اقتصاديون : خفض الفائدة يدعم الاقتصاد والمواطنين على المدى الطويل

الرابط المختصر

بعد أقل من شهرين على تخفيض الاحتياطي الفيدرالي الأميركي لأسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس، أجرى تخفيضا جديدا بمقدار 25 نقطة، الأمر الذي قد يساهم في تعزيز النمو الاقتصادي وتخفيف الأعباء المالية على الأفراد والشركات.

ويعد هذا التخفيض الثاني منذ 2020، بعد 11 مرة على مدى فترة حوالي عام ونصف، وبناء على قرار التخفيض، قررت لجنة عمليات السوق المفتوحة في البنك المركزي الأردني، تخفيض أسعار الفائدة على أدوات السياسة النقدية كافة بمقدار 25 نقطة أساس اعتبارا من اليوم الأحد.

جاء تخفيض أسعار الفائدة وفقا لبيان البنك المركزي بعد مراجعة دقيقة للمؤشرات الاقتصادية المحلية، واتجاهات أسعار الفائدة العالمية، التي تدعم استمرار السياسة النقدية التيسيرية التي بدأها البنك المركزي في أيلول الماضي.

 

تخفيض الفائدة نتيجة طبيعية

الخبير الاقتصادي محمد البشير يؤكد في حديث لـ "عمان نت" أن قرار البنك المركزي جاء كنتيجة طبيعية لارتباط الدينار بالدولار،  مما سيؤثر إيجابيا على الاقتصاد والمواطنين على المدى الطويل ، خاصة في ظل الزيادات الكبيرة التي حدثت خلال العامين الماضيين. 

ويشير البشير إلى أن هذه الزيادات  قد تجاوزت 2.5% إلى 3.4%، مما أرهق المواطن والاقتصاد الوطني، حيث انعكس إرتفاع أسعار الفائدة على السلع والخدمات وقروض المواطنين، الذين تأثروا بشدة نظرًا للعبء الإضافي الناتج عن ارتفاع القروض، والتي وصلت في القطاعين العام والخاص إلى نحو 34 مليار دينار، مما ينعكس بشكل مباشر على الاقتصاد الوطني.

رغم أن خفض الفائدة بنسبة ربع في المئة قد لا يشعر به المواطن بشكل مباشر، إلا أن تأثيره التراكمي مع الزمن سيخفف العبء على الاقتصاد والمواطن، بحسب البشير الذي يضيف، أن تحرير أسعار الفائدة منذ التسعينات فرض عبئا على الاقتصاد الوطني، إذ اعتمدت السياسة النقدية على عدم تدخل البنك المركزي إلا بحدود، تاركا للبنوك حرية التفاوض مع عملائها وفق ما يحقق مصلحة مشتركة.

ويوضح البشير أن الفجوة بين فوائد الودائع وفوائد القروض في الأردن كبيرة مقارنة بدول أخرى مثل الولايات المتحدة، مما يتطلب تدخل البنك المركزي لتخفيف عبء المديونية عن الاقتصاد والمواطنين، خاصة أن ارتفاع تكلفة السلع نتيجة الفوائد وضريبة المبيعات وأسعار الطاقة يحد من قدرة الحكومة على تحقيق نمو اقتصادي يفوق معدل النمو السكاني.

هذا القرار قد يسهم في تعزيز القوة الشرائية وزيادة الاستهلاك على المستوى الفردي والمؤسساتي، لكن تأثيره يبقى محدودا نسبيا، وعلى البنوك أن تسرع في تنفيذ القرار، رغم أن البنك المركزي لا يمتلك سلطة إلزامها بتخفيض أو رفع أسعار الفائدة، وفقا للبشير.

 

آثار رفع الفائدة

نظرا لسلسة الزيادات المتتالية في اسعار الفائدة، والتي بلغت 11 زيادة، تأثر الاقتصاد العالمي والمحلي بشكل كبير،  حيث انعكس هذا الارتفاع على السياسات النقدية المحلية، مما دفع البنك المركزي الأردني إلى زيادة أسعار الفائدة بالتوزاي مع هذه الزيادات، وقد أدى ذلك بطبيعة الحال إلى زيادة الأعباء المالية على المواطنين نتيجة ارتفاع أقساط القروض.

الصحفي الاقتصادي محمد خريسات يوضح أنه على الرغم من أن الفائدة ارتفعت 11 مرة خلال السنوات الماضية، مما يعادل زيادة قدرها 5.5 نقطة مئوية، إلا أن البنوك لم تعكس هذه الزيادة بالكامل على أقساط القروض للمواطنين.

ويرجع ذلك، بحسب خريسات، إلى أن البنوك تأخذ بعين الاعتبار الصورة العامة، فلو كان قسط الموظف مثلا 300 دينار، وهو يشكل 50% من دخله، فإن انعكاس الزيادة الكاملة البالغة 5.5% سيرفع نسبة الدين فوق 55%، وهو الحد الأقصى

المسموح به للاقتطاع من الراتب وفقا لتعليمات البنك المركزي. لذلك، تعتمد البنوك على حسابات محددة لرفع الفائدة بشكل مدروس، بحيث لا تتجاوز نسبة الدين 55% من دخل العميل، ومن جهة أخرى فان الزيادات الأكبر في الفوائد انعكست على الودائع وليس القروض، بحسب خريسات.

ويضيف أن تعديل الفائدة، سواء بالزيادة أو النقصان، لا يتم فوريا، بل وفق شروط العقد الموقع بين العميل والبنك، حيث يتم تعديل الفائدة كل ثلاثة أشهر أو نصف سنة أو حتى سنويا عند تجديد العقد، وعندما تم خفض الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس، لم تقم البنوك بتخفيض كامل على القروض، بل قامت بتطبيق نسبة معينة وفقا لحساباتها الخاصة.

ويرى بأن الفوائد لا تزال مرتفعة بعد 11 زيادة، رغم أن البنوك لم تعكس كامل الزيادة على القروض، حيث تسعى للحفاظ على هامش الربح الذي ترى أنها لم تحققه بالكامل خلال الفترات السابقة.

هذا ويعتبر خبراء في الاقتصاد أن خفض أسعار الفائدة يمكن أن يسهم في تحفيز النشاط الاقتصادي وزيادة معدلات النمو، فمع انخفاض تكاليف الاقتراض، يرتفع الإنفاق الاستهلاكي والاستثماري، مما يدعم النمو الاقتصادي، كما يؤدي هذا التحفيز إلى زيادة الطلب على القوى العاملة، مما يساعد في تقليل معدلات البطالة، ومع ذلك، فإن هذه الفوائد لا تظهر على الفور، إذ يتطلب تحقيق الأثر الكامل لخفض الفائدة بعض الوقت.