الخطيب والاقصى والاندونيسي!

الخطيب والاقصى والاندونيسي!
الرابط المختصر

اثارت المقالة السابقة 'عادت ريما الى عادتها' حول المسجد الاقصى ما يجرى به في شهر رمضان المبارك ردود فعل متباينه، ما بين مؤيد وبشدة، مطالبا باجراءات مشددة اكثر لتوفير اجواء عبادة روحانية تتماشى مع قدسية الشهر الفضيل، وما بين معارض، معتبرا ان ما نقوله مبالغ فيه، وان هذه الاجواء جميعها هي جزء من رمضان في القدس، متفقا في الوقت نفسه معنا، على ضرورة الحفاظ على نظافة المكان اولا واخير فالنظافة من الايمان!! وان كل شئ يبد بالفرد وما يتعلمه في المنزل، مما ينعكس على سلوكياته في الخارج، انطلاق من مبدء ان العائلة نواة المجتمع!

ما علينا

المهم، انه اثناء تواجدنا في المسجد الاقصى في ساعات بعض ظهر يوما رمضاني صيفي حار، فاذا بالشيخ عزام الخطيب مدير الاوقاف الاسلامية، يجلس على مدخل المسجد الاقصى، وكانه حالة ترقب وتاهب وكأنه يشرف على عمل ما، فسارعنى الى القول: لماذا انت تهاجمنا في مقالاتك سامحك الله؟! فقلت له: يا شيخنا، نحن ننتقد من اجل البناء، ولا ننتقد من اجل الهدم، ننتقد من اجل الافضل، ولا من اجل التهجم الشخصي والتجريح، معيارنا في ذلك القدس، كما انه في المقالة السابقة دعوت دائرة الاوقاف (التي لا ينكر احدا دورها البارز في الحفاظ على الاقصى) الى مضاعفة جهودها حتى لا تتكرر الظواهر السلبية هذا العام ايضا، فقاطعنى الشيخ الخطيب قائلا: نحن نبذل قصارى جهدنا لتوفير الراحة للمصلين، ناهيك عن جهودنا في الحفاظ على نظافة المسجد الاقصى، كما ان الاردن الذي يتولى المسوؤلية على الاماكن المقدسة لا يبخل باي شئ من اجل الاقصى، واشار باصبعه الى الجهة الشرقية من المسجد قائلا: قبل قليل فقط اشرفت على وضع عدد من المظلات للوقاية من اشعة الشمس، كما ان ساحات واسعة من المسجد وقبة الصخرة المشرفة قد تمت تغطيتها بالمظلات الثابته والمتحركة، كل هذا الجهد جاء بعد استخلاص العبر من تجارب السنوات السابقة ومن منطلق حرصنا على راحة المصلين الذين نتوقع منهم ان يحترمون المكان وان يحافظوا عليه كما يحافظوا على بيوتهم!

فسالته: هذه المظلات التي تغطى باحات المسجد من تحمل تكاليفها خاصة وان المواطن المقدسي لا يعرف اي شئ عنها وتتضارب الانباء عن الجهة التي تبرعت بهذا العمل الذي يقى الالاف من المصلين من النساء والرجال حرارة الصيف؟! فرد: انها الاردن وبتوجه من جلالة الملك عبد الله الثاني التي كما قلت لك لا تدخر جهدا من اجل الحفاظ على المسجد!!

ودعنا انا وصديقي الشيخ عزام الخطيب، متمنين ان يكون الحال في الاقصى على افضل حال، وان يتعامل معه المواطن الفلسطيني والمقدسي بالصورة التي تليق باولى القبلتين وثاني المسجدين وثالث الحرمين الشريفين! وما ان وصلنا الى مكاننا المعهود حيث يلتقى اصدقاء رمضان، فاذا بمواطن اندونيسي يقترب منا ويصلى ركعتين بعدها يسال ان كان بالامكان التصوير في هذه المكان رغم انه راي ان عدد من المواطينين يصورون بعضهم بعضا امام منبر صلاح الدين، فقلنا له نعم يمكنك ذلك، فطلب ان نصوره وهو جالس في المسجد الاقصى قائلا وعلامات الانفعال بادية على وجهه: كم ان سعيد لاننى هنا في الاقصى، امي لن تصدقيني! شعرنا انه يكاد يبكي من شدة التاثر، فجلس بعيدا عنا بخشوع واضح احتراما لهذا المكان خشوع تمنيت ان يعيشه القسم الاكبر من المتواجدين في الاقصى، فقسم منهم نايم وقسم منهم يتحدث بامور الحياة وقسم منهم ينم على الناس، ولله في خلقه شؤون، فهذا الاندونيسي يكاد يبكي لوجوده بالاقصى! وهذا المواطن المحلي... الله اني صائم..

وللحديث بقية