اطلب عوضك من الله !

اطلب عوضك من الله !

اثناء سيرنا في شارع صلاح الدين بعد انتهى  لقاء الاصدقاء ، تفاجئت انا وصديقي ان هناك اضاءة قوية في كل ارجاء  الجزء الخلفي من البريد على مدخل شارع صلاح الدين ، توقفنا انا وصديقي جمال اسعيد الفنان المبدع الذي يلملم من ازقة القدس  وحاراتها الحكايا والروايات ليعيدها براقة الى الجمهور ، توقفنا عند محل "السمان للمكسرات" العريق والمعروف لكل مقدسي وزائر ، وهناك همس الصديق جمال : انظر انهم  يضربون شابا في مغفر الشرطة ، في احدى الغرف المضاءة ولكن بعد التركيز في المشهد اتضح ان مجموعة من المستوطينين الشباب تمزح مع بعضها البعض ، وهي تقوم باعداد وتجهيز الغرف التي تم تقسيمها ووضعت الاسرة في بعضها تمهيدا لاستقبال الدفعة الاولى من الطلبة المتدينين الصهاينة،  تحضيرا للخدمة العسكرية في الجيش الاسرائيلي، شبابيك هذه الغرف الكثيرة مطلة على شارع صلاح الدين وعلى شارع نزلة البريد  وهذا يعنى حتميا وكما قال بعض المارة  ستشهد تلك المنطقة تحرشا واضحا وبشكل يومي من قبل الشبان اليهود المتطرفين اصلا بالمارة العرب ، مما يخلق توترا ، بل ان بعض المارة قال غدا سوف ترتفع وتيرة اطلاق النار استهدافا لهذا المبنى الاستيطاني الجديد، وبكلمات اخرى زيادة القبضة الامنية الاستخباراتية على المقدسيين المساكين !

ما علينا

المهم، ان الاستيلاء على البريد اصبح حقيقة واقعة ، ذلك المبنى تتقاسمه مؤسسات اسرائيلية  ترمز الى الاحتلال اولها مغفر الشرطة والمدرسة الدينية الحديثة والبريد الذي يرمز الى الاهانة والاذلال والاكتظاظ المقصود لضيق المكان وقله الموظفين وسوء المعاملة ،  والحقيقة المرة ، هي ان تقف عاجزا وانت ترى ان القدس برمتها تقتطع يوما بعد يوم ، وامام عيونك وانت تقف عاجزا امام الطوفان الهادر نحوك ، وبالتأكيد سوف يجتاحك يوما ما، إلا اذ تمكنت من ايجاد مهرب او مخبأ منه ( البعض يرى "وهو كثير" يعتقد ان المهرب بالحصول على الجنسية الاسرائيلية) والحقيقة المرة الاخرى ، هي ان تجد نفسك وحيدا بلا قريب او شقيق  يقف الى جانبك، فموضوع الاستيلاء على البريد لم يحظى باي اهتمام من قبل السلطة الفلسطينية ، ولا من قبل العالم العربي العاجز الضعيف المشتت اجمع،  كما لم يحظى بأي اهتمام اعلامي سوى بمقابلة واحدة مع إحدى الشخصيات التي امتهنت الحديث لوسائل الاعلام المحلية والعربية لتولول عن القدس، إحدى هذه الشخصيات قالت : إن الإستيلاء على البريد سوف يخلق شغلا اضافيا للشرطة الإسرائيلية ... يا سلام على هيك شخصية رسمية هامة .

الذي حدث للبريد والذي بالتأكيد يعتبر نقطة تحول كبيرة في مستقبل القدس ، ينطبق بصورة أكبر على ما شهده المسجد الاقصى هذا الاسبوع من خطوات تعتبر لا سابقة لها ، بفرض التقسيم الزماني للمسجد وإغلاقه امام كل مسلم وكل موظف وكل انسان ، الأغرب من كل هذا هو غياب الزخم الجماهيري ، فأين القيادات الفلسطينية التي تعتبر نفسها حامية حمى القدس؟! اين التنظمات من فتح وحتى حماس؟! اين الناطقين بإسم السلطة الفلسطينية من أحمد  الرويضي الذي كان بنفس الاسبوع في التلفزيون الاردن يتحدث عن المخاطر التي تحيق بالاقصى؟! وأين حاتم عبد القادر الذي يحمل لواء القدس ويمثل قطر في المدينة ؟! أين وزير القدس عدنان الحسيني، الذي يفترض به ان يكون أول المتواجدين في الاقصى كل صباح بدل التوجه الى مكتبه في ضاحية البريد خلف الجدار اي خارج حدود القدس الاسرائيلية!!! أين ممثلي الحركة الاسلامية في الداخل والذين ينشطون باصدار البيانات النارية ، وهم لم يكونوا أول المتواجدين في الاقصى عندما احتاجهم؟ رغم انه ال من يصدر البيانات! اين ممثل المغرب في القدس وامير المؤمنين ؟!!

في هذا اليوم وجدت القدس نفسها لوحدها ، ووجد أهلها أنفسهم وحيدين كالأيتام على مائدة اللئام , عندها وكما قال بعضهم وبصوت عال سمعه الكثيرون، ولكن بالتأكيد لم يصل الى المسوؤلين " عظم الله اجركم بأقصاكم يا مسلمين " هذا العبارة التي كانت عنوان التقرير الذي نشرناه في "اخبار البلد" وأغضب الكثيرين، الذين لم يغضبوا لاستباحه المسجد الاقصى وإغلاقه وتقسيمه ، ومن قبل الاستيلاء على البريد في قلب القدس ..!

وهنا تذكرت قول خطيب المسجد الاقصى  في خطب الجمعه والذي يحرص بعد كل خطبة ان يقول:..وحماك الله يا اقصى..! فعلا لقد صدق هذا الخطيب لأنه توجه الى الله وحده لحماية الاقصى ، اما البشر المتمثل بكل العالم العربي والاسلامي والسلطة الفلسطينية،  فاطلب عوضك فيهم من الله ,,! وكما قال أحد اصحاب المحال التجارية القريبة من الأقصى في شارع الواد:  قد تعبنا..! ولم تعد لنا طاقة للركض كل يوم للدفاع عن الاقصى امام الاعتداءات اليومية، ورغم ذلك فنحن سنهب للدفاع كلما استدعت الحاجة بارواحنا، ولكن إلى متى نستطيع ان نصمد فاجسادنا بدأت تخوننا ..!!

 وحماك الله يا قدس

 وللحيث بقية

المصدر: أخبار البلد

أضف تعليقك