اكذوبة الاسكان في القدس..

اكذوبة الاسكان في القدس..
الرابط المختصر

يعيش صديقي ابو الرائد هذه الايام حالة ارباك، وفي حيرة لا يعلمها الا الله سبحان وتعالى، هذا الصديقي الذي قرر ان يزوج ابنه، وهو كما يقال باللغة العامية يريد ان يفرح بابنه، وان يرى حفيده امامه يلعب..! هذه الرغبة تبدو هذه الايام دربا من دروب الجنون في القدس بشكل خاص، ورغم علم صديقي العزيز بذلك، الا انه قرر ان يجرب حظه، وهكذا كان! وتمت الخطبة وبدات اخطر مرحلة، والتي اخشى على صاحبي على صحته المعلولة منها، الا وهي مرحلة البحث عن شقة ليسكن ابنه فيها، ويفرح به!! وكانت فعلا ولا تزال رحلة عذاب لا مبرر لها..

ما علينا!

'المهم' ان حالة صديقي ابو الرائد تلك ليست فريده من نوعها، بل هي حال اغلبية سكان القدس الذين تطحنهم الحياة طحنا، تحت مطرقة الاحتلال وسندان من غابت ضمائرهم من ابناء جلدتهم..! فايجارات الشقق خياليه بكل ما في الكلمة من معنى، ونحن نتحدث عن شقة عادية لا تتجاوز المئة متر بقليل، في بيت حنينا يصل ايجار الشقة شهريا ما بين 700 دولار الى 1200 دولار شهريا، وفي الشيخ جراح فان الشقة تساوي 1500 دولار الى 3000 دولار شهريا، فهذه المنطقة يعتقد اصحاب العقارات فيها انها درجة اولى وهي مطلوبة من قبل القنصليات والممثليات الاجنبية في القدس، اما في حي الطور وواود الجوز فان الشقة قد تصل الى 1000 دولار، وفي صورباهر وجبل المكبر ومنطقة الجنوبية فان الاسعار اقل نوعا ما، ولكنها لن تقل عن 500 دولار شهريا.

وبهذه الاسعار لا يمكن لاي مقدسي من اهل القدس ان يستاجر شقة، ولهذا نجده يبحث عن شقة خارج حدود الجدار يعنى خارج القدس..! هذه الازمة الخانقة في السكن اجبرت الكثيرين على السكن في حوانيت داخل البلدة القديمة بعد تحويلها الى شئ قابل للسكن، حتى الياخورات التي كانت تستخدم لسكن الحيوانات ايام زمان، ايام العز، تحولت الى مساكن للبشر باسعار مرتفعه!

اما عن اسباب هذه الازمة السكنية الخانقة فاسبابها معروفه اولها واهمها، الاحتلال الذي يقوم بمهمته على اتم وجه، اي تضيق الخناق على المقدسين وسكان القدس، واجبارهم على السكن خارج القدس، ورغم ذلك وكما قال احد كبار الخبراء في المجال، فان ما جرى هو العكس فعدد سكان المقدسين ارتفع ليصل الى اكثر من 300 الف لتصبح نسبتهم اكثر 30% على عكس ما يرغبه المحتل، ام بقية الاسباب فهي تعود لنا نحن، منها جشع رجال الاعمال وخاصة المتخصصين في البناء، والذين يصرون على الربح الكثير باقل التكاليف، فاحد الاشخاص الوافدين على القدس ينوى اقامة عمارة سكنية، ولكنه سارع الى الاعلان لبعض الاصحاب بان سعر الشقة على العظم سوف يرتفع بصورة كبيرة في حال بدات اعمال الحفريات في المكان، ولهذا وجدت من قام بالاقتراض من البنك لحجر شقته ودفع مبالغ كبيرة، ومنهم من قام ببيع شقته التي يسكنها، المهم ان سعر الشقة غير المكتملة عنده وصل الى 350 الف دولار مساحتها 120 متر، هذا قبل الاعلان، وبعض الشقق الاكبر وصل سعرها الى 450 الف دولار، هذا الرجل الوافد الى القدس بهدف تحقيق ثروة كغيره من الوافدين يريد الربح السريع، ولكن ماذا نقول لرجال الاعمال من ابناء المدينة الذين يتسابقون فيما بينهم على رفع الاسعار، وهم لا يعلمون او يعلمون انهم يذبحون المقدسي من الوريد الى الوريد، فهذا الرجل ذو الخبرة في سوق العقارات، يشرع حاليا ببناء مشروع في منطقة راقية بالقدس سعر الشقة غير المكتملة يصل الى 500 الف دولار (بعد المراعاة)، وحسب قوله فان الشقق تم بيعها، وعند سؤاله عن هذا الارتفاع الحاد والجنوني لاسعار الشقق، قال :ان اسعار الاراضي مرتفع، وان الاجراءات الاسرائيلية لنيل الرخصه تكلف الكثير من المال، منهيا كلامه بعبارة تدل على هذه النوعية من البشر: اذا رغبت بشقة اقل سعرا اذهب الى منطقة اخرى في القدس اقل رقيا للشراء...! يعنى الي معوش بلزموش...!

هذا هو منطق هؤلاء رجال الاعمال، الذين يتسابقون للقاءات الجماهيرية وعدسات الكاميرات لتاكيد بانهم وطنين حتى النخاع.. وحتى امتلاء جيوبهم.

بكلمات اخرى فان مشاريع الاسكان الحالية والقادمة في القدس هي للاغنياء فقط، وكل من يعلن صباح مساء عن حبه للقدس وانه سوف يقوم بمشاريع اسكان، فان يقوم بذلك ليس للمقدسين المفلسين، بل لغيرهم من فئات الشعب التي سكنت القدس في الاوانه الاخيرة، فالمقدسي لا يمكنه ان يدفع هذه المبالغ على شقق غير مكتمله.

ولعل المضحك المبكي ان احد رجال الاعمال الذي تعمل بعض وسائل الاعلام على الترويج له (فهناك من يرى على نفسه من الاعلامين ان يكون بوقا كاذبا لرجل او رجال اعمال لا يقدمون شيئا لله والوطن والقدس، ويريدون ان يقنعوا الناس انهم عكس ذلك) وكانه عزيز القدس وعاشقها الاوحد، يحاول اقامة مشروع اسكان منذ سنوات طبعا ليس لاهل القدس.!

فكفاكم كذبا يا من تدعون ما ليس فيكم، وكفاكم ايها المقدسيون ان تسمحون ان يستخدم اسمكم لتحقيق ارباح غير مشروعه...

اما صديقنا ابو الرائد فلا زال يبحث عن شقة

وللحديث بقية

أضف تعليقك