أين الأردن من "اتفاقية منع الإبادة الجماعية" لمحاكمة الاحتلال؟

الرابط المختصر

بعد تفاقم المجازر التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي ضد سكان قطاع غزة، بوجود أدلة واضحة تظهر منذ السابع من شهر أكتوبر الماضي، تزايدت المطالبات بضرورة وقف هذه الجرائم بشكل فوري، وتقديم الشكاوى إلى المحاكمة الدولية لمحاسبة الاحتلال على هذه الانتهاكات قانونيا، وذلك نظرا للاعتداءات غير المبررة التي يشنها الاحتلال على القطاع دون أي رادع.

وارتكب الاحتلال الإسرائيلي مختلف الجرائم الإنسانية والأخلاقية، ولا نصا قانونيا إلا وخرقته في عدوانها الهمجي الذي وصل حد الإبادة الجماعية على الشعب الفلسطيني في غزة وفي الضفة الغربية المحتلة، ورغم ذلك لا مجلس الأمن ولا الاتحاد الأوروبي طلبا بوقف النار في موقف يمثل الحد الأدنى الذي تفرضه المسؤوليات القانونية والأخلاقية، بحسب نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية وشؤون المغتربين أيمن الصفدي 

ونظرا لتلك الجرائم التي يرتكبها الاحتلال، يشير الصفدي، إلى أن عدم اتخاذ موقف دولي مباشر يطالب بوقف جرائم الحرب التي ترتكبها إسرائيل ويؤسس لمحاسبة مسؤوليها قانونيا وسياسياً عليها، يمثل غطاء للعدوان ويعري حقيقة الانتقائية في تطبيق القانون الدولي، ويحتم تفسير مقاربة المواقف الدولية إزاء العدوان الوحشي الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني من زاوية الهوية والجنسية.

وفي إطار الضغط على الجانب الاسرائيلي، تعقد اللجنة القانونية في المجلس اجتماعات لمراجعة الاتفاقيات الموقعة مع الاحتلال، ومن المقرر أن تقدم اللجنة توصياتها للمجلس، والذي بدوره سيضعها بين يدي الحكومة، بالإضافة إلى وضع إطار لتقديم شكوى عبر القنوات الرسمية، أمام محكمة الجنايات الدولية؛ للتحقيق والمحاسبة على ما تم ارتكابه من جرائم حرب وإبادة في غزة، وتعميم هذه الخطوة على البرلمانات العربية والإسلامية.

استاذ القانون الدولي الدكتور أنيس القاسم يشير في حديث لـ "عمان نت" إلى أن الأردن هو طرف في " اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها" التي وقع عليها عام 1950، بالاضافة إلى أن الاحتلال الاسرائيلي أيضا هو طرف في هذه الاتفاقية منذ عام 1949.

وفي سياق هذه الاتفاقية، يشدد القاسم على إمكانية الأردن رفع دعوى ضد إسرائيل بسبب الجرائم التي ترتكب، مستندا إلى التزامات الدولتين وفقا لهذه الاتفاقية، ويدعو إلى أهمية أن يلتفت مجلس النواب واللجنة القانونية، إلى هذا الأمر، وتحريك الدعوى وممارسة الضغوط لتسجيلها أمام المحكمة الدولية، بدلا من المحكمة الجنائية الدولية. 

يؤكد القاسم أن إذا تمت إثبات جرائم الإبادة التي ترتكبها إسرائيل في غزة، يمكن للمحكمة الدولية أن تأمر إسرائيل بالتعويض عن الدمار والخسائر البشرية، ويبرز أهمية رفع الدعوى من قبل الأردن باعتبارها إجراء ضروريا للتصدي لتلك الجرائم، مع التأكيد على أن ذلك لن يؤثر على العلاقات الأردنية الإسرائيلية وفقا لاتفاقية وادي عربة.

 

جامبيا مثال

أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة أن الإبادة الجماعية جريمة بمقتضى القانون الدولي، تتعارض مع روح الأمم المتحدة وأهدافها ويدينها العالم المتمدن، وتعترف بأن الإبادة الجماعية قد ألحقت، في جميع عصور التاريخ، خسائر جسيمة بالإنسانية، وإيمانا منها بأن تحرير البشرية من مثل هذه الآفة البغيضة يتطلب التعاون الدولي.

وتنص المادة الأولى والثانية من اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية ومعاقبتها على أن تصادق الأطراف المتعاقدة على الإبادة الجماعية، سواء ارتكبت في أيام السلم أو أثناء الحرب، هي جريمة بمقتضى القانون الدولي، وتتعهد بمنعها والمعاقبة عليها.

وتعني الإبادة الجماعية أيا من الأفعال التالية، المرتكبة على قصد التدمير الكلي أو الجزئي لجماعة قومية أو إثنية أو عنصرية أو دينية.

ومن إحدى الأمثلة، رفعت جامبيا في عام 2019 دعوى قضائية أمام محكمة العدل الدولية  ضد ميانمار، اتهمتها بارتكاب إبادة جماعية ضد الروهينجا المسلمة.

وتضم الاتفاقية إلى أن 15 دولة عربية و132 دولة أخرى هي أطراف في هذه المعاهدة، ويمكن لأي دولة أو مجموعة دول رفع دعوى ضد إسرائيل بموجب هذه الاتفاقية لمحاسبتها على أفعالها في قطاع غزة.

 

المحاكم الدولية تتبع الازدواجية

يشير أستاذ القانون الدولي العام وحقوق الإنسان أيمن هلسة إلى أن تقديم شكوى ضد الجرائم الإسرائيلية من قبل المجتمع الدولي يجب أن يتم من خلال مجلس الأمن، أما التدخلات الفردية من قبل منظمات اقليمية أو دول فردية، يصعب إيجاد غطاء شرعي لها.

ويعتبر أن عدم قدرة مجلس الأمن على اتخاذ قرار يقضي بوقف إطلاق النار وإحالة إسرائيل للمحكمة الجنائية الدولية، يشير إلى درجة الازدواجية التي يتعبها المجلس بسبب حق النقض الذي تمنحه للولايات المتحدة الأمريكية.

يعتقد أن تحرك وموقف المجتمع الدولي في مواجهة المجازر الاسرائيلية في قطاع غزة هو أمر إيجابي، ولكنها غير قادرة على التحرك  وفقا للقانون الدولي، مشيرا إلى أن أفضل وسيلة على الصعيد الدولي بعد مجلس الأمن هو القرار الذي تم اتخاذه بالجمعية العامة تحت مسمى "الاتحاد من أجل السلام"، ومع ذلك يعتبر هذا القرار في النهاية توصية، وليس ملزما قانونيا ولكن إذا تصرفت الدول وفقًا له، يمكنها أن تقدم دعوى بناءً عليه.

وكان قد فشل مجلس الأمن في اجتماعه الأخير في إصدار قرارين حول الصراع في غزة، الأول في 16 أكتوبر تقدمت به روسيا لإدانة العنف ضد المدنيين و التصعيد العنيف في غزة وفشل التصويت عليه لعدم حصوله على حصة الأصوات المطلوبة، والثاني تقدمت البرازيل بمشروع قرار جديد حول ذات الموضوع في 18 أكتوبر الجاري والذي أجهضه الفيتو الأمريكي.

وفي حالة إجهاض مسودة القرار الأمريكي المرتقب سيكون الطريق مفتوحا أمام عقد اجتماع استثنائي للجمعية العامة تحت بند "الاتحاد من أجل السلام" وهو المسمى الذي صكه قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة (رقم 377 أيه ) الصادر في 3 نوفمبر 1950 والذي كان ثمرة لجهد أول أمين عام للأمم المتحدة، النرويجي في عام 1950 خلال الحرب الكورية.

أضف تعليقك