البهائيون والصحافة
رافقني السائق من جرش - بالأجرة - إلى مطار الملكة علياء، كان مسرعاً جداً، بالقرب من جسر نهر الزرقاء أوقفته دورية الشرطة لمخالفته، نظر لي ولم يقل كلمة واحدة، قلت: شغل السيارة وامشي!
بالقرب من جامعة فيلادلفيا، أخذ يحدثني عن الدين، والدنيا والآخرة، كانت المفاهيم التي اعتمد عليها، مختلفة عن التي أعرفها بشكل كامل.
أجبرت نفسي وسألته - سؤال ليس من حقي - عن ديانته، قال لي أنا بهائي - أحمدي .
سكتت. واستمر بالحديث، اختلفنا، في التفاصيل، اتفقنا في بعض الهوامش، لكن أي منا لم يكفر او ينكر الآخر.
عدنا ادراجنا من المطار، حاسبته، وإذ به يقول المخالفة عليك، قلت: له بل عليك، أنا لم اطلب منك امتطاء صهوة الريح لتطير، في الحقيقة اكراماً له دفعت نصف المخالفة اضافة الى أجرته. كلما راني في السوق، يضحك ويبتسم، ألقى التحية عليه واتابع المسير، هذا الرجل بهائي من جرش. لاحقا زرت معبد مشرق الأذكار في شيكاغو .
لست بصدد إلقاء محاضرة عن البهائية ومذهبهم.
أسوق القصة لأن ما نراه في وطننا، مؤسف حقاً.
يطل صحفي “ غبي “ لا يُقدر أو يفكر بما ينشره، فينتج بذلك فعل فوضوي لتجييش الناس ضد بعض فئات المجتمع. باعتبارهم حراس الشريعة وسدنتها !
اتذكرون قضية ناهض حتر - الله يرحمه - بدأت عندما أطلت بعض ابواق الصحافة الأردنية إذ اطلقوا اسواط عقابهم على ظهر ناهض، كانوا جبناء يفتقدون فروسية المواجهة، وكان ناهض فارس لا يهاب النقاش، من هنا شيطنوه واستباحوا دمه، تبني أفكارهم جاحد جاهل لا يفهم المشهد، قُتل ناهض على درجات قصر العدل ! وتقبل الصحفيون العزاء بموت صديقهم.
هذا المشهد يتكرر حالياً في قصة البهائيين الذين دعوا إلى اجتماع خاص بهم، اتخذ بعض أرباب الصحافة ذلك وسيلة لشيطنة - هذه الصحافة التي تبتز الناس والدولة وتمثل الدور الوطني إرضاء لرغباتها، هذه الصحافة التي تسكر في المساء وتصير وطنية في الصباح - دون أن تجد من يمنعها عن جهلها.
الفعل ليس ديمقراطياً كما يعتقد البعض، لكونه يعتمد سياسية الهويات الفرعية في تقيم الإنسان، في مجتمعنا المسلم و المسيحي، الشيعي والسني، العربي والكردي والدرزي، الأبيض والأسمر، المتدين والملحد، ولسنا في مدينة فاضلة، أو جنة عدن لندعي المثالية والفضيلة المطلقة.
فلماذا نستلذ في شيطنة المختلف عنا فقط لأنه مختلف،بالمقابل لماذا يستمتع الكثير في تذوق تخلفهم عبر الكتابة.
قد يكون البهائي اقرب الى الله والإنسان من فاسد استباح ارزاق الناس، وقد يكون محترماً راقيا في تعامله مع جيرانه وأسرته أكثر من مسلم في ملابس شيطان.
من يمنع مجنون لا يعي ما يدور في المجتمع، من تبني وجهة نظر - مجموعة الصحافة - شيطنة البهائيين باعتبارهم ليسوا مسلمين او ملاحدة، فيحمل سلاحاً الياً، متوجهاً الى مكان اجتماعهم، فيقتل من يقتل ويجرح من يجرح. من يمنعه من انتاج أزمة وجريمة وطنية يذهب ضحيتها ابرياء مسالمين لا حول لهم ولا قوة.
الذي أود قوله : بعض الصحافة الاردنية والكتاب، خافوا الله في الأردن، أغلقوا أفواهكم، واستحوا،، وفكروا ملياً قبل الكتابة، تابعوا وطالعوا كتباً قبل ان تكتبوا سطراً لجمع “ ليكات واعجابات ) .