الكورونا يوفر فرصة ذهبية لثورة في التعليم

الرابط المختصر

تواجه المنطقة والعالم زلزال كبير بسبب جائحة الكورونا. ولكن كما في كل أزمة يمكن إيجاد فرصة تاريخية لتغيير أمور يصعب تغييرها. فالتعليم على سبيل المثال لا الحصر قد يكون أكثر قطاع مناسب للتغيير جذريا في حال كان هناك رغبة واستعداد لذلك.

لنبدأ في التعليم الجامعي.

فبعد أن رأينا ما حدث فيما يتعلق بنتائج امتحان التوجيهي فقد آن الأوان أن تتوسع شروط القبول الجامعي وعدم حصرها في نتائج امتحان واحد. فمن المعروف عالميا أن شروط القبول الجامعي غالبا ما يتم على ثلاث أسس: معدل السنوات الأربع الأخيرة في الثانوية، نتائج امتحان عام موحد ومقابلة شخصية أو نص إنشائي من الطالب أو الطالبة المتقدم/ة يوضح موقفه/ها من أي أمر بما فيها لماذا ت/يرغب بالتعليم العالي في التخصص المعين.

عندما تسأل أي طالب/ة توجيهي لماذا اخترت هذا التخصص غالبا ما يكون الجواب "هذا اللي طلعلي" أي أن الطالب/ة تقدم تخصص لا ت/يرغبه ولكنه ما سُمح له دخول الجامعة. ونرى نتيجة هذا التخبط في العدد الكبير من الخريجين الذين يعملون اليوم بتخصصات غير تلك التي تخرجوا بها. إذا فنحن أمام أزمة يجب أن نجد لها حل وقد يكون ما حدث من غياب قدرة نتائج التوجيهي الفصل الواضح للطلاب حسب كفاءتهم فرصة ذهبية لكي تبدأ جامعاتنا بتطبيق مبدأ التعددية في وسائل تحديد القبول الجامعي.

طبعا في نقاش موضوع القبول الجامعي يجب ألا ننسى ضرورة إنهاء أحد أسوأ القرارات في تاريخ التعليم العالي ليس فقط على مستوى الأردن بل عالميا. ففكرة "الموازي" تعتبر جريمة حقيقية بحق التعليم العالي ومخالفة غير مقبولة للدستور الأردني في مادته السادسة.  ينص المادة على مساواة تامة للأردنيين دون تمييز. فكيف تقبل الدولة الأردنية بتمييز واضح مبني على أساس القدرة المالية؟ فهل يعقل أن تقبل جامعة بتخفيض العلامة المقبولة للطلاب قادرون مالياً في حين يحرم الطالب الفقير نفس الفرصة؟ واي تعليم سيكون عندما يكون القبول مبني على القدرة المالية لا على كفاءة الطلاب؟ فتدني التعليم العالي وغياب الأردن (ومعظم الجامعات العربية) من التفوق عالميا وحتى ذكرها في أول مئة جامعة او حتى أول خمسمئة جامعة عالمياً يعود جزئيا لارتكاب هذه الجريمة في موضوع الموازي.

طبعا الجانب المالي يبرز عند الحديث عن الموازي وهو أمر يجب أن يتم أيضا مراجعته. فالتعليم بالأساس يجب أن يكون خدمة للمجتمع وليس مصدر للربح التجاري. فكبرى جامعات العالم من دون استثناء هي جامعات غير ربحية. ولكن يتم التلاعب في الأردن على الموضوع حيث يتم السماح للجامعات بالترخيص شركات غير ربحية ولكن في نفس الوقت يسمح للقائمين عليها بالارتباط بشركات ربحية تقوم بالأعمال التجارية الربحية على حساب جودة التعليم ومبدأ المساواة للطلاب من دون تمييز لمن هو/هي قادر/ة على الدفع.

 

من ناحية أخرى تحاول الحكومة الأردنية الاستفادة من الجائحة لتقليل الاعتماد على العمالة الأجنبية وزيادة عمل الأردنيين من أجل تقليل البطالة. ومن المعروف أن العمالة الوافدة تعمل في مجال الأعمال المهنية. فهل من الممكن الاستفادة من الجائحة لتغيير التخصصات الجامعية وإدخال تخصصات مهنية وحتى إمكانية العودة للجامعات المجتمعية المتوسطة والتي تركز على التعليم المهني؟

الأردن ليس بحاجة الى بطالة كبيرة من بين خريجي الجامعات بل بحاجة الى إعادة تفكير في التخصصات لتتلاءم مع حاجات السوق.

طبعا الأمر نفسه ينطبق على التعليم الخاص الابتدائي والثانوي والذي أيضا يمر الآن بأزمة بسبب جنوح العائلات من المدارس الخاصة الى العامة بسبب جائحة كورونا وعدم قناعة الأهل أن للمدارس الخاصة ميزه في موضوع التعليم عن بعد.

لقد جاءت جائحة الكورونا بالعديد من المصائب والأزمات ولكنها أيضا وفرت فرصة لثورة قد تكون مصدرا لنهضة حقيقية لو تم التعامل معها، فهل من مجيب؟ وهل من الممكن ان يتم اعادة التفكير بثوابت جلبت للتعليم الدمار والضعف؟