اقتصاديون: لا تغيير على الموازنة دون خطط حقيقية لمعالجة العجز
بعد ماراثون من المناقشات النيابية خلال الفترة الماضية، لمشروع الموازنة العامة للسنة المالية لعام 2022 يدخل الأربعاء حيز التنفيذ، بنسبة عجز مقدر بما قيمته 1.740 مليار دينار، وسط انتقادات من قبل خبراء اقتصاديين، لما ستساهم به من تفاقم لتردي الأوضاع الاقتصادية، باعتبارها كغيرها من الموازنات السابقة.
وقدرت الموازنة الإيرادات العامة ب 8.921 مليار دينار، توزعت على الإيرادات المحلية 8.064 مليار دينار، والمنح الخارجية 848 مليون دينار، أما النفقات العامة فقدرت بمبلغ 10.652 مليار دينار، حيث بلغت فيها النفقات الجارية 9.104 مليار دينار، والرأسمالية 1.546 مليار دينار.
موازنة 2022 تقليدية ولا جديد فيها
الخبير الاقتصادي محمد البشير يصف "هذه الموازنة بـ "الجامدة"، التي ستؤدي الى المزيد من العجوزات، والاعتماد على المنح الخارجية"، متوقعا ارتفاع المزيد من نسب العجز بالموازنة بسبب تراجع المساعدات المالية المقدمة للمملكة بسبب الأزمة الاقتصادية الروسية.
من جانبه يؤكد الخبير الاقتصادي فهمي الكتوت، ان "موازنة العام الحالي تقليدية ولا تختلف عن موازنات السنوات السابقة وتحمل المزيد من الأعباء على الدولة، فيما يتعلق بزيادة العجز الذي سيؤدي الى ارتفاع معدل المديونية".
في تحليل للمنتدى الاستراتيجيات الأردني للموازنة العامة، يشير الى أن العجز في الموازنة العامة ما يزال مستمرا ومنذ عقود، حيث كانت الإيرادات العامة على الدوام أقل من النفقات، ولم يتبدل هذا الحال في الأعوام الأخيرة، بل على العكس من ذلك.
ويبين المنتدى ان جائحة كورونا قد تسببت بانخفاض حاد في الإيرادات العامة غير الضريبية، وازدياد في عجز الموازنة الى الناتج المحلي الإجمالي من 3.3 % في العام 2019 إلى 7 % في العام 2020.
هذه الاختلالات يرجعها البشير الى "فرض الضرائب غير المباشرة التي أنهكت القطاع الصناعي والزراعي، بالإضافة الى عدم قدرة الحكومة على إدارة ملف الطاقة، وتكلفة التمويل وما يترتب عليه من ديون لدى البنوك، موضحا ان الحكومة لم تقدم اي مقترحات ضمن الموازنة لمعالجة هذه الاختلالات".
عجز الموازنة يحتاج الى خطط واستراتيجيات حقيقية
ويتفق منتدى الاستراتيجيات وفق تقرير له الخبراء الاقتصاديين بأن موازنة هذا العام لم تأت بأي أمر جديد، حيث ما تزال الإيرادات من ضريبة المبيعات هي المصدر المهيمن على الإيرادات الضريبية.
كما أن الموازنة ما تزال تعتمد على المنح الخارجية؛ حيث من المتوقع أن يشكل هذا المصدر 10.5 % من مجموع الإيرادات المحلية، علاوة على أن بعض البنود مثل الرواتب، والتقاعد، والفوائد ما تزال تشكل النسبة الأعلى 84.1 % من إجمالي النفقات الجارية.
الخبير الاقتصادي الكتوت يعتبر أنه رغم ارتفاع نسبة النفقات الرأسمالية الى ما نسبته 14% في هذه الموازنة، الا ان ذلك لا يعني بأن هذه النفقات ستسهم بتطوير الاقتصاد بالمعنى المطلوب.
الموازنة تبين أن النفقات الرأسمالية من المتوقع أن تزداد من 1,080.1 مليون دينار (معاد تقديره) في العام 2021 الى 1,551.4 مليون دينار في العام 2022، أو بنسبة 43.6 %.
هذه التحديات الاقتصادية بحسب البشير ستدفع الحكومة الى البحث عن المساعدات الخارجية، دون أي معالجة لهذه الاختلالات، معتبرا بأن الحكومة الحالية لم تنجح بوضع خطط واستراتيجيات لإنقاذ الاقتصاد الوطني ومعالجة الاختلالات في الموازنة، والتي تتمثل بأن النفقات الجارية هائلة، في المقابل النفقات الراس مالية متواضعة، بمعنى أن ما يزيد عن الـ 60% تنفق على الرواتب.
مجلس النواب خلال مناقشته لمشروع الموازنة العامة، طالبوا بعدة أمور من أبرزها معالجة بعض التشوهات في الموازنة، وان تعمل الحكومة بكل جهدها على زيادة النمو في الاقتصاد الذي قد يخلق وظائف ويحارب الفقر.
وانطلقت السبت الماضي أعمال ورشة العمل الاقتصادية المنعقدة في الديوان الملكي تحت عنوان الانتقال نحو المستقبل: تحرير الإمكانيات لتحديث الاقتصاد، والتي تسعى الى الخروج بتوصيات للنهوض بالاقتصاد الوطني بمختلف قطاعاته.