الاحتلال يتجه نحو عملية عسكرية في مدينة رفح.. وتحذيرات من تفاقم الأوضاع الإنسانية
مع إعلان الاحتلال الإسرائيلي عن استعداده لشن عملية برية عسكرية في مدينة رفح القريبة من الحدود المصرية، يتزايد القلق من احتمال وقوع كارثة إنسانية، مع تصاعد الرفض لمخططات الاحتلال لتهجير سكان القطاع.
وتشير التقديرات إلى وجود ما يقارب من 1.4 مليون فلسطيني في رفح، بعد أن قام جيش الاحتلال بإجبار مئات آلالاف من الفلسطينيين في شمالي قطاع غزة على التهجير إلى الجنوب، حيث كانت رفح ملاذا لهم .
منذ بدء عملية "طوفان الأقصى"، في السابع من تشرين الأول العام الماضي، بدأت إسرائيل في تعزيز الحصار على قطاع غزة من جميع الجهات، وفرض قيود على المقاومة، وأصبح محور فيلادلفيا أحد أهم المناطق الإستراتيجية المستهدفة في الخطة الإسرائيلية لعزل القطاع، وأخذت الضربات الجوية تقصف الخط الحدودي الفاصل بين مصر وغزة.
وفي بداية كانون الأول العام الماضي، شنت قوات الاحتلال الإسرائيلي هجوما استثنائيا على طول الحدود بين مصر وقطاع غزة، بحجة تدمير الأنفاق التي تستخدمها المقاومة لتهريب الأسلحة، في حين كشفت هيئة البث الإسرائيلية عن نية الحكومة الإسرائيلية السيطرة على محور فيلادلفيا.
سيناريوهات الحرب على رفح
الخبير العسكري المختص بالشؤون الإسرائيلية ضيف الله الدبوبي يشير إلى أن الاحتلال الإسرائيلي قام بتقسيم عملياته وتنظيم نهج القتال في قطاع غزة، بحسب المحافظات في القطاع، حيث بدأت في محافظة الشمال، ثم توجهت الى غزة، وبعدها دير البلح، ثم خان يونس، وأخيرا وصلت إلى رفح، وقد قامت بمواجهة كل محافظة بشكل منفصل، بهدف إنهاء العمليات العسكرية في أي محافظة في حال تمكنت من الوصول إلى قيادات حماس.
ويرى الدبوبي أن هناك مؤشرات كثيرة تدل على اقتراب العملية العسكرية في رفح خلال الأيام القليلة القادمة، منها إعلان إسرائيل جاهزيتها لدخول رفح، ودعوة الاحتياط في المنطقة الجنوبية من اجل عملية العبور الى المنطقة، كما ان الامل في عملية السلام قد ضاع، حيث أصبحت الشروط بين المقاومة واسرائيل بعيدة المنال، وكلاهما متمسك برأيه.
وفيما يتعلق بإعلان الحكومة الاسرائيلية بتعبئة جنود الاحتياط استعدادا لشن عملية برية عسكرية في مدينة رفح، هددت مصر بتعليق معاهدة السلام مع إسرائيل في حال تم تنفيذ العملية، وفقا لوسائل إعلام إسرائيلية.
ويمتد محور فيلادلفيا أو محور صلاح الدين من البحر المتوسط شمالا حتى معبر كرم أبو سالم جنوبا بطول الحدود المصرية مع قطاع غزة، والتي تبلغ حوالي 14 كيلومترا.
استبعاد تعليق معاهدة السلام
نصت معاهدة السلام التي وقّعتها مصر مع الاحتلال الإسرائيلي عام 1979 التي تعرف إعلاميا بمعاهدة "كامب ديفيد"على منطقة عازلة بطول الحدود أو ما عرف بمحور فيلادلفيا.
وأبرز بنود المعاهدة، وقف حالة الحرب، وتطبيع العلاقات، وسحب إسرائيل الكامل لقواتها المسلحة والمدنيين من شبه جزيرة سيناء، وإبقاء المنطقة منزوعة السلاح.
يستبعد الدبوبي تعليق مصر لمعاهدة السلام لأن هناك شروطا خاصة تتعلق بالحدود مع غزة، وتتضمن الاتفاقية منع تواجد أكثر من فرقة عسكرية داخل منطقة سيناء، وتسمح فقط بدخول 40 الية ، لأسباب إنسانية في حالات الهجوم على رفح.
ويرى أن هناك تحديات صعبة أمام القوات الاسرائيلية، بين الاجتياح والدخول إلى رفح وضمان حماية حماية أرواح المدنيين كما تطالب الولايات المتحدة، حيث يقيم مليون وربع غزي في رفح، مع اصرار الاحتلال على شن هجوم على رفح باعتبارها آخر معقل لحماس، واعتقاداتهم بوجود قادة ورهائن.
تداعيات الحرب على مصر
ترفض السلطات المصرية وجود أي قوات إسرائيلية بمحور فيلادلفيا المتاخم للحدود المصرية، حيث لا يحق لإسرائيل حسب الاتفاقيات الموقعة بين الجانبين مخالفة الترتيبات الأمنية القائمة من دون موافقة مصر، التي تؤكد أنها دمرت جميع الأنفاق التي كانت تستخدم للتهريب بينها وبين القطاع، ومنعت إدخال المواد المحظورة إلى داخل القطاع، ونفت مزاعم إسرائيل باستخدام المقاومة الخط الحدودي لتنفيذ عملياتها وتهريب الأسلحة الى الداخل.
كما عززت مصر قواتها عقب الاستهدافات الإسرائيلية لمحور فيلادلفيا، وفي ظل اتجاه كثير من النازحين إلى مدينة رفح والمناطق الحدودية، زادت من الحواجز وحصنت محيط أبراج المراقبة والمواقع العسكرية المختلفة في المنطقة العازلة.
من جهته يرى أستاذ العلوم السياسية، الدكتور خالد شنيكات أن الحرب على رفح ستؤثر بشكل كبير، على استقرار مصر، ولا يمكن الاعتماد كثيرا على الرأي العام والمجتمع الدولي، ولكنها قد تكشف المزيد من الصورة الحقيقية عن اسرائيل في حال تنفيذها، مما يؤدي الى خسائر كبيرة بين المدنيين.
ويرى شنيكات أن مواصلة الحرب على القطاع بهدف تحقيق الرؤية اليهودية لنتنياهو، وهي استحالة حصول اسرائيل على الأمن مع وجود 2 مليون و400 ألف فلسطيني في غزة يشكلون خطرا يستوجب فتح باب التهجير سواء بشكل طوعي أو قسري.
وتشير المعطيات الى ان الاوضاع تتجه نحو العمليات العسكرية اكثر من الحل السياسي، ما لم يحدث ضغط دولي كبير أو تغير في الموقف الاسرائيلي الشعبي والسياسي، مثل حدوث مظاهرات كبيرة لوقف الحرب، او تراجع الفصائل الفلسطينية عن مطالبها، وفي حال تراجعوا عن ذلك ستتوقف الحرب بشكل مؤقت بعد تحرير الاسرى لدى حماس ومن ثم عودتها، بحسب شنيكات.
ويقوم الاحتلال الإسرائيلي منذ بداية الحرب بتهجير سكان القطاع عن طريق تدمير البنية التحتية والمرافق الصحية والتعليمية والمستشفيات مما يجعل الحياة في غزة غير ممكنة، ويدفع السكان نحو التهجير.
هذا ويوجه الاحتلال الاسرائيلي اتهامات بارتكاب "إبادة جماعية" أمام محكمة العدل الدولية وإثر المجازر المرتكبة بالقطاع، للمرة الأولى في تاريخها، ما قوبل بترحيب إقليمي وعالمي لوضع حد لإفلات إسرائيل من العقاب.