اسألوهم..لماذا غادرتُم؟

لا أدري إن كانت الحكومة أو حتى اللجنة المالية في مجلس النواب قد شعرت بحجم الخطر الذي كشف عنه عضو مجلس غرفة صناعة عمان محمد الجيطان أمام اللجنة يوم الأربعاء حين قال بلا أدنى تردد إن 60 مصنعا غذائيا غادرت المملكة الى مصر ودول اخرى خلال العامين الماضيين.

هل هذه نكتة يطلقها صاحبها على عواهنها، ويبقي حبلها على غاربها، أم انها حقائق صادمة جعلت العاقل في الحكومة حيرانا لا يحسن النطق او التعليق؟ وتركت شبابيك الحكومتين الحالية والسابقة مفتوحة على مصاريعها فلا تدري من أين تأتيها سهام النقد، ولا تدرك حجم الفاجعة التي نعيشها..

في البداية على مجلس النواب بما يمثله من سلطة رقابية وتشريعية أن يفتح أبواب التحقيق والتدقيق في حجم الحقيقة التي تنطوي عليها تلك الاعترافات الصادمة، وأن لا يترك القصة كلها تذهب لملفات الحفظ والتذكار، وعليه المسارعة فورا لتشكيل لجنة تحقيق لتحديد الأسباب والعمل على معالجتها فورا بدءا بمنح الاولوية القصوى لتصويب القوانين والتشريعات والأنظمة التي تدفع بستين مصنعا لمغادرة المملكة، ولماذا لم تجدد 1385 منشأة صناعية تراخيصها السنوية.

الأرقام التي قيلت من شخص مسؤول أمام اللجنة المالية النيابية وهي تناقش مشروع قانون الموازنة العامة للدولة وموازنة الوحدات الحكومية للسنة المالية 2021 أمامها هي الأخرى مهمة التوصية لمجلس النواب بتشكيل لجنة للتدقيق والتحقق، وعليها ان تدفع المجلس دفعا للتصدي لتلك المهمة بدون اي تردد أو إرجاف.

وعلينا الإعتراف بأن سياساتنا الاقتصادية المتعلقة بالاستثمار من الاستدراج الى الإنتاج تصطدم بمعوقات هائلة سواء من ناحية التشريعات أم من ناحية الاجراءات والأنظمة، وجميعها معروفة لنا وللمسؤولين، لكن للأسف فان أحدا لم يبادر لتعليق الجرس من اجل معالجة الأخطاء والثغرات، وبالرغم من بعض جولات التعديل التي ناقشها مجلس النواب إلا أنها ظلت قاصرة تماما عن معالجة المشكلات الجوهرية التي تدفع بالمستثمرين لإغلاق استثماراتهم وتسريح موظفيهم وعمالهم ومغادرة المملكة على جناح السرعة.

اليوم على مجلس النواب مساءلة الحكومة ودفعها دفعا وبالسلطة الدستورية التي يملكها لمعالجة كل القوانين الناظمة للاستثمار، وتقييم التجربة السابقة بما فيها ما يسمى"النافذة الاستثمارية الموحدة" التي تبدو تشريعاتها جزءا من المشكلة، فيما يظل التطبيق يمثل المشكلة الأكبر.

على مدى السنوات الماضية لم تخل أي دورة برلمانية من تقديم تعديلات على قوانين الاستثمار، لقد ظللنا نمارس التجريب حتى خسرنا الكثير، وسنبقى نمارس الخسارة بفخر إن بقينا نسوق اقتصادنا وسياسات استثمارنا بذات الطريقة والنهج..

ولا بد ان نسأل أصحاب المصانع المهاجرة او الهاربة منا.. لماذا ذهبتم لمصر ــ مثلا ــ وما الذي يقدمونه لكم هناك ولا نقدمه نحن لكم؟..

استمعوا لهم واجعلوا إجاباتهم مسطرة لتصويب مسارنا الأعوج..

اسألوهم فأول العلم والمعرفة السؤال..

 

 

 

أضف تعليقك