"الحسين للسرطان":  للحد من مخاطر التدخين في الأماكن العامة لا تتردد بقول "أطفئ سيجارتك"

الرابط المختصر

بدأت رحلة التدخين في مرحلة الثانوية بالنسبة للعشريني أحمد، حينما وجد نفسه محاطا بأصدقائه المدخنين، مضطرا نحو هذه الخطوة، ولم يفكر في المخاطر حينها، فكان كل اهتمامه مشاركة اصدقائه في هذه التجربة، على حد قوله.

يوسف هو الآخر شجعه أصدقائه الأكبر  منه سنا على تجربة التدخين، حيث كانوا يصفوها بأنها تجربة لا بد ممارستها، ولم يتوقع  يوسف أن يصبح مدمنا على النيكوتين بهذه السرعة، حيث كانت التأثيرات الإيجابية الأولى كافية لجعله مستمرا في هذا السلوك.

أما الثلاثينية لينا، بدأت التدخين بسبب الضغوط النفسية التي كانت تعاني منها في الجامعة، وتقول "إن الدخان  كان عبارة عن هروب من الإجهاد والقلق في البداية، ولكن يبدو أنني أصبحت متعلقة به إلى درجة عدم الاستغناء عنه".

بينما سارة كانت واثقة من قدرتها على السيطرة على عادتها في بداية الأمر، إلا أنها سرعان ما أصبحت مدمنة على حد قولها، حيث اعتبرت التدخين مجرد نشاط اجتماعي في البداية، ولكن تحول إلى إدمان لم تكن تتوقعه.

أما محمد فيرى التدخين بأنه مظهرا للبلوغ والانتماء إلى الفئة الكبيرة،  ويشير إلى أنه لم يكن لديه أي معرفة بمخاطره، حيث كان محيطه يتجاهل هذه المخاطر أيضا، لم يكن لدي الوعي الكافي في ذلك الوقت بأنني أقوم بتعريض نفسي للضرر.

وفقا لاحصائيات وزارة الصحة الاخيرة، تشير الى ان اكثر من 60% من المجتمع مدخنون، وهذا مؤشر يظهر غياب الوعي بمخاطر التدخين، وفشل الكثيرين في التخلص من هذه العادة،  يعود ذلك إلى الإدمان على مادة النيكوتين، واعتباره عادة لا يمكن الاستغناء عنها.

في هذا السياق، انتقد وزير الصحة فراس الهواري ارتفاع معدلات التدخين في الأردن، حيث تصدرت المملكة قائمة أعلى 3 بلدان في نسبة التدخين عالميا.

هذا في وقت يسعى فيه دول العالم إلى تقليل معدلات التدخين إلى أقل من 5%، مشيرا إلى أهمية التوعية بمخاطر هذه العادة، حيث يبلغ  متوسط ما ينفقه المدخن من مال 60 دينارا، مما يعادل 23% من الحد الأدنى للأجور.

 

قوانين تحد من ظاهرة التدخين غير مفعلة

رغم وجود قانون الصحة العامة عام 2008 الذي يهدف الى تقليل ظاهرة التدخين في الاماكن العامة، الا انه لم يتم تفعيله حتى الآن، حيث تنص المادة 63 من القانون، على معاقبة كل من تم ضبطه يدخن في الأماكن العامة، بالحبس مدة لا تقل عن أسبوع ولا تزيد عن شهر، أو بدفع غرامة لا تقل عن 15 دينارا ولا تزيد عن 25 دينارا.

مديرة مكتب مكافحة السرطان في مركز الحسين للسرطان الدكتورة نور عبيدات تؤكد لـ "عمان نت"،  أهمية تفعيل قانون الصحة العامة،  وأن التطبيق الجيد للقانون هو الخطوة الأساسية التي يجب اتخاذها من قبل الحكومة والجهات المعنية، حيث يعتبر عدم التطبيق الجيد له تحديا رئيسيا يساهم في انتشار ظاهرة التدخين بين جميع الفئات العمرية.

تشير عبيدات الى وجود قصور واضح في الجهود المبذولة لمكافحة التدخين في المجتمع، وان هذا الامر ليس مسؤولية وزارة التربية والتعليم والصحة وحدها، بل يجب أن يشترك فيه كل فرد في المجتمع من خلال تشجيع المدخنين في الأماكن العامة على التوقف عن التدخين والقول لهم " أطفىء سيجارتك"، للحد من التدخين السلبي.

بحسب التقديرات التي قدمتها وزارة الصحة تبين أن نسبة التعرض السلبي للتدخين وصلت لأكثر من 65%، موضحة أن الأطفال يتعرضون للتدخين السلبي من تبغ و" أراجيل" وسجائر إلكترونية في منازلهم.

وتشدد عبيدات على أهمية تعاون جميع الجهات والوزارات المعنية لتفعيل استراتيجيات محدثة لمكافحة التدخين، مشيرة إلى أن دور الحكومات لا يقتصر على مجرد تحديث آلياتها لمواجهة استراتيجيات صناعة التبغ التي تستهدف جذب شرائح واسعة من المجتمع لتعاطي التدخين، بل يجب أن تشمل أيضا زيادة الوعي بأهمية التخلص من التدخين من خلال التشجيع على زيارة العيادات المختصة لمساعدة الأشخاص في الإقلاع عن هذه العادة الضارة.

 

Radio Al-Balad 92.5 راديو البلد · الدكتورة نور عبيدات تؤكد أن عدم تفعيل قانون الصحة العامة ساهم بانتشار ظاهرة التدخين

 

الطلبة و خطر التدخين

بناء على التوجيهات الملكية الاخيرة التي تشدد على ضرورة العمل على مكافحة التدخين ستطلق وزارة التربية والتعليم مبادرة إعلامية لطلبة المدارس من أجل مكافحة التدخين مع المعنيين من مؤسسة الحسين للسرطان ووزارة الصحة، وإعداد البروتوكول التشخيصي والعلاجي لتحديد خطوات التشخيص والعلاج لحالات التدخين والإدمان.

وقال وزير التربية والتعليم ووزير التعليم العالي والبحث العلمي الدكتور عزمي محافظة إن أبرز الخطوات التي سيتم تطبيقها اعتبارا من الفصل الدراسي الحالي لمكافحة التدخين، سيتم تسمية ضباط ارتباط عدلية لمنع التدخين داخل الوزارة والمديريات والمدارس بالتنسيق مع وزارة الصحة، وإعداد الأدلة التثقيفية والإرشادية لإكساب الطلبة المهارات الشخصية والاجتماعية لوقايتهم من أخطار التدخين.

من جهته قال وزير الصحة الهواري إلى أنه تم تدريب نحو 100 ضابط ارتباط ومنحهم الضابطة العدلية للرقابة على التدخين في المدارس، كما يجري التنسيق مع وزارة الداخلية لتوسيع آلية الرقابة والمساءلة.

في دراسة صادرة أجرتها جمعية لا للتدخين شملت عملية المسح 94 مدرسة و 213 محل أن 70 بالمئة من المحلات هي محلات تبيع منتجات التبغ في المحيط المدارس ، و20 بالمئة من المحلات تقوم ببيع السجائر "فرط" للطلاب.

تشير الدراسات إلى زيادة نسبة الأطفال المدخنين بين طلاب المدارس، حيث بلغت نسبة المدخنين من الطلاب الذكور 26%، بينما بلغت 15% بين الإناث.

 يعود انتشار ظاهرة التدخين بين الطلاب وفقا للدراسة الى ضعف التشريعات القانونية غير الفعالة المتعلقة ببيع السجائر للأطفال، بالإضافة إلى الجهود غير الكافية من وزارة الصحة، ووفقا للقانون، ينص على أنه يمكن فرض عقوبة الحبس لمدة تصل إلى ستة أشهر أو غرامة مالية، أو العقوبتين معا على كل من يبيع التبغ للأطفال.