الاحتلال يقتلع "حصان جنين"… الشاهد على المجزرة وشهدائها
اقتلعت جرافات الاحتلال الإسرائيلي، صباح الاثنين، التمثال الفني الشهير المعروف باسم "حصان جنين"، من موقعه الثابت منذ 20 عاماً داخل مخيم جنين، لتنقله إلى مكان مجهول، يرجح أنه معسكر "الجلمة" الاحتلالي القريب.
ويعتبر الفلسطينيون هذا الحصان رسالة فنية لشهداء اجتياح عملية "السور الواقي" عام 2002، بينما وصفته وسائل إعلام إسرائيلية وصفحات لمستوطنين عبر مواقع التواصل الاجتماعي بـ"الرمز الإرهابي في جنين".
وقصة تصميم هذا الحصان الحديدي، وهو عمل فني عملاق، جاءت عقب الدمار الذي خلفه الاجتياح الإسرائيلي لمدينة جنين ومخيمها عام 2002. فبعد الاجتياح بأشهر، وتحديداً في الشهر الأخير من عام 2003 وصل إلى المدينة الفنان الألماني وماس كبلبر، وهو خبير في صناعة المجسمات الفنية من المعادن، واقترح وقتها على بلدية جنين صناعة حصان من الحديد يجسد ما حدث فيها وفي مخيمها.
وبالفعل، بدأ الفنان الألماني بتنفيذ الفكرة في إطار مشروع للمركز الثقافي الألماني "غوته"، بالتعاون مع بلدية جنين وبمساعدة فتيان من مدينة ومخيم جنين، وبإشراف وتجهيز من البلدية وطواقمها، عبر مركز البلدية الشبابي آنذاك.
وحصان مخيم جنين الحديدي صنع من بقايا دمار المخيم ومن قضبان الحديد الخاصة بالبناء حيث بُني هيكل الحصان الحديدي، بعدما جمع أهالي المخيم قطع المركبات التي أصابتها آليات الاحتلال وقطع الحديد من المنازل المدمرة. أما الشكل الخارجي للحصان، فصنع من بقايا المركبات المدنية التي قصفتها قوات الاحتلال وراح ضحيتها عشرات الشهداء، كرمز للبيوت التي هدمت في المخيم، وكانت إحدى هذه المركبات مركبة إسعاف كان يستقلها الشهيد الدكتور خليل سليمان، مدير مركز الإسعاف لتابع لجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني في مدينة جنين، واستشهد خلال عملية إسعاف وإنقاذ مصابين داخل المخيم.
واستمر العمل على صناعة مجسم الحصان الحديدي لمدة شهر تقريباً، وفق محمود السعدي، مدير الإسعاف في الهلال الأحمر في جنين، وكان أحد الناجين من المجزرة عام 2002، وقد رافق بناء المجسّم، ولفت إلى أن الحصان بعد تجهيزه ثبّت في ميدان على مدخل المخيم بارتفاع بلغ ثلاثة أمتار، وطول ستة أمتار، وعرض متر واحد.
وحمل موقع الحصان رمزية ودلالات على الصمود والوفاء للشهداء، الذين دفنت جثامينهم في أرض الميدان لأسبوعين بشكل مؤقت أثناء اقتحام ومحاصرة قوات الاحتلال للمخيم، ثم نقلت الجثامين لاحقاً إلى مقبرة الشهداء التي استحدثها أهالي المخيم في الجهة الغربية منه بعد انتهاء معركة إبريل/ نيسان 2002.
وضع الحصان على مشارف المخيم مرفوع الهامة، ووجهه نحو مدينة حيفا التي شرد منها ومن قراها معظم أهالي المخيم عام 1948، ليجسد الإصرار الفلسطيني على العودة، ولإبقاء صورة المأساة حيّة في الذاكرة، وليؤكد أن اللاجئين في هذا المخيم لا يزالون متمسكين بحق العودة إلى أرضهم.
العربي الجديد