الف دولار كل يوم
بعد نشر الخبر في موقع "أخبار البلد" عن الديون المتراكمة للمسرح الوطني " الحكواتي" في القدس تلك الديون التي تهدد بقيام سلطة الاجراء والتفتيش الإسرائيلي ( الغول الذي يخشاه كل مقدسي ) باتخاذ خطوات عملية ستقود ( لا سمح الله) في نهاية الأمر إلى وضع اليد على المسرح الوطني في القدس لحين تسديد الديون والتي وصلت على ذمة البعض إلى أكثر من 2 مليون شيكل وهي مرشحه للزيادة. بعد هذا الخبر وصلت غرفة تحرير "الموقع" العديد من الاتصالات من محبي المسرح والغيورين على الثقافة في القدس ، يتساءلون عما يجرى في المؤسسات الثقافية في القدس وسبل إنقاذها ! لتبقى منارات تضيء سماء القدس المظلم في ليالي كانون الباردة الموحشة ..!
ما علينا !
المهم ، أنه في عملية بحث عن سبل إنقاذ المؤسسات تم رصد سريع وغير دقيق للنشاطات الثقافية لجميع المؤسسات الرئيسية في القدس خلال شهر يناير كانون ثاني للعام الحالي، يتضح منها أن مؤسسة "يبوس" أهم مؤسسة ثقافية في المدينة لم تقم الإ بنشاط واحد وهو عبارة عن عرض لفيلم فرنسي ، أما مسرح الحكواتي وهو أكبر مؤسسة ثقافية فنية في المدينة المقدسة ، فإن عدد النشاطات فيه وصلت إلى خمسة نشاطات ضيقة الجمهور ، في المقابل فانه تكلفت فتح تلك المؤسسات لأبوابها يوميا وهي جميعها مؤسسات مستأجرة لمقارها ، تلك التكلفة عالية للغاية فعلى سبيل المثال تصل تكلفة إيجار "يبوس" الى 70 الف دولار سنويا والحكواتي حوالى 40 الف دولار سنويا قصر الحمرا 120 الف دولار سنويا ، أما الحوش فهي تقريبا 35 الف دولار سنويا.
وبحسبة بسيطة فان المؤسسات الثقافية بالقدس بحاجة الى الف دولار يوميا تقريبا من اجل ابقاء ابوابها مفتوحها هذا بدون حسبة رواتب الموظفين ، وما ادراك ما هي رواتب الموظفين حتى لو كانت بسيطة للغاية, وبالتالى فإن هذا الوضع يطرح تساؤلا حول جدوى استمرار فتح هذه المؤسسات التي تعتمد على التبرعات والتمويل( يعنى على الشحدة)؟!
وكما هو معروف فان التبرعات الخارجية والتمويل الأجنبي لا يشمل الرواتب أو الديون مما يبقى المؤسسات في دوامة البحث عن التمويل، خاصة وان غالبية هذه المؤسسات لا تملك رؤية استراتيجية و خطة تسويقية لها ولنشاطاتها في الشارع المحلي ، فغالبية نشاطات تلك المؤسسات الثقافية والفنية هي مجانية او بأسعار زهيدة ،( مما يعطى شعور للمواطن العادي انها ترف فكري وفني لا حاجة له ) وهذا لن يساعد في تحسين وضعها المالي المتدهور ، فعلى سبيل المثال تباع تذاكر العروض الفنية والمسرحية في القدس الغربية ما بين 150 الى 350 شيكل، وهنا لا يمكن المقارنة بين الشرق والغرب ولكن في حسبة بسيطة ايضا، فإن على المؤسسات المحلية إذا رغبت بان تبقى على قيد الحياة وأن لا تجد نفسها مضطرة الى الإغلاق أبوابها وأن تنضم الى عشرات المؤسسات التي اصبحت ماضي مقدسي حلو ، أن تبيع تذاكر عروض الأطفال حتى 50 شيكل وعروض الكبار ليس اقل من 80 شيكل، و بألتاكيد فان هذا لن يحدث ، لن يقنع الجمهور الآقبال على شراء التذاكر والذهاب إلى مشاهدة هذه العروض ، إلا إذا كان العرض مميزا وشيئا مبهرا، شيئا يريده الجمهور ولن يحصل عليه الإ في هذا العرض، وطبعا هذا لن يكون الإ إذا اجتهدت المؤسسات كثيرا في العروض وفي طريقه ترويجها من خلال حملة إعلامية وعلاقات عامة مهنية تصل لكل فئات الجمهور .!
السؤال الاخر الذي يطرح نفسه في هذه العجالة من الحديث عن حال المؤسسات الثقافية في القدس : هل هناك داعي لكل هذه النفقات على هذه المؤسسات ؟! وهل يمكن الآستغناء عن هذه المؤسسات ؟! والبديل هو الإستفادة من قاعات العرض التي توفرها المؤسسات العامة الآخرى بتكلفة اقل وقد تصل الى المجان،مثل قاعة جامعة القدس قاعة هند الحسيني، او قاعة مدرسة المطران ، او قاعة جمعية الشبان و الشابات المسيحية ، فهذه القاعات مجهزة أحسن تجهيز لإستقبال عروض الفرق والمؤسسات الثقافية الأخرى وهكذا نحقق اكثر من فائدة اولها تفعيل تلك القاعدات وثانيا الاستفادة من جمهور هذه المؤسسات المضيفة مما يوسع حجم الجمهور المستفيد من هذه العروض وثالثا تخفيف من المصاريف العالية ، ..!
أعتقد أنه حان الوقت الذي تواجه في المؤسسات والقائمين عليها الواقع المؤلم، من أجل استخلاص العبر بأسرع وقت من اجل ألاستمرارية بما في ذلك الجلوس معا ووضع استراتيجية شاملة وخاصة من اجل وقف هذا الاستنزاف المالي غير المبرر ...!
وللحديث بقية