الأوريغامي: من لعبة طفولة إلى فن إبداعي يحتفي به العالم
من المؤكد بأنك تتذكر طفولتك عندما صنعت صاروخا من الورق وأطلقته على إخوتك أو أصدقائك، ولكن لم تكن تعلم حينها أنك تمارس نوعا من الفنون التقليدية اليابانية يسمى "الأوريغامي" وهو فن يقوم على طي الورق، الذي يحول الأوراق البسيطة إلى أشكال إبداعية مختلفة مثل أشكال الورود، أشكال الحيوانات، الأشكال التقليدية.
اليوم الإثنين يحتفل العالم، بما في ذلك الأردن، بهذا الفن في 11 من تشرين الثاني من كل عام بهدف نشره وزيادة الوعي بفوائده التعليمية، الإبداعية، والعلاجية.
ولتعزيز هذا الفن أطلقت مبادرات محلية، من أبرزها مشروع "ورقامي" وهو مشروع شبابي ريادي، تأسس عام 2016، ويعد الأول من نوعه في الشرق الأوسط المتختص في الفنون الورقية كالأوريجامي الكويلينج وغيرها من الفنون الابداعية.
مؤسسة مشروع "ورقامي"عايشة سلمان توضح أن هذا الفن يساهم في تعزيز الإبداع ويطور المهارات الحركية الدقيقة، حاصصة للأطفال، مما يعزز لديهم التركيز والصبر، ويتيح لهم فرصة خلق أشكال إبداعية بلمساتهم الخاصة بعيدا عن التكنولوجيا، كما يقدم المشروع منتجات محلية عالية الجودة ودورات تدريبية باللغتين العربية والإنجليزية.
توظيف الفن للعب
يعتبر فن "الأوريغامي" بحسب الدراسات وسيلة تعليمية فعالة داخل المدارس، حيث يمكن للمعلمات استخدامه كأحد أساليب التعلم من خلال اللعب، مشيرة إلى أن مجالات هذا الفن واسعة، ولا يقتصر على الترفيه فقط، بل تم استغلاله عالميا لتطوير أثاث ذكي قائم على الطي لتوفير المساحة، كما يتم تطبيقه في مجالات متنوعة تشمل الفضاء، التصميم والهندسة المعمارية، حيث أن العديد من المباني استوحي تصميمها من تقنيات الطي المستمدة من الأوريغامي، ويستخدم هذا الفن في العلوم والتكنولوجيا، إذ تلعب تقنيات الطي دورا كبيرا في مجالات متعددة من حياتنا العملية.
وتضيف سلمان أن المشروع قدم ورش تدريبية تفاعلية لمختلف الأعمار من سن ثلاث سنوات وحتى ثمانين عاما، وتركز هذه الورش على تعليم تقنيات الطي الأساسية وكيفية تشكيل الأشكال المختلفة، بالاضافة إلى تنظيم الورش التعليمية حسب الفئة العمرية، حيث يشمل بعضها صناعة الديكورات الورقية والفنون اليدوية، إلى جانب تنظيم ورش خاصة للمعلمات كـ "تدريب المدربات" (TOT).
وتبين بان كل فئة عمرية تميزت بورشة بطابع أو موضوع خاص بها، وقد تمكن المشروع من تدريب أكثر من 70 ألف شخص في مختلف المحافظات والمدارس والمنظمات، كما تم تأسيس أول مساحة متخصصة في هذا المجال في الشرق الأوسط لدعم الأفراد في تطوير مهاراتهم في هذا المكان.
فن الاريجامي للجميع
من ضمن فعاليات هذا المشروع، أطلق العديد من المبادرات في مجال فن الأوريغامي، منها مبادرة "ركن ورقامي" التي تركز على إعادة التدوير، من خلال استخدام الفن لنشر ثقافة إعادة التدوير وإعادة الاستخدام، وخصوصا في المدارس الحكومية، كما عمل على تحويل الكتب القديمة والتالفة إلى قطع فنية.
ونظرا لعدم توفر حصص فنية فعالة في المدارس الحكومية، يحاول المشروع تعزيز ثقافة إعادة التدوير لدى الطلاب، من خلال استخدام كتاب قديم واحد لصنع حوالي 300 قطعة أوريغامي، ويتم العمل على اعطاء حصصا فنية مجانية للطلاب.
وأطلق المشروع أول دليل أوريغامي مطبوع بلغة بريل عالميا، بهدف دمج الأشخاص ذوي الإعاقة في الأنشطة الفنية، لإيمانهم بأن الفن للجميع ولا يقتصر على فئة معينة، مستهدفا جميع أنواع الإعاقات، بما فيها البصرية والحركية، وحتى أطفال التوحد، الذين أبدوا قدرات إبداعية رائعة، حيث يستطيعون صنع مجسمات معقدة تحتوي على مئات القطع بتركيز وإتقان كبير.
كما قام المشروع باضافة لمسة أردنية مميزة من خلال إنتاج قطع أوريغامي تبرز الثقافة والتراث الأردني والأماكن السياحية، مثل فن "الأوريغامي لأجل الأردن" الذي يسلط الضوء على هويتنا ويشمل أزياء تقليدية أردنية.
أما فيما يتعلق بالخطط المستقبلية تؤكد سلمان، بأنها تسعى الى التوسع في الأسواق الخارجية عبر إنتاج منتجات فنية محلية بجودة عالية، مما يمكنها من إيصال الإبداعات المحلية إلى الأسواق العالمية، كما تهدف إلى توسيع نطاق التدريبات ليشمل مختلف محافظات الأردن، بهدف تطوير مهارات التعليم التفاعلي والارتقاء بالعملية التعليمية.