المصيبة والحقيقة المؤلمة في موضوع اتفاقية الغاز المسروق هو أن الحكومة لا تبحث اليوم عن مخرج قانوني من الاتفاقية، ورئيسها غير مهتم بسماع أي أفكار حول هذا الموضوع من الأساس...
بل أجزم لكم أن الحكومة متمسكة بالاتفاقية بأظافرها وأسنانها لأنها لا تملك من قرارها ومن أمرها شيئاً، وتتذرع بالشرط الجزائي في الاتفاقية كحجة واهية فقط لا غير...
يؤسفني أن أذكر الشعب الأردني بأن المخرج كان أسهل قانونياً بألف مرة أيام قضية الفوسفات من حيث إمكانية إبطال عملية هدر أسهم الدولة واستعادة نفط الأردن دون أي عناء، ومع ذلك لم تلجأ الحكومات إلى القانون الأردني واجب التطبيق الذي يتيح فسخ عقد البيع لحماية المال العام...
ففي تقرير لجنة التحقيق البرلمانية التي ترأسها النائب الشهم أحمد الشقران والذي قمنا بإعداده في مكتبنا للمحاماة في بداية 2012، اكتشفنا أن العطاء العام تم إلغاؤه فجأة دون أي مبرر وأن فوسفات الأردن تم بيعه بأقل من نصف سعر السهم ليس لحكومة بروناي مباشرة دون وسطاء أو مالكين انتفاعيين من الباطن كما يشترط عقد البيع نفسه، وإنما لشركة غامضة مسجلة في جزيرة جيرزي البريطانية مملوكة من قبل شركات وهمية أخرى، تم إضافة اسمها بخط اليد صباح يوم التوقيع بعد شطب اسم حكومة بروناي بالحبر، في مخالفة صارخة لأهم بنود وشروط عقد البيع الذي يمنع صراحةً وجود أي شركة وسيطة في العقد ما عدا وكالة بروناي للاستثمار فقط لا غير...
وبالرغم من تحقق الغش والغبن والتغرير الذي يمنح حكومتنا الحق في فسخ عقد البيع وإعادة الحال لما كان عليه واسترداد ملكية الأسهم واسترجاع كافة الأرباح التي جنتها شركة كاميل للخزينة الأردنية، لم يحرك أحد في هذه الدولة ساكناً على الرغم من مخاطبتهم على الملأ وعرض تحمل مسؤولية رفع دعوى فسخ العقد الرابحة حتماً دون أي مقابل أو أتعاب...
وأخيراً وأمام أعين حكومة الرزاز قبل أقل من عامين، خرجت شركة "كاميل هولدنغز" من المشهد كاللص في وضح النهار، وباعت حصتها التي استولت عليها عن طريق الخداع والغش لشركة هندية وأبرمت الصفقة في عقر دارنا وضاع حق الأردنيين، لتكتمل الجريمة وتحتفظ الشركة الغامضة "كاميل" بمئات الملاين من الأرباح من ثروة هذا الشعب دون حسيب أو رقيب، ليبقى "زيتون برما داشر" رغماً عن أنوفنا كما تنبأ عرار....
واليوم لا يوجد أمل بأن تختلف الأمور وأن يهب أحدهم لمنع الكارثة...
الكارثة أيها السادة هي أن يأتي اليوم الذي يقوم به الأردنيون بتمويل حكومة جيش الاحتلال مباشرةً من عرق جبينهم ومن أموال ضرائبهم ومن فواتير كهربائهم، وهذا أمر جلل وعارٌ أبدي لم يتنبأ به جابوتنسكي، ولم يطالب به بن غوريون، ولم تحلم به غولدا مائير في سابع أحلامها...