التّعالق النّصي في ضوء نظريّة التّجنيس: الواقعي والمتخيّل. كهفي لسعود قبيلات

 

 

ولد سعود قبيلات عام 1955م، في قرية مليح بمحافظة مادبا الأردنيّة، ويعدّ واحدًا من القاصّين الأردنيين، ونال اهتمام الباحثين والنّقاد، وقد أنهى دراسته في علم النّفس من الجامعة الأردنيّة، ويذكر أنّ له عددًا غير قليل من المجاميع القصصيّة(1).

وبعد أعماله القصصيّة: في البدء 1982م، ومشي 1995م، وبعد خراب الحافلة 2002م، والطّيران على عصا مكنسة 2009م، صدرت له مجموعة قصصيّة عن وزارة الثّقافة الأردنيّة بعنوان كهفي 2012م(2).

أثارت قضيّة الأجناس الأدبيّة وتداخلها فيما بينها كنوعٍ مهجّن من نوعين أدبيين أو أكثر اهتمامَ كثيرٍ من الباحثينَ والنّقاد يرجع إلى حدّ الإرباك والالتباس، وهذا ما يفسّر كثرة الدّراسات والأطاريح التي رصدت ظاهرة التّداخل والتّراسل الأجناسي.

 

من هنا، سنحاول في هذه العجالة استظهار التّلاقي بين القصّة القصيرة وتجربة الحياة الشّخصيّة للكاتب الأردنيّ سعود قبيلات.

 

إنّ اختيار سعود قبيلات ككاتب أردني ظهرت خصوصيّته من كونه اختار طوعًا الانتماء إلى الأقليّة المناهضة للسّلطة لا سيّما السّياسيّة، كما يعتمد على ما يكتبه من قصصٍ على يوميّاته ومذكّراته الشّخصيّة، مستخدمًا الضّمير الدّال على المتكلّم، فلا يغيب في أحيانٍ كثيرةٍ عن مسرحِ الأحداثِ بشكلٍ مباشرٍ أو غير مباشر، مما من شأنه أن تكون سمة لافتة للنّظر في مصنّفه الموسوم بعنوان كهفي.

 

كهفي:

ينطلقُ الكتابُ من منصّة الواقعيّة الرّمزيّة، وجاء في حوالي خمسة وثلاثين نصًا، يقحم كاتبها وقائع الأحداث اليوميّة بقناعٍ قصصي، ليواجه القارئ نصًا متأرجحًا يتمركز حول الذّات في محاولةِ الكاتبِ استعادة تجاربه استعادةً واعية أو غير واعية ليحوّلها إلى موضوعاتٍ جديرة بالتّأمل، ولا يدلّ في بعض الأحيانٍ على أنّ كاتبها مهتمٌ بأعرافِ وتقاليدَ الكتابةِ الأدبيّةِ السّائدةِ لا سيّما القصصيّة انطلاقًا من رغبته في التّعبير عن ذاته، كما تتجه العلاقة بين الواقعِ والمتخيّلِ إلى التّفاعلِ في عرضِ الحوادثِ الواقعيّةِ عرضًا تخيلييّا.

 

من العنوانِ الرّئيس يظهر جليًا النّزعة الذّاتية، ومما يجذب نظر القارئ أنّ العناوين الفرعيّة تتراوح بين اليوميّات والمذكرات تارةً، والقصص تارةً أخرى، حيثُ يجد القارئُ وجهًا لوجه أمام عنوان بالبنط العريض يوميّات رجل واقف أمام جدار، رابطًا في النّصوصِ بين الواقعِ والتّخييل.

 

لم يأتِ اختيارُ اسم أحد شخصيّات بعض نصوص (سعود قبيلات) اختيارًا عشوائيًا واعتباطيًا، فإنّ السّارد في هذا الكتاب هو المؤلِّف، وقد تكرر اسمه، مستخدمًا ضمير المتكلّم.

 

يضعنا الكتابُ في الواقع وجهًا لوجه أمام مسألة التّصنيف النّوعي والأجناسيّ، وقد يتساءل القارئ عن الجنس الأدبيّ الذي ينتمي إليه كتاب ''كهفي" لسعود قبيلات؟

 

على الرّغمِ أنّ القارئ يجد تجنيسًا أدبيًا أفقيًا مسطورًا غير ظاهر على يمين الغلاف الأمامي من فوق، يصفّ مضمون الكتاب ومحتواه بأنّه قصص إلّا أنّ الكاتب رغم أنّه قاصٌ لم يدَّعِ بأنّ النّصوص الإبداعيّة المتناولة بأنّها قصص.

 

وتأكيد ذلك، ما جاء من إشارة ظاهرة في تنويه الكاتب سعود قبيلات، وهذا ما يجعلنا القول: بأنّ هذا النّوع من الأدب ليس نقي التّجنيس بالمعنى الدّقيق.

 

ويكأنّ الكاتب سعود قبيلات غير مطمئن لمسألة تصنيف كتابه، تاركًا القارئ الحرّية في تحديد نوع المقروء والمكتوب، وبهذا، يتعمّق إحساس القارئ بأنّ كتاب كهفي لسعود قبيلات باب موارب على الأنواع والأجناس الأدبيّة.

 

ونخلص، إلى أنّ ثمّة إشارات تظهر في نصوص سعود قبيلات الإبداعيّة من شأنها أن تضفي لون المذكرات واليوميّات.

______________

 

(1) انظر، معجم الأدباء الأردنيين في العصر الحديث، ط1 ـ 2014م، منشورات وزارة الثقافة، عمّان، ص 125.

(2) كهفي: سعود قبيلات، ط1 ـ 2012م، منشورات وزارة الثقافة، عمّان.

 

أضف تعليقك
أحمد البزور، مواليد الزّرقاء، سنة ١٩٩٠، حاصلٌ على درجة الدّكتوراه في الأدب والنّقد الحديث من الجامعة الأردنيّة، وعضو في الاتّحاد الدّولي للغة العربيّة، ولديه العديد من الأبحاث المنشورة في مجّلات محليّة وعربيّة محكّمة، وكتب عددًا من المقالات والمراجعات عن الأدب والنّقد في الصّحف والمواقع الإلكترونيّة المتخصصة.