القدس والضوء الاسرائيلي !!..
مهرجان الضوء في البلدة القديمة هذا العام يمكن وصفه بانه وقح اكثر، واكثر احتلالا منه من مجرد كونه مهرجان فني تقني، وعليه فان كل من شارك ( وقد شارك به الكثيرون من الفنانين الاوربيين بشكل خاص من ايطاليا وفرنسا وهولندا وغيرها من الدول التي يتغنى الفلسطينيين بحبهم لهم) في هذا المهرجان يكون فعلا قد شارك بصورة فعالة بتعزيز الاحتلال الذي يزداد وقاحة يوما بعد يوم، فالعام الماضي كان المهرجان عبارة عن بعض الالعاب الضوئية على باب العامود وباب الخليل وفي قلعة داود، هذه الاعمال الضوئية البهلوانية ابهرت من شاهدها، ولكن هذا العام كان المهرجان اكثر عدوانية واقل احتراما للسكان العرب حيث قرر القائمون على المهرجان الذي يكلف الخزينة الاسرائيلية الملايين من الدولارات، ان يكون المهرجان في قلب الحي الاسلامي ( وبالتاكيد سيتم تغير اسمه قريبا كما حدث مع غيره من اماكن فمغارة سليمان اصبحت اسمها مغارة صدقياهو الى اخر القائمة الطويلة ) بالبلدة القديمة وان يكون اثبات اكثر بان القدس يهودية رغب العرب الفلسطينيون بذلك ام لم يرغبوا.
فما معنى ان تعرض على باب العامود بحلته الجديدة قصة ضوئية باللغة العبرية وانت تعترف ان غالبية من تواجد هناك في ساعات المساء كانوا من سكان القدس العرب( والذين خرج قسم منهم لمشاهدة هذا المهرجان من باب حب الاستطلاع ومن باب الشعور لدى البعض انهم جزء من هذه المدينة حتى لو كان الحدث هو للاخر )، وما معنى ان تخصص الاذاعة الاسرائيلية باللغة العربية برنامجا خاصا وببث حي من باب الخليل للحديث عن مهرجان الضوء حيث قامت المذيعة ايمان القاسم بتولى مهمة الدعاية له لهذا المهرجان بمساعدة فرق موسيقية عربية وفنانين عرب من داخل اسرائيل، واعطاء شعور( مخادع) لدى المستمع وخاصة في العالم العربي بان كل شئ طبيعي وان البلدة القديمة انقلب ليلها نهارها، وان السكان الفلسطينين العرب خرجوا على بكرة ابيهم يرقصون في ازقتها طربا بهذا المهرجان وان كل الشوراع في القدس الشرقية تتغنى بهذا الضوء الذي اضاء الظلام الذي يلف حياتهم ! وهذا ليس صحيحا على الاطلاق، فعلى بعد امتار معدودة من باب العامود يسود الطلام والهدوء وتخلو الشوراع من المارة سوى من خفافيش الليل..
ما علينا
المهم، ان مهرجان الضوء لهذا العام اظهر ان اسرائيل ماضية بمخططها وبسرعة تفوق سرعة الضوء وبدون حتى الالتفاف الى الاخر غير الموجود بالنسبة لها، وقريبا سوف تثبت اسرائيل للعالم بان القدس هي يهودية ولم تتغير من الاف السنين، كما اظهر هذا المهرجان العجز الكامل الذي تعيشه القيادة المحلية والقيادة الفلسطينية بصورة عامة، تلك القيادة التي تتقن فن الحديث عبر الاذاعات وتتقن فن الوقوف امام شاشات الفضئيات اما محذره او متباكية او مهولة او مبالغة، ولكن لم نسمع من تلك القيادات المحلية اي شئ عملي يساهم في تنشيط الحياة التجارية الميته في القدس او الحياة الثقافية التي تقتصر على مؤسسة فاعلة ومؤسسة نايمة ولكن لها صيت الفاعلة !! او الحياة الاجتماعية المتفككة ناهيك عن الحياة التعليمية التي تسير من انهيار الى انهيار، تلك القيادة المحلية ( الاصح ان نقول القيادات المحلية حيث يعتقد البعض ان هناك اكثر من سبع مرجعيات محلية في القدس والحبل على الجرار ؟! وما هي دورها ؟!) التي اكثرت الحديث في الاسابيع الماضية عن نشاط اقتصادية مبارك تنوى القيام به من اجل ضخ دم جديد في شريان القدس الجافة، ولكنها لم تتمكن من اقناع تاجر واحد او رجل اعمال واحد بالانضمام الى هذا النشاط الذي كان مصيره كمصير غيره من نشاطات كانت رائعة على الورق فقط...
والشئ بالشئ يذكر في ايام بدء الفنان المقدسي جمال اسعيد مدير جمعية ابواب القدس الاعداد للامسيات الرمضانية التي يقيمها احداها في ساحة باب العامود( وهذا يتطلب الحصول على تصريح من السلطات الاسرائيلية وهذا بحد ذاته ليس سهلا).
لنرى المؤسسات الفلسطينية( التي تتباكى على القدس ) من بنوك وشركات وزارة الثقافة الفلسطينية تقدم الدعم لمثل هذا النشاط المقدسي الفلسطيني العربي، ام اننها سوف تتهرب مثلما تفعل كل عام وتختبئ وراء ادعاءات كاذبة.. اعتقد ان الوقت قد حان لوضع النقاك على الحروف بالنسبة لتلك المؤسسة التي لا تدعم القدس الا بالكلام الفاضي والشعارات الكاذبة.
وان غدا لناظره قريب...وللحديث بقية