الأردن يعيد "ضبط المصنع" في علاقته مع امريكا واسرائيل
لجأت حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي، نفتالي بينيت إلى المياه لتطريب العلاقة مع الأردن بعد سنوات من الجفاف بين الجانبين بسبب محطات التأزيم التي تسبب بها رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو.
وسائل إعلام عبرية ذكرت الخميس 8\يوليو أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بينيت، زار الأردن سرا الأسبوع الماضي، والتقى العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، وأبلغ بينيت الملك أنه مستعد للموافقة على بيع الأردن المياه، وهي قضية كانت مثار جدل في عهد نتنياهو، الى جانب طي ملفات خلافية من بينها الحفاظ على الوصاية الهاشمية على المقدسات.
تواجه الأردن عجزا مائيا في الصيف يبلغ نحو 400 مليون متر مكعب سنويا بينما تقدر حاجته بـ900 مليون متر مكعب، حسب ما كشفت وزارة المياه والري، واشترت الاردن بشق الأنفس في أبريل الماضي 8 مليون متر مكعب من حكومة نتياهو الذي هددت حكومته مرارا بـ"تعطيش الاردن"
وأعلنت وزارة الخارجية الأردنية في بيان صحفي الخميس 8 يوليو عن لقاء جمع وزير الخارجية أيمن الصفدي ونظيره الإسرائيلي يائير لابيد على الجانب الأردني من جسر الملك حسين، واتفقا على بيع الاحتلال المياه للمملكة بواقع 50 مليون متر مكعب سنويا.
وتعود المياه لمجاريها بين الأردن الحليف الاستراتيجي للولايات المتحدة وإسرائيل بعد سنوات من التوتر تسبب بها رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق نتنياهو في ملفات اهم ضرب الوصاية الهاشمية على المقدسات بعرض الحائط.
هذا التغزل الإسرائيلي في الأردن يسبق زيارة مرتبة للملك عبد الله الثاني منتصف تموز/ يوليو الحالي، الرئيس الأمريكي جو بادين كأول زعيم عربي يزور البيت الأبيض منذ استلام بايدن مقاليد الرئاسة.
دفع عملية السلام من امريكا
نائب رئيس الوزراء الأردني الأسبق، ممدوح العبادي، يقول، أن "الأردن دولة لها علاقة استراتيجية مع الغرب، هناك كيمياء بين القيادة الأردنية والمؤسسات الأمريكية، اليوم تحاول أمريكا دفع عملية السلام بين الأردن واسرائيل خصوصا أن غالبية الحكومة الاسرائيلية الجديدة ضد نتنياهو".
"إذا امريكا اردت الضغط على إسرائيل سيكون هناك تجاوبا من قبل الحكومة الإسرائيلية الحالية لفتح ملفات مثل حل الدولتين و وقف الاستيطان والأردن قد يلعب دورا مهما هنا في إعادة مفاوضات السلام مع اسرائيل".
"أمريكا لم تلعب دورا في تقريب العلاقة بين الأردن وإسرائيل، هناك شخصيات في الحكومة الاسرائيلية قادت مبادرة لاعاد العلاقة مع الأردن بعد أن دمرها نتنياهو".
وحسب مسؤولين أردنيين، فأن الملف الأبرز الملف الفلسطيني سيكون على طاولة الملك وبادين ويحمل تفرعات مثل القدس والحفاظ على الوصاية الهاشمية، ووقف الاستيطان في الضفة، ودفع المفاوضات بين الفلسطينيين والاسرائيليين، الى جانب ملفات اخرى مثل الملف السوري والسماح للأردن بالتبادل التجاري مع سوريا خصوصا واستثناءه من قانون سيزر الذي يفرض عقوبات على نظام الاسد.
زيارة الملك لواشنطن
الكاتب في الشأن الفلسطيني والاسرائيلي حماد فراعنة، يربط بين زيارة الملك لواشنطن وبين الاتصالات الإسرائيلية مع الأردن، "غياب خطة ترامب للسلام كان خطوة مهمة بالنسبة للاردن، وهزيمة نتنياهو في الانتخابات ساهمت في ازالة التوتر والاحتقان بين الاردن واسرائيل".
"زيارة الملك لواشنطن الرئيس بادين علاقته مع الأردن إيجابية، وتحمل الزيارة عناوين مهمة بعد زوال عوائق وضعها ترامب معادية للفلسطينيين مثل المساعدات للفلسطينيين وإغلاق سفارة فلسطين في واشنطن، وأعلن بادين تمسكه لحل الدولتين رغم صعوبة تطبيقه".
يعتقد فراعنة أن إسرائيل ستجتمع مع القيادات الأردنية في في واشنطن عقب لقاء الملك مع بادين "الأردن لديه شروط للتعامل مع الاحتلال أبرزها الحفاظ على حرمة المسجد الأقصى ووقف الاستيطان وفتح الأبواب التعامل الاقتصادي بين الاردن وفلسطين".
ترميم ما أفسده نتنياهو
الخبير الأردني في الشأن الإسرائيلي،وأستاذ اللغة العبرية، د. ايمن الحنيطي، يقول، الخميس الماضي كان لقاء سري سُرب بالإعلام الإسرائيلي بين الملك عبد الله الثاني وبينيت الذي زار الأردن سرا يبدو أن التسريب كان متعمدا لإيصال حكومة بنيت تعمل على تحسين العلاقات مع الاردن".
"الأردن لم يكن يرغب بالكشف عن هذا اللقاء، العلاقات الإسرائيلية مع الأردن تتجه نحو الايجابية في ملفات عديدة رغم ان معروف عن بينت أنه يميني متطرف".
وحسب الحنيطي "الملك في التاسع عشر سيزور واشنطن ويلتقي الرئيس الأمريكي وفي نفس الشهر سيكون هنالك ايضا زيارة لبنيت لأمريكا، هذا كله يصب في تحسين وترميم العلاقات وترسيم مسيرة المفاوضات ما يهم الاردن او ضمان الحق في الوصاية الهاشمية على القدس واعتقد ان هذا طرح بقوة في اللقاء السري الملك وبنيت".
لقاء آخر مرتقب يحيطه السرية
وكشف وزير اردني سابق أن الملك عبد الله الثاني، سيلتقي رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي الجديد، نفتالي بينيت، خلال زيارتهما إلى واشنطن.
وكتب وزير البلديات الأسبق حازم قشوع في مقال له في 7 يوليو بموقع العروبة نيوز المحلي أن "ولي العهد الأردني الحسين بن عبد الله سيزور كذلك القدس المحتلة أيلول/ سبتمبر المقبل." الوزير رفض الحديث في وقت حذفت فيه مواقع إخبارية عديدة المقال الذي كتبه اكتفى "بالقول لا أريد الحديث في هذا الموضوع" في إشارة منه لتعرضه لضغوط.
وفي أبريل الماضي منعت الأردن طائرة نتنياهو من التحليق في الأجواء الأردنية وهو في طريقه لزيارة الإمارات، ما أدى إلى إلغاء نتنياهو لهذه الزيارة، الخطوة الاردنية ردا على اعتراض الاحتلال على الترتيبات الأمنية التي اتفق عليها سابقا مع عمان لترتيب زيارة ولي العهد الأردني للمسجد الأقصى، ما تسبب أيضا بإلغاء الأمير زيارتَه لمدينة القدس المحتلة.
من المرجح أن يلتقي الملك عبد الله الثاني المتواجد حاليا في الولايات المتحدة الأمريكية منتصف تموز/ يوليو الحالي، الرئيس الأمريكي جو بادين كأول زعيم عربي يزور البيت الأبيض منذ استلام بايدن مقاليد الرئاسة.
وتحاول عمان اعادة ضبط المصنع في علاقتها مع الادارة الامريكية واسرائيل بعد تدهورها في ظل تحالف ترامب ونتنياهو إثر معارضة الملك بشدة خطة الرئيس السابق دونالد ترامب للسلام في الشرق الأوسط او ما عرف بـ"صفقة القرن.
وزير الدولة لشؤون الإعلام والاتصال الأسبق، العين، محمد المومني، يقول "الزيارة تأتي بعد إدارة أمريكية سابقة كان الأردن قد تعرض أثناء وجودها في البيض الأبيض لكثير من الصعوبات يوم تأتي إدارة جديدة تقترب في فهمها من الفهم الأردني لملفات الإقليم".
"سيكون هنالك نقاش استراتيجي حول كيفية إحقاق حل الدولتين خصوصا في ظل حكومة إسرائيلية جديدة، وقيادة فلسطينية جاهزة، كما أن الملف السوري سيكون حاضرا إلى جانب استقرار الإقليم".
وحسب بيان للبيت الأبيض "زيارة الملك ستسلط الضوء على الشراكة الدائمة والاستراتيجية بين الولايات المتحدة والأردن، كشريك أمني رئيسي وحليف للولايات المتحدة".
الدبلوماسي الأمريكي السابق مفيد الديك، (مستشار سابق في وزارة الخارجية الأمريكية و مسؤول السياسي لمنطقة الشرق الأوسط)، يرى ان "الزيارة مهمة للأردن بعد علاقة متأزمة مع إدارة ترامب بسبب رفض المملكة لصفقة القرن، الأردن دفع ثمن هذا الموقف بعقوبات لم تكن واضحة، ومعلنة ولكن يمكن ان تلامسها بسهولة خلال فترة ترامب".
يقول " أيضا العلاقة في عهد نتنياهو لن تكون طيبة جدا في العديد من الملفات وخصوصا في ملف القدس ووصاية العائلة الهاشمية التي حاولت حكومة نتنياهو الاقتطاع منها ما امكنهم ذلك اضافة الى ملف حل الدولتين الذي لم يعد واقعيا وعمليا رغم أن إدارة بادين التي مازالت تتحدث عنها لكن لم تقم بأي شيء عملي لاعادة احيائه".
"دور الاردن في غاية الاهمية هو حليف استراتيجي أمني بالنسبة لي امريكا ،المملكة لعبت دورا مهما في الحرب ضد داعش، واليوم نسمع تقارير عن نقل معدات عسكرية وجنود أمريكيين من قطر الى الأردن، وهو أهم من دول أخرى طبعت ع اسرائيل، كونه يمتلك أطول شريط حدودي مع إسرائيل، وشريك في عملية السلام منذ التسعينات، الحكومة الإسرائيلية الحالية بالرغم من أنها ليست حكومة سلام لكنها أكثر عقلانية من حكومة نتنياهو و ليست معنية بتوفير العلاقات مع الأردن كما كان يفعل نتنياهو".
وسارع الرئيس الأمريكي جو بايدن في السابع من أبريل/ نيسان الماضي للتعبير عن دعمه للأردن خلال اتصال هاتفي مع الملك عبدالله، وذلك بعد ما عرف بـ"قضية الفتنة" التي تقول السلطات الأردنية إن ولي العهد السابق الأمير حمزة، ورئيس الديوان الملكي الاسبق باسم عوض الله والشريف حسن بن زيد متورطان في مخطط "لزعزعة أمن الأردن واستقراره".