الترجمة الحرفية لمقال نيويورك تايمز حول “عدم الاستقرار في الاردن”

الترجمة الحرفية لمقال نيويورك تايمز حول “عدم الاستقرار في الاردن”
الرابط المختصر

كتب: إيثان برونر

جلس شيوخ العشائر في عباءاتهم وكوفياتهم يحملون المسبحة ويدخنون السجائر.. صورة كبيرة منسوجة للملك عبد الله الثاني معلقة على الحائط فوق رؤوسهم.

المحادثة التي طلب اجرائها في منزل خاص دارت حول السياسة. ماذا يفكر هؤلاء البدو من عشيرة الزبيدي، وهي احد اعمدة  النظام الملكي الأردني، في ظل عدم الاستقرار الحالي في ضوء الأحداث في مصر وتونس؟

وتواترت الإجابات كسرد مكتوب: "ولاؤنا مطلق للهاشميين" في اشارة الى العائلة المالكة "ولن نسمح ابدا بزعزعة الاستقرار" "لن يجادل اردني واحد ضد هذا النظام." ولكن ما أن هلت أطباق الأرز واللحم التي تؤكل باليد حتى تغير كل شيء، فقال أحدهم "إننا نعيش كذبة كبيرة"، وأضاف آخر "هذا الملك ميئوس منه"، وقال ثالث "طلبت منا الأجهزة الأمنية عدم اللقاء بكم ولكن لدينا ألسن وسنتكلم".

إن جملة من العوامل التي تعصف في المنطقة مثل ارتفاع الأسعار ومعدلات البطالة في أوساط الشباب، والانتشار السريع للمعلومات، والامتعاض، والاستبداد الذي لا يخضع للمساءلة تضع الأردن على حافة الانهيار. فالجميع الآن يرقب ما إذا كان الملك سينفذ ما تعهد به هذا الأسبوع من وعود عندما أقال الحكومة، وما إذا كانت الخطوات كافية لتهدئة المد المتصاعد من الإحباط.

أن أكثر ما يلفت النظر الآن في الأردن هو أن النظام الملكي يبدو محل تساؤل، وذلك نظرا لما يحدث في المنطقة ولتزايد الاستياء من الملك عبدالله وعقيلته الملكة رانيا. الملك حسين، والد الملك عبد الله والذي حكم لمدة 46 عاما كان تمتع بحالة يمكن وصفها بالعشق من قبل شعبه.

يقول المحلل السياسي والمدافع عن حقوق الانسان لبيب قمحاوي"يتعرض الملك والملكة لهجوم شديد، الأمر الذي كان محرم تماما" مضيفا "أنا لا أرى خطرا وشيكا هنا كما هو الحال في مصر وتونس، الا ان المؤشرات قائمة".

أما السبب الذي يجعل القليل من المراقبين يستبعدون الانتشار المفاجئ للثورة فيكمن في أن مخاوف وشكاوى الناخبين ليست متباينة وحسب بل وغالبا ما تكون متناقضة، وهكذا فإن الملكية تواجه خطورة ضئيلة من معارضين قد يتآلفوا على نحو ما حدث في تونس ومصر، كما ان الملك ينأى بنفسه عن الشكاوى عن طريق السماح بإلقاء اللوم على وزراء الحكومة الذين يغيرهم على هواه.

لأسابيع عدة تظاهر الآلاف ايام الجمعة داعين لتكليف رئيس وزراء جديد، وبعد تعيين واحد هذا الأسبوع، اختلف منظمو التظاهر حول كيفية الرد حيث رأى البعض انه يجب ان تتاح له الفرصة. وقد شارك بضعة مئات من الأشخاص فقط في مظاهرات يوم الجمعة، معظمهم من أتباع جماعة الإخوان المسلمين، الذين خرجوا تحت الأمطار الذارفة.

تتمثل الدوائر الانتخابية الرئيسية في أبناء الضفة الشرقية أو العشائر، والفلسطينيين الذين يشكلون الغالبية العظمى من السكان الستة ملايين. وبينما يهيمن الأردنيون من أبناء الضفة الشرقية على أجهزة الدولة وخاصة قوات الأمن، فإن الفلسطينيين يسيطرون على القطاع الخاص، لذا فإن الإصلاح الاقتصادي يصب في مصلحة الفلسطينيين، في حين أن أبناء الضفة الشرقية يعتمدون على الرواتب الحكومية.

وفي العام الماضي انفق 82 في المائة من ميزانية الحكومة كمرتبات لموظفي الحكومة ومعاشات للعسكريين، ما يعني أن المساحة المتروكة لزيادة هذه المبالغ لا تكاد تذكر. ولكن هذا ما طالبت به العشائر الى جانب تعهدات بعدم السماح بتزايد اعداد الفلسطينيين. ولتهدئة العشائر، وعدهم الملك عبد الله في الشهر الماضي بضخ عشرات الملايين من الدولارات التي لا يملكها لتحسين أوضاعهم.

وفي الوقت نفسه، اجرى الملك ورئيس الوزراء الجديد، معروف البخيت، سلسلة من اللقاءات مع الإسلاميين، نقابات المعلمين واليساريين مع وعود بالمساءلة، قائلين ان قانون الانتخابات سيكون أكثر إنصافا، مع الغاء شرط الحصول على إذن مسبق في قانون الاجتماعات العامة، وإنفاذ الجدية في مكافحة الفساد.

في بيان صادر من الديوان الملكي يوم الخميس، اعترف الملك أن الجهود السابقة للإصلاح قد "تعثرت". وقد بدى البعض راضيا عن الوعود قائلا ان الملك عبد الله كان يتصرف في الوقت المناسب لإنقاذ نفسه والأردن. وقال آخرون إنه ببساطة يتعامل مع الهين من المشاكل وأن التحركات كانت سطحية.

و يعزى معظم السخط على الملك وعقيلته رانيا لأسباب تتعلق باتهامات بالإسراف والتسامح في الفساد. وينظر للملكة رانيا ذات الأصول الفلسطينية بأنها فاتنة، متأنقة ولها معجبون كثر في الخارج، وهي التي تعرضت لانتقادات محددة حيث تم اتهامها بالتحكم في تعيينات الديوان (الهاشمي) وبتسهيل قطاع الأعمال لعائلتها، وفوق كل شيء عدم اكتراثها بما حولها. فقد أقامت في الصيف الماضي حفلة عيد ميلادها الأربعين في منطقة وادي رم الساحرة جنوب الأردن حيث دعت نحو ستمائة شخص بعضهم من الخارج، وأضيئت التلال الغرانيتية مشكلة رقم 40 في منطقة فقيرة حيث يعيش البعض بلا كهرباء، وتم نقل الماء الذي تفتقده المنطقة المحيطة بالصهاريج.

تقول الكاتبة الصحافية والمحللة رندا حبيب في العاصمة الأردنية عمان ان " الأمر بدى لكثير من الناس كحفلة عيد الميلاد التي اقامها شاه إيران في برسيبوليس".

يحوز الملك الذي اكمل عامه الـ 49 على السلطة المطلقة هنا، وتتزايد دعوات دعاة الإصلاح له بأن يصبح ملكا دستوريا، ورمزا للدولة ولكن ليس القيّم الأوحد عليها، بحيث يتم انتخاب رئيس الوزراء وليس تعيينه. ولئن كان من الصعب قياس مدى انتشار هذا الرأي، فإنه يسمع من قبل الفلسطينيين والشرق أردنيين.

ويقول زكي بني ارشيد، رئيس المكتب السياسي لجبهة العمل الإسلامي التابع لجماعة الإخوان المسلمين، أن الهدف هو تحويل الملك عبد الله الى شخصية "مثل ملكة انجلترا او رئيس دولة اسرائيل - كمظلة للاستقرار". حتى الآن يبدو هذا الأمر بعيد المنال، لكن بعض المحللين يعتقدون أن شيئا هاما قد طرأ في الأسابيع الأخيرة، ويقولون إن الشوارع قد تمتلئ بالمحتجين قريبا.

من جانبه يقول كاتب الزاوية بصحفية العرب اليوم، نبيل غيشان، إن "قوة الشارع تشكل قوة اجتماعية جديدة. الناس قلقون حول الهوية الوطنية والنظام السياسي ويحاولون هز النظام والقول له "استيقظ". الكثير يتغير، ولكن المشكلة تكمن في أن المعارضة منقسمة على نفسها، وليس لدينا الرؤية لما سيحدث عقب رحيل الهاشميين".

النص الاصلي

أضف تعليقك