الصحة النفسية لكبار السن في خضم كورونا..معركة مجبولة من الأمل والصمود

الرابط المختصر

"يموتُ البعض دون رؤيةِ أي فرد من أفراد الأسرة لعدة أيام، يرغب كبار السن على وجه الخصوص بالموت؛ لأن الحياة باتت فظيعة وغير قابلة للتحسن"

كان هذا تعليق إحدى الدكاترة النفسيين الفرنسيين المعنيين بمتابعة حالة كبار السن، حينما سُئل عن مدى التأثير المُهلِك لجائحة كورونا على صحتهم النفسية، وهي إجابة تكررت على لسان أكثر من مُسن، كانت تحمل صيغًا مختلفةً من الأسى والاستسلام.

هذا الخوف الذي قد يراه البعض مبرَّرًا ومنطقيًا، والذي قد يتحمّل مسؤولية نشأته في نفوس كبار السن جهات عدَّة؛ فمنذ بداية هذه الجائحة وإلى الآن، كثيرًا ماتتحدث الإعلانات ونشرات الأخبار عن هذا الوباء بوصفه "يفتك بكبار السن"، هذا التعبير الذي أسهم ضمنيًا  بصعوبة إستعادة التوازن النفسي لكبار السن، بل ربما فنائه.

 

في ذات السياق حلَّ الأخصائي النفسي مهند فرعون  ضيفًا على برنامج معًا لنهزم الكورونا، والذي يُبث على راديو البلد، وتحدَّث بشكلٍ مفصلٍ عن سبب قسوة الحملات الإعلانية في بادىء الأمر، وكيف انتهجت طريقًا قاسيًا لإيصال فكرةِ خطورة فايروس كورونا على كبار السن، فبالنسبة لفرعون، كان الفايروس في بداية انتشاره غامضًا لا يُعرف عنه إلّا مدى شراسته على كبار السن، ولذلك احتوت تلك الإعلانات والرسائل التوعية على نبرةٍ قاسية؛ للشعور بمدى أهمية الالتزام من خلال الترهيب، دون إدراك مسبق أننا سنصل إلى انتشارٍ مُجتمعي.

 

فرعون تحدّّث أيضًا عن مدى أهمية خلق توازن ما بين الجانب الوقائي والعلاجي بالنسبةِ لكبار السن؛ وفقدان الأصدقاء ومتلازمة "العش الفارغ" وما يتخللها من وسواس قهري وقلق وتوتر، بالإضافة إلى بُعد الأقارب والأبناء، كل ذلك أدى لترسيخ قناعةٍ أكيدة للمسنين، بأن الإصابة بفيروس كورونا تُساوي الموت.

فرعون أشار إلى جملةٍ من السلوكيات التي من شأنها أن تكشف لنا عن كيف يُعبِّر المسن عن قلقه، يتمثل ذلك بعزلته وعتبه على أحبائه وانفعاله وإندفاعيته، وكذلك استخدامه لوسائل دفاع أولية، كإنكار وجود المرض، فيميل بدوره إلى التراخي من ناحية الالتزام الوقائي، وكل تلك الصِعاب لا تزول إلّا في حالة وجود دعم عائلي.



وفي نهاية حديثه أشار فرعون إلى عدم يقينه من أن كل أسباب وفيات كورونا كانت ناتجة عن المرض بذاته، مشيرًا إلى احتمالية أن يكون سبب التدهور الصحي الحاصل والوفاة "نفسيًا"؛ فغياب العلاج النفسي والتوتر والخوف، كل ذلك من شأنه أن يُنشىء مضاعفات تؤثر بدورها على أجهزة الجسم المختلفة وعلى السكري والضغط بشكل خاص.



كيف نزرع في أفراد عائلاتنا المسنين السكينَة والأمان النفسي في ظل جائحة كورونا هو سؤال سيبقى دائمًا  حاضرًا دون إجابة محصورة، لكن الأهم من ذلك هو الانحياز دائمًا للاستبشار والسُّرِّ في حديثنا معهم، بالرغم من خشونة الموقف. 

 

أضف تعليقك