مع ارتفاع أسعار الذهب بشكل غير مسبوق، اضطرت العشرينية حياة الاكتفاء بشراء خاتم الزواج " الدبلة" فقط خلال فترة خطوبتها، حيث لم تتمكن من شراء بقية المصاغ التي كانت تحتاجها.

وفضلت حياة بالرغم من تقاليد الزواج  المتعارف عليها، الاحتفاظ بما تبقى من مهرها، على أمل أن تتراجع أسعار الذهب مما يمكنها من استكمال ما ينقصها.

ليلى، التي لم يمض على زواجها سوى شهرين، اكتفت بشراء طقم بسيط من الذهب، مضطرة نظرا للتقاليد الاجتماعية التي تلزم العروس بامتلاك الذهب، مشيرة إلى أن ارتفاع الأسعار حال دون قدرتها على التنويع في شراء المصاغ، مما دفعها بالاحتفاظ مما تبقى من مهرها لشراء احتياجات أخرى قد تكون أكثر أولوية.

في المقابل، يرى الشاب خليل أن الاستثمار في الذهب لم يعد جذابا بعد الارتفاعات الأخيرة في أسعاره، حيث يعتقد أن هناك بدائل أفضل مثل العقارات أو العملات الرقمية، التي قد تحقق عوائد مالية أكبر، معتبرا أن بيع الذهب قد يؤدي إلى خسارة.

أما أسعد، فيرى أن الذهب، رغم ارتفاع أسعاره، لا يزال يعتبر استثمارا آمنا، معتقدا  أن الذهب يتميز بالاستقرار وأنه سيستمر في الارتفاع بشكل تدريجي، مما يجعله خيارا مجديا للمستقبل.

 50%  انخفاض الطلب على الذهب

تقديرات نقابة أصحاب محلات تجارة وصياغة الحلي والمجوهرات تشير إلى أن الطلب على المجوهرات والمصاغ الذهبية انخفض بنسبة 50% مقارنة بذات الفترة من العام الماضي، حيث ارتفعت أسعار الذهب الى ما يزيد عن 35%.

ووصلت أسعار الذهب إلى معدلات قياسية في السوق المحلية، حيث سجل  سعر غرام الذهب عيار 21 نحو 50.8 دينارا لغايات الشراء من محال الصاغة، مقابل 48.90 دينارا لغايات البيع.

الخبير الاقتصادي مازن ارشيد يؤكد أن هذه الارتفاعات ستؤثر سلبا على المقبلين على الزواج، فبعض العائلات بحكم العادات والتقاليد تؤجل زفافها على أمل انخفاض الأسعار للتمكن من شراء الذهب.

كما ينصح إرشيد بضرورة تبني أدوات استثمارية بديلة عن الذهب، مثل شراء مزيج من الذهب والفضة، وإعادة النظر في تكاليف الزواج، خاصة شراء الذهب، مع ضرورة تفهم الظروف والتغيرات العالمية التي تحدث حاليا، خاصة مع التوقعات بزيادة أسعار الذهب.

من جهته، يوضح نقيب أصحاب محلات تجارة وصياغة الحلي والمجوهرات، ربحي علان، أن العديد من المواطنين أجلوا شراء الذهب بسبب ارتفاع أسعاره، مما ترتب عليه خسائر كبيرة، خاصة للأشخاص المقبلين على الزواج الذين احتفظوا بمهرهم على أمل انخفاض الأسعار لاحقا.

توقعات بزيادة أسعار الذهب

رغم ارتفاع أسعار الذهب، إلا أنه لا يزال محل اهتمام العديد من المستثمرين حول العالم، نظرا لخصوصيته كأداة استثمارية ترتبط أسعارها بالسوق العالمية، مما يجعله أقل عرضة للخسارة.

ويرى علان أن الذهب يظل استثمارا آمنا يمكن من خلاله شراء وبيع الذهب دون التعرض لخسارة، مشيرا إلى عدم وجود بدائل حقيقية للاستثمار عن الذهب، مضيفا أن هناك عدة عوامل تشير إلى احتمالية تسجيل أسعار قياسية جديدة للذهب في الأردن، تماشيا مع الارتفاعات العالمية.

من جانبه، يوضح الخبير الاقتصادي مازن إرشيد أن أسعار الذهب شهدت ارتفاعا تدريجيا منذ بداية العام الحالي، نتيجة لعوامل متعددة، أبرزها التوترات الجيوسياسية في المنطقة، مثل الحرب الروسية الأوكرانية، أزمة البحر الأحمر، والحرب الإسرائيلية على غزة، بالإضافة إلى زيادة مشتريات الذهب من قبل البنوك المركزية على مستوى العالم.

ويرى إرشيد أن استمرار هذه العوامل سيساهم في المزيد من ارتفاع أسعار الذهب خلال الفترة المقبلة، وفي حال تلاشت قد يستقر الذهب عند مستويات معينة، لكن دون تراجع كبير.

ومن الأسباب التي قد تساهم بارتفاع المزيد من أسعار الذهب، ضعف الدولار الأمريكي وتراجع عوائد السندات الأمريكية، خاصة بعد تصريحات رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، الذي أشار فيها إلى احتمال اتباع سياسة نقدية ميسرة، مما عزز التوقعات بخفض أسعار الفائدة في شهر ايلول المقبل.

وفي هذا السياق، ارتفعت أسعار الذهب في المعاملات الفورية بنسبة 0.4% لتصل إلى 2520.39 دولاراً للأوقية (الأونصة)، كما زادت العقود الأمريكية الآجلة للذهب بنسبة 0.4% لتصل إلى 2556 دولاراً.