الأرامل في الأردن بين التحديات والتمكين الاقتصادي

الرابط المختصر

بعد وفاة زوجها منذ تسع سنوات، واجهت أماني حمو العديد من التحديات، كان أبرزها مراجعتها لصندوق التنمية الاجتماعية للحصول على معونة شهرية لإعالة أبنائها، حيث واجهت صعوبات عديدة بسبب الإجراءات والمتطلبات اللازمة، ولكن بعد جهد طويل، تمكنت أخيرا من الحصول على مبلغ شهري يصل إلى 110 دنانير.

هذا المبلغ لم يكن يكفي احتياجاتها الأساسية وتوفير متطلبات أبنائها الخمسة ولا حتى سداد إيجار منزلها الذي يصل الى 150 دينارا،  خاصة وأنها لم تكن تلق الدعم الكافي من عائلتها التي رفضت عملها في البداية وخروجها من المنزل كونها أرملة. 

وبدعم من صديقاتها المقربات، استطاعت أماني الالتحاق بدورات تدريبية والحصول على شهادة في الصيانة المنزلية التي تشمل ترتيب المنازل وزراعة الزهور وصيانة الأثاث، وتتقاضى راتبا شهريا فوق معونتها الشهرية يصل الـ 119 دينارا، وذلك لتوفير احتياجات أطفالها وضمان حياة كريمة لهم.

لم تستسلم  أماني لمشاعر الحزن والفقدان، بل سعت لتطوير نفسها واستغلال قدراتها، رافضة الزواج مرة أخرى لتكون الأم والأب لأبنائها، لتحقيق أحلامهم، رغم التحديات والصعوبات التي واجهتها، نجحت في تحقيق هذا الهدف، على حد وصفها.

 

ماذا عن الصحة النفسية للأرامل؟

 

بحسب تقديرات المجلس الأعلى للسكان، فإن نسبة الأرامل بين الأردنيات تبلغ 7.1% مقارنة بـ 0.05% من الذكور، مما يتطلب من الحكومة اتخاذ إجراءات لتحقيق التزاماتها بحماية حقوق الأرامل المنصوص عليها في القوانين الدولية، بما في ذلك اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة.

ويضيف المجلس أن النساء الأرامل يواجهن صعوبات أكبر في الحصول على فرصة للزواج مرة أخرى، نظرا للقيم والتقاليد الاجتماعية التي قد تعترض طريقهن. لذلك، من الضروري تطوير سياسات وبرامج لدعم الأرامل، وضمان حقوقهن في الميراث والأراضي، بالإضافة إلى تعزيز فرص التعليم والتدريب والعمل، وتحسين الحماية الاجتماعية لهن.

وتصف مؤسسة اطمئن للدراسات والأبحاث والاستشارات الاجتماعية والتربوية والنفسية الدكتورة أمينة الحطاب هذه النسبة بالمرتفعة جدا، مشيرة إلى وجود عدد كبير من السيدات الأرامل اللواتي يحتجن إلى إعالة أسرهن .

وترى الحطاب أن الدعم النفسي لهؤلاء السيدات أمر له أهمية كبيرة، مشيرة الى أن  وفاة الزوج  لا تعني نهاية حياة المرأة، بل يجب أن تعيد ترتيب حياتها  وظروفها  في المرحلة الجديدة بعد وفاة زوجها، مما يساعد  على استعادة التوازن النفسي  والانطلاقة في الحياة والعمل لتحسين ظروفها وتطوير عائلتها وابنائها.

كما تشير الحطاب إلى أهمية دور الحكومة في مساعدة الأرامل، من خلال تمكينهن بفتح مشاريع اقتصادية عبر تقديم الدعم المعرفي والمالي وتوفير دورات تدريبية مجانية لتطوير مهاراتهن المهنية، مما يساعدهن على التقدم دون الاعتماد على المعونة الوطنية.

 

تمكين الأرامل اقتصاديا

 

ومن الناحية الاقتصادية اشار المجلس الأعلى للسكان في تقريره الى انخفاض معدلات المشاركة الاقتصادية بين الأردنيات الأرامل،  كما هو الحال لدى النساء بشكل عام في الأردن، إلا أنه لوحظ انخفاض المعدل بشكل كبير بينهن مقارنة ببقية النساء حيث بلغ 2% عام 2022 مقارنة ب 13.9% بين جميع النساء الأردنيات، وكذلك الحال لدى النساء الأرامل اللاتي يرأسن أسرهن حيث بلغ معدل المشاركة الاقتصادية المنقح بينهن لعام 2022 (1.9% ) فقط . 

من جهة أخرى، أظهر جدول أعداد السكان المقدر والاسر لعام 2020 ، ارتفاع نسبة النساء في الأردن اللاتي ُيعلن أسرهن إلى 17.5% وهذا ارتفاع غير مسبوق، حيث وصل عدد الاسر إلى 2.242 مليون أسرة، ومن بينها 392.3 ألف تنفق عليها نساء. 

وتعمل العديد من الجمعيات التنموية على تمكين السيدات الأرامل اقتصاديا، لرفع مستوى معيشتهن، فضلا عن إقامة مشاريع إنتاجية لزيادة دخل الأسرة. 

رئيسة جمعية نور المشرق الخيري وعضو مجلس محافظة العاصمة الدكتورة مرفت العبادي تشير الى أن أبرز أهداف الجمعية هو تقديم العون للنساء، وخاصة الأرامل اللواتي لا يمتلكن عملا او دخلا شهريا، لما يحتاجونه من دعم ومساندة خاصة في ظل الظروف الاقتصادية المتردية.

وتقوم الجمعية بتقديم البرامج التدريبية التي تؤهل الأرامل لدخول سوق العمل، من خلال العمل بتشاركية مع مؤسسات وطنية، لتمكينهن من الاعتماد على أنفسهن وتطوير ذواتهن وتحسين ظروفهن الاقتصادية والاجتماعية دون الاعتماد على المساعدات الخيرية.

 وتوضح العبادي أن الدورات تنظم وفقا لميول كل سيدة وما ترغب فيه، وتدرس حالة كل سيدة لتحديد الأولويات، وتقدم الجمعية الدعم المالي للسيدات اللاتي حصلن على الدورات لإنشاء مشاريعهن، ويتم متابعتهن للتأكد من نجاح مشاريعهن والاعتماد على أنفسهن.

ومن الأمثلة الناجحة التي تحققت من خلال مشاريع الجمعية، تبرز قصة إحدى السيدات الأرامل التي كانت تعيل ثلاثة أطفال وتتلقى المعونات الشهرية، بعد حصولها على دورة تدريبية في المطبخ الإنتاجي، تمكنت من تأسيس مشروع صغير للمطبخ الإنتاجي، ثم توسعت فيه بعد حصولها على دعم من وزارة التنمية الاجتماعية، وحاليا تعيل نفسها وتدعم أسر أخرى بتوظيف سيدات لديهن.