استراتيجية المخدرات: دمج الأسرة والتعليم في مكافحة هذه الآفة

الرابط المختصر

بعد الدعوات المتزايدة بضرورة تفعيل دور المؤسسات التعليمية وتعزيز دور الأسر في توعية أفراد المجتمع بآفة المخدرات، نظرا للتأثير الخطير الذي أصبحت تشكله على المجتمع، وتهديداتها للأسر والأفراد، خاصة بعد انتشار مادة "الكريستال" القاتلة، قامت مديرية الأمن العام بإطلاق الاستراتيجية الوطنية للوقاية من مشكلة المخدرات للعامين القادمين بهدف محاربة هذه الظاهرة

وتهدف الاستراتيجية جميع الوزارات والمؤسسات المعنية، لحماية المجتمع وتحصين أبنائه، وتعزيز ثقافة مجتمعية ترفض تماما هذا النوع من السلوكيات والجرائم المتصلة به.

ومن أبرز ما تضمنته الخطة الإستراتيجية شمول المؤسسات التربوية ومؤسسات المجتمع المدني والتي ستعمل على تعزيز المسؤولية المشتركة بين كافة أطياف المجتمع بدءا من الفرد والأسرة، وتنفيذ عدد من الإجراءات الاجتماعية والنفسية والعلاجية والوقائية، الرامية لخلق مجتمع رافض لفكرة المخدرات.

دراسة سابقة أعدها المجلس الاقتصادي الاجتماعي تظهر أن نسبة انتشار المخدرات في المجتمع الأردني بلغت 21 %، رغم الإجراءات التي تقوم بها الأجهزة الأمنية لمكافحة مثل هذه الآفة بين أفراد المجتمع.

ووفقا للدراسة فإن الأماكن العامة احتلت المرتبة الأولى من حيث درجة الانتشار بنسبة مئوية تقارب 34 %، فيما احتلت المناطق ذات الطابع المهني درجة انتشار بلغت 22 %، أما الجامعات فقد احتلت المرتبة الثالثة بنسبة 18 %، فيما احتلت المدارس نسبة مئوية وصلت إلى 13 %، محذرة الدراسة من الازدياد والتسارع الكبير في عدد قضايا المخدرات المضبوطة.

وبحسب إدارة مكافحة المخدرات تراوحت نسبة العودة إلى تعاطي المخدرات في الأردن ما بين 40 إلى 50 %، مع وجود ازدياد "غير مقلق" في التعاطي.

 

ملامح الاستراتيجية

مدير إدارة مكافحة المخدرات الأسبق اللواء المتقاعد الدكتور طايل المجالي يؤكد أن الاستراتيجية التي سيتم تنفيذها شاملة ومتكاملة بكل المعايير اللازمة التي قد تساهم بحماية أبناء المجتمع من خطر المخدرات، لتحقيق مجتمع يرفض هذه الآفة.

ويشير المجالي الذي شارك في وضع هذه الاستراتيجية، إلى أنها تركز على توعية الأفراد بضرورة العلاج من الإدمان، وذلك من خلال التعاون مع مختلف الجهات الحكومية والمجتمع المدني لتحقيق هذا الهدف.

بموجب القانون، يتم التعامل مع المدمنين على أنهم مرضى وضحايا للمادة المخدرة في حال اعترف بذنبه وتوجه للعلاج عبر المراكز المعنية والتي تقدم خدماتها بشكل مجاني دون أي تكلفة ودون تسجيل قيد أمني عليه، أما في حال رفض المتعاطي العلاج فإن القانون ينظر إليه كمجرم وشريك بالجريمة ووجبت عليه العقوبة.

ويعتبر المجالي أن خطورة مادة الكريستال على الشباب، والتي قد تؤدي إلى الوفاة، تجربة خطيرة تدفع إلى افتعال السلوكيات العدوانية نتيجة تأثير هذه المادة ما ينعكس على الأسرة والمجتمع سلبا ، الأمر الذي يستدعي تدخلا عاجلا لمنع انتشارها والتصدي لها.

وتم اتخاذ إجراءات للتصدي لهذا الخطر، من خلال التعاون مع مديرية الإعلام والشرطة المجتمعية وإطلاق حملة توعوية تهدف إلى نشر الوعي بخطورة هذه المادة، وتشجيع المجتمع على المشاركة في مكافحتها والإبلاغ عن أي نشاط مرتبط بها.

 

دور المدرسة والأسرة

ضمن هذه الاستراتيجية، تم الاتفاق على تضمين تثقيف الطلاب في المدارس، ابتداء من المرحلة الابتدائية لغاية المرحلة الثانوية، حيث يتم تضمين موضوع الوقاية من المخدرات ضمن المناهج خاصة في مقررات الثقافة الوطنية، مع التركيز على التعمق في هذا الموضوع عبر المراحل الدراسية.

ويوضح المجالي أن لتحقيق هذا الهدف، تم الاتفاق مع وزارة التربية والتعليم لإجراء بحوث ودراسات من قبل الطلبة، بالإضافة إلى تفعيل دور المرشدين في المدارس وتأهيلهم بشكل يمكنهم من نقل ثقافة عالية في خطورة المخدرات للطلبة، وذلك من خلال تنظيم دورات دورية لهم بهذا الشأن.

كما تشدد إدارة مكافحة المخدرات على أهمية توخي اليقظة من قبل الأهل والانتباه لأبنائهم وفي حال وجود أي تغير في السلوك أو الأعراض التي تم ذكرها والاشتباه بتعاطي تلك المادة، المسارعة لتقديمه للعلاج على الفور قبل فقدانه لحياته أو إيذاء غيره.

اخصائية علم النفس والإرشاد الأسري في جامعة البلقاء التطبيقية الدكتورة ندى حمدان تؤكد أن دور الأسرة في تلبية احتياجات أبنائهم منذ الطفولة، مشيرة إلى أهمية تهيئة البيئة النفسية والاجتماعية والمادية لرعاية الأطفال، فعدم توفير هذه البيئة المناسبة قد يعرضهم لخطر اللجوء إلى السلوكيات الضارة.

وتشير حمدان إلى أن التقدم التكنولوجي الكبير وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي قد زاد من وعي الأجيال وتغيير سلوكياتهم بشكل كبير، مما يجعل تشديد الرقابة من قبل الأهل على الأطفال أمرا ضروريا، مع البقاء مطلعين دائما على أنشطتهم.

وتؤكد أن حل مشكلة الإدمان يكمن في دعم الأسرة وفهم أسباب حدوث هذه المشكلة، مع ضرورة دعم الآباء لأبنائهم من خلال التوجه إلى مراكز الإدمان للحصول على العلاج المناسب.

هذا وبينت الدراسة التي أعدها المجلس الاقتصادي والاجتماعي أن أحد أهم الأسباب الاجتماعية التي تقف وراء انتشار المخدرات هو التفكك الأسري، وغياب الرقابة الأسرية عن الأبناء، وجهل الآباء بأساليب التربية والتواصل مع الأبناء بمتوسط حسابي بلغ 1.51، وانحراف معياري بلغ 0.65 وبدرجة تقدير مرتفعة.

أما في الجانب التربوي، فقد كان ضعف الوازع الديني من أهم الأسباب وراء توجه الشباب إلى المخدرات بمتوسط حسابي بلغ 1.5 وانحراف معياري بلغ 0.76 وبدرجة تقدير مرتفعة.