"ارسم على الرصيف".. مبادرة تستهدف الأطفال في الأردن (شاهد)
حوّل الفنان التشكيلي الأردني، سهيل بقاعين، أحد شوارع جبل اللويبدة -أحد أقدم جبال العاصمة عمان- إلى معرض فني في الهواء الطلق، بعد أن أطلق صباح كل جمعة مبادرة "ارسم على الرصيف"، التي تستهدف الأطفال.
يقوم الفنان بقاعين بنثر ألوانه ولوحات "الكانفس" على طاولات في الشارع، مستقطبا الأطفال ليعبروا عن أفكارهم بالرسم بعد أشهر من التعليم عن بعد والحظر الصحي اللذين فرضتهما جائحة كورونا.
يقول بقاعين لـ"عربي21": "أطلقت المبادرة في شهر أغسطس/ آب الماضي عندما خففت الحكومة من القيود الصحية التي فرضتها جائحة كورونا، وكانت الفكرة من الرسم على الرصيف تخفيف الضغوط النفسية التي تعرض لها الأطفال بسبب الحظر والجلوس لساعات طويلة أمام الشاشات الإلكترونية".
يتابع: "أقوم بتقديم الألوان واللوحات والقماش الخاص بالرسم كل يوم جمعة مجانا لم أراد أن يشارك أطفاله متعة الرسم ومزج الألوان، تفاجأت بحجم التفاعل والحضور وشغف الأطفال للرسم، يزورنا كل جمعة أطفال من مختلف مناطق المملكة للمشاركة في الفعالية".
يركز بقاعين في مبادرته على الأطفال ذوي الإعاقة ودمجهم مع المجتمع، بعد أن كان قد نجح في مبادرة سابقة لتعليم الأطفال المكفوفين الرسم من خلال شم الألوان وربطها بروائح طبيعية، فاستطاع الفنان ربط اللون الأحمر: برائحة الكرز، والأخضر بالنعناع، والأصفر بالليمون كي يتمكن الكفيف أو من لديه بقايا بصرية من التعرف على اللون ورسم ما يتكون في مخيلته.
الحكومة الأردنية كانت قد قررت رفع قيود مكافحة كورونا في الأردن حيز التنفيذ، منذ بداية أيلول\سبتمبر الحالي بعودة غالبية مظاهر الحياة الطبيعية، وإلغاء الحظر بمختلف أشكاله، وعودة التعليم الوجاهي في جميع المراحل التعليمية.
إلا أن خبراء ومختصين في سلوك الطفل حذروا من تداعيات الحظر الطويل على صحة الأطفال ومن بينهم الصحفية المتخصصة بحقوق الطفل نادين النمري، إحدى القائمين على مبادرة "حقي أتعلم بمدرستي" والتي نشطت في فترة حظر التجوال.
تقول النمري لـ"عربي21"، "هذه مبادرة مهمة للأطفال بعد أن فقدوا جزءا كبيرا من مهارات التواصل الاجتماعي مع أقرانهم؛ بسبب التعلم عن بعد وخصوصا لمن هم في سن التأسيس، سنة ونصف من التعلم عن بعد كانت مؤثرة في الأطفال".
تتابع: "من المهم وجود هكذا مبادرات للأطفال تتضمن نشاطا ذهنيا وبدنيا، خصوصا بعد أن تعلق الأطفال بالشاشات والألعاب الإلكترونية ولم يعد لديهم تفاعل حسي، حتى بعد عودة التعليم الوجاهي لا يوجد في المدارس الحكومية حصص نشاط أو تفاعل كافٍ".
ولا تقتصر أهداف بقاعين على انتشال الأطفال من ضغوط كورونا إذ يحاول بالتعاون مع جمعية أصدقاء اللويبدة إعادة "الروح الثقافية" للجبل الذي يعتبر من أحد معالم الأردن الثقافية والتي غزاها "التلوث البصري والسمعي".
ويعاني "اللويبدة" من الاختناق بدخان المركبات والمقاهي، وتغول النشاط التجاريّ على المراكز الثقافية.
وحسب الفنان بقاعين "مثل هذه الفعاليات الفنية والثقافية تعيد الألق للجبل ولدوره الثقافي وتشجع المواطنين على زيارته".
ويخوض فنانون وقاطنو الجبل صراعا لوقف المد العمراني الحديث في جبل اللويبدة للحفاظ على الهوية المعمارية للجبل، باعتباره منطقة تراثية تتميز بمنازلها القديمة المصنوعة من الحجر التي تلفها أزهار الياسمين.