين اللاجئين الفلسطينيين في الضفة الغربية، وقطاع غزة، والأردن، وسوريا، ولبنان.


 

فوز ترامب والاقتصاد .. 


 

تأثرت الأسواق العالمية بشكل كبير عقب الإعلان عن فوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، حيث تعتبر الولايات المتحدة من أكبر القوى الاقتصادية المؤثرة عالميا، ومن المتوقع أن يساهم ترامب في تغيير السياسة الاقتصادية الأمريكية بشكل ملحوظ، بحسب الباحث والمحلل الاقتصادي عامر الشوبكي.

ويوضح الشوبكي في حديث "لعمان نت" أن ارتفاع الدولار أدى إلى تراجع أسعار النفط، حيث انخفضت بحوالي 2% حتى الآن، كما انخفضت أسعار الذهب متأثرة بارتفاع قيمة الدولار، إلا أنه يتوقع ارتفاع أسعار الذهب في المستقبل القريب.

ويضيف أن العملات المشفرة شهدت قفزة في الأسعار، إذ يدعمها ترامب بشكل واضح، كما ارتفعت مؤشرات البورصات الأمريكية والأسيوية تأثرا بفوزه، باستثناء السوق الصينية التي تواجه انخفاضا، كما أن سياسة ترامب الاقتصادية ستركز على مواجهة الاقتصاد الصيني، وقد تصل الرسوم الجمركية على البضائع الصينية إلى 60%، كما سيعيد ترامب ترتيب الميزان التجاري بين الولايات المتحدة وأوروبا ودول أخرى.

من جهة أخرى، ستشهد السياسة الاقتصادية العالمية تغييرات كبيرة خلال السنوات الأربع المقبلة تحت حكم ترامب، تشمل تقليص التركيز على مكافحة التغير المناخي وزيادة إنتاج الوقود الأحفوري، حيث يسعى ترامب لجعل الولايات المتحدة أكبر منتج للنفط، مع تعزيز الإنتاج في أماكن مثل ألاسكا، كما يتوقع أن يفرض رسوما جمركية بنسبة تصل إلى 10% على بعض الواردات الأوروبية، مع سعيه لترويج المنتجات الأمريكية عالميا، بحسب الشوبكي.

أما بخصوص أسعار الفائدة، يتوقع أن يعلن رئيس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي عن تخفيض جديد قد يصل إلى 0.25% (25 نقطة أساس)، ما سينعكس إيجابيا على المقترضين في الأردن والعالم.

وفقا لاستطلاعات الرأي نشرته "رويترز"، يشير إلى أن نحو 31% من الناخبين قالوا إن الاقتصاد كان القضية الأهم بالنسبة لهم، وصوتوا لصالح ترامب بنسبة 79% مقابل 20 بالمئة لهاريس، كما قال نحو 45% من الناخبين في مختلف أنحاء البلاد إن الوضع المالي لأسرهم اليوم أسوأ مما كان عليه قبل أربع سنوات، وصوتوا لصالح ترامب بنسبة 80% مقابل 17%.