الغرق في الأملشن
لست خبير تنمية بشرية، أو تطوير أداء وظيفيّ، لكني أعبر عن غضبي الآن، والذي تسبب به فيلم"the intern" ومشاهدهِ التي جعلتني أتمنى أن أكون أحد شخصيات الفيلم.
مكان التصوير في مصنع كبير للطباعة، تحوّل لاحقا إلى مبنى الشركة بمساحة واسعة مستغلة. موظفون بلا مكاتب كلّ يحمل جهازه المحمول، ويجلس أينما يرغب ويجد الراحة، فالمهم بالتأكيد إنجاز الفرد. "كنب" وأجهزة رياضية، وتنقل لمديرة الشركة الفتاة الريادية على دراجتها الهوائية بين أقسام الشركة، وغرفة للعلاج الطبيعي يستطيع أي موظف أن يقصدها في حال شعر بالإرهاق، عدى أن الطبيبة المختصة بالمساج لا تجلس طوال ساعات عملها في غرفة العلاج، وتقوم بجولات لـ "تدليك" الموظفين بين فترة وأخرى.
هل فكرت يوما بسبب تقاعس موظفي الدائرة الحكومية في مسلسل "يوميات مدير عام" والتقصير في أداء مهامهم؟
من زاوية جمالية المكان وازدهاره بالألوان أو الإضاءة الجيدة، نجد أن مكان التصوير أشبه بكرتونه ألعاب رمادية اللون. صحيح أن سعادة المدير العام أيمن زيدان حاول جاهداً القضاء على كسل الموظفين، وفسادهم في معالجةٍ دراميةٍ يمكن اعتبارها جريئة في حينه. وقد استعان بصديقه زهير عبد الكريم الذي يعمل في التلفاز على التنكر بأشكال وشخصيات مختلفة وتمكن بهذا الآلية من اختراق الموظفين من خلال المواقف الطريفة على مدار حلقات المسلسل.
وإجابة على سؤالي السابق، لو كنتُ مكان السيد أيمن، لاستعنت بالإضافة إلى السيد زهير بخبير تصميم داخلي أو خبير هندسي، أو الطلب من الموظفين الكسالى ذاتهم تغيير شكل وألوان مكاتبهم كما يرغبون، حيث لا يمكن أن يغفل أحدنا أهمية البيئة المحيطة بنا في المنزل والمدرسة والجامعة ومكان العمل، وانطلاقا إلى الفضاء العام وتأثيراتها على حبنا للمكان وانتمائنا له.
هذا الأمر تطوّر لاحقاً في الدراما، ويمكنني الاعتراف بأني لا أتابع مسلسلا كـ "24 قيراط" لذات القصة؛ فالألوان والمساحات الجميلة المتنوعة بين المدينة والريف، ووسائل النقل، والهندام الذكوري والإنثوي، شكّل عامل جذب لي اعتبره شخصيا أكثر أهميّة من البناء الدرامي.
وكي لا تبقى آمالنا محصورة في لقطات درامية، أو في مدونتي .. لربما لا يمكن للمؤسسة التي تعملون بها القيام بهذه التغييرات لأسباب مالية، أو ضمور في العقلية الإدارية، وهو الأرجح، والتي لن تأتي لك بمقعد "مساج" أو خبيرة "تدليك"، لذا اغضب مثلي، قم الآن وغير مكان مكتبك، غير ترتيب الأقلام واللوحات واجمع حولك من شتى الألوان ما استطعت، واخرج من المنطقة الرمادية، اسبح عكس التيار كي لا تغرق في الأملشن.