القدس بين عالم وعالم
في القدس الأمور تسير كما يرام ! وكأنها عبارة عن عوالم مختلفة لا تتربط بعضها ببعض، رغم أن هذا الوضع غير طبيعي جملة وتفصيلا فكل هذه العوالم هي عبارة عن دوائرة صغيرة في عجلة أكبر اسمها القدس ، ولكن ماذا نقول عن هذه المدينة التي يتحرك فيها ابناءها كل في اتجاه متوازي مع الاتجاه الاخر ولن تلتقي أبدا ، بينما يدور الطرف الاخر على شكل حلزوني بحيث تكون القدس هي مركز هذا الحراك وهي الهدف وهي الاصل!
المهم ، إليكم بعض ما جرى هذه الايام ، ولن تجدوه في وسائل الاعلام لا المكتوبة ولا المسموعة ولا المقروءه لا الفلسطينية ولا العربية، ولا طبعا الاجنبية، ففي مكان ما التقى محافظ مدينة القدس خارج المدينة مع وفد من النواب الاردنيين، والذين سمعوا كلام يعرفه الصغير قبل الكبير وحفظه العرب عن ظهر قلب عن معاناة الفلسطينين في القدس، ونقصد هنا عن المعاناة الإعلامية التي تصل إلى وسائل الاعلام ، ولكن لم يتحدث المحافظ مثلا عن معاناة المقدسي اثناء سفره عبر جسر الملك حسين، وعن المبالغ الباهظة التي يدفعها المواطن اثناء العبور، وعن التصريح الذي تم الاتفاق عليه منذ عام سبعة وستين ومنذ ذلك الوقت لم يتم تعديله رغم أن الأحوال تغيرت وتحولت ، البقاء عليه كما هو يزيد من المعاناة المقدسية، كما أن الوفد الاردني لم يسمع عن معاناة المقدسيين المعلقين بين السماء والارض فلا هم مواطينين أردنيين كاملي الحقوق ، رغم أنهم يحملون جوازات سفر أردنية مؤقتة ، ولا هم مواطنين فلسطينيين ولا مواطنين اسرائيليين لأنهم لا يريدون الجنسية الاسرئيلية ، هذا الواقع الذي لا مثيل له بالعالم يضاعف معاناة المقدسي أضعاف المرات من معاناة كل الفلسطينيين، ناهيك عن معاناة الضرائب وما إلى ذلك معاناة يعرفها الجميع ولكن لا يشعر بنارها إلا المقدسيين فقط !! طبعا هذه المعاناة لم يسمع بها الوفد الأردني لأنها شيء عادي أو لا يريد أحد أن ينكد على أحد ..!
في نفس الوقت الذي كان فيه المحافظ يستقبل الوفد الأردني خارج القدس كان موظفو الضرائب في بلدية القدس يقومون بواجبهم على أتم وجه في ملاحقة المقدسيون المدينون لمصلحة الضرائب ، ومن من سكان القدس العرب ليس مدينا للسلطات الاسرائيلية؟! فإن كنت مواطنا صالحا في دفع الضرائب فهناك التأمين وهناك الأرنونا كلها لا ترحم ولا تجعل رحمة الله تحط على رأس المقدسيين ، وبعد ذلك نجد أن الجميع يهتف باسم القدس ...
في مكان آخر في القدس اعلنت سلطة الاثار عن اكتشاف مزيد من الاثار بالقرب من حائط المبكى أو حائط البراق "يثبت" يهودية المكان الذي لا يبعد سوى أمتار معدودة عن باب المغاربة، الذي يسير العمل فيه على قدم وساق رغم انتقادات العالم العربي والاسلامي والتحذيرات الشديدة من قبل العرب والمنظمات الدولية ، فإسرائيل لا تؤمن إلا بالعمل على القول وخلق الواقع والعرب ومن وراءهم المسلمون لا يعرفون سوى القول على الفعل..!!
في مكان ثالث بالقدس تسود هذه الايام حالة من الرعب والخوف أوساط أولياء امور الطلاب والطالبات بسبب الانباء عن وجود نوع من الحبوب التي تباع أو توزع على شكل حبات حلوى ( سمارتي، هولز،) تؤدي إلى إصابة الشاب أو الفتاة بحالة من الهلوسة وتؤدي إلى إلحاق الضرر في اجزاء من الدماغ، ووفق ما يدور في اوساط الطلاب فإن هناك خمسة عشر حالة تم اكتشافها في صفوف الطلاب ، هذه الانباء أرعبت الاهل والذين شددوا على ابناءهم أخذ أقصى حالات الحيطة والحذر.. وتزامن ذلك مع نشر تقرير يحتاج إلى الكثير الكثير من الفحص والتدقيق بصورة علمية ، هذا التقرير يفيد بأن ثلث المدمنين على المخدرات في اسرائيل يتواجدون في القدس الشرقية لوحدها.
طبعا هذه الاشياء لا تصل إلى الوفد الاردني أو أي وفد آخر يلتقي القيادات في القدس !
وإن عرضت هذه الاشياء تكون بهدف الاستجداء فقط .. والقدس لا تقبل أن تكون شعارا يتم الاستجداء به ...