أمهات يصنعن من موهبتهن فرص عمل ومصادر دخل مستدامة
من رأس مال لم يتجاوز الـ 40 دينارا، استطاعت الأربعينية رهام الجمل تحويل موهبتها في "صناعة الكروشيه" (الصوف) والمكارم من منزلها إلى مشروع اقتصادي ذات جدوى.
وبعد ممارسة الجمل لعملها بإصرار لسبع سنوات متواصلة في الحياكة اليدوية، من خلال صناعة مجموعة متنوعة من الأعمال الفنية باستخدام خيوط الصوف، نجحت في تحويل هذه الموهبة الى مشروع اقتصادي، حيث بدأت في تلبية طلبات الأصدقاء والجيران.
ومع مرور الوقت، سرعان ما انتشرت منتجاتها وبدأت طلبات الزبائن تتزايد، ولم تكتف بصنع الأعمال بمفردها، بل بدأت في توظيف سيدات أخريات لمساعدتها في عمليات الحياكة لتلبية الطلب المتزايد.
وعلى الرغم من التحديات التي واجهتها كأم لأربعة أطفال، إلا أن دعم زوجها وعائلتها ساهم في استمرارها وتطوير مشروعها.
تقوم الجمل بصناعة مجموعة واسعة من المنتجات التي تشمل الملابس، والألعاب، والشنط، واللفحات، والطواقي، بالإضافة إلى الصواني، والهدايا المتنوعة، وذلك بأسعار تناسب الجميع.
اليوم، أصبحت رهام ليست فقط منتجة يدوية ماهرة، بل أيضا رائدة أعمال ناجحة تدير مشروعا اقتصاديا يعتمد على الحرفية والابتكار.
ويعتبر مشروع رهام واحدا من المشاريع الصغيرة والمتوسطة التي تشكل ما يقارب 99.5% من إجمالي المنشآت الاقتصادية العاملة في المملكة، وفقا لتقديرات غرفة تجارة الأردن.
جزءا من نشاط النساء
تعتبر ريادة الأعمال وإدارة المشاريع الصغيرة في المنازل فرصا مهمة للنساء لتحقيق النجاح في مجالات متنوعة، فهذه المشاريع ليست مجرد وسيلة لتحقيق الدخل، بل تعتبر أيضا وسيلة للتعبير عن الإبداع وتحقيق الاستقلالية الاقتصادية.
مدرب في المشاريع الاقتصادية الصغيرة الدكتور غازي منصور يشير إلى أن المشاريع الصغيرة أصبحت جزءا مهما من نشاط النساء في الفترة الأخيرة، حيث يستفدن منها للتعبير عن إمكانياتهن وتحقيق طموحاتهن، إلى جانب العديد من الفوائد الاقتصادية والنفسية والاجتماعية.
من أبرز المشاريع الصغيرة التي يعملن بها النساء، المطبخ الإنتاجي، والخياطة والتطريز، والأشغال اليدوية، وصناعة المواد الغذائية مثل المخللات والأجبان والألبان والحلويات وغيرها، بالاضافة إلى صناعة الصابون والعطور والشموع، وإعادة تدوير صناعة منتجات جديدة.
ويشير منصور إلى أن هذا التنوع يعكس القدرات الكبيرة للنساء ومدى الدفاعية الكبيرة الموجودة لديهن، والموارد المتنوعة التي يمكنهن الاستفادة منها لتطوير أفكارهن ومشاريعهن بشكل مميز.
أثرها على الاقتصاد
المشاريع الصغيرة تقوم بتشغيل ما يقارب 60% من إجمالي القوى العاملة، ولعل أبرز ما يميز المنشآت الصغيرة والمتوسطة كمصدر لتوفير فرص العمل هو مساهمتها في توفير ما يزيد على نصف فرص العمل المستحدثة سنويا في الاقتصاد الأردني، وفقا لما ورد في مسوحات فرص العمل المستحدثة والمنشورة من قبل دائرة الاحصاءات العامة.
على الرغم من هذا الدور الفعال في توفير فرص العمل والتشغيل، إلا أن مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي لا تتجاوز 30% من الناتج المحلي الإجمالي، وحصتها من الصادرات الوطنية لا تزيد عن 10% من إجمالي الصادرات وفقا لدراسات مركز التجارة العالمي.
يؤكد منصور أن النساء اللاتي ينفذن مثل هذه المشاريع يسعن لتحقيق دخل لعائلاتهن، مما يقلل من الاعتماد على مصادر الدخل الواحد، ويخفف الضغط المالي الناجم عن الاعتماد على الوظائف الرسمية أو الدعم المالي.
كما يساهم بتوفير فرص العمل، نظرا لتوظيف النساء اللواتي الأمر الذي يسهم في تقليل معدلات البطالة وتعزيز الاقتصاد المحلي، بحسب منصور.
ويشير إلى أن النساء اللواتي يقمن بتنفيذ هذه المشاريع يصبحن أقل اعتمادا على الموارد الخارجية ، مما يؤدي إلى تقليل من التكاليف وتميز منتجاتهن في السوق المحلية.
التحديات ..
من بين التحديات الرئيسية التي تواجه النساء هي إدارة الوقت، نظرا للأدوار المتعددة التي تقوم بها السيدات بين المنزل والعمل، ومع ذلك يمكن تجاوز هذا التحدي من خلال التدريب على ادارة الوقت، بالاضافة الى تعاون شريك الحياة وأفراد الأسرة من خلال توزيع الأدوار والمسؤوليات.
أما فيما يتعلق بالتمويل، يشير منصور الى أن المشاريع الصغيرة تبدأ عادة برأس مال محدود يصعب الاستمرار به إذا أرادت المرأة جعل مشروعها مستداما ودائما، فستحتاج إلى الوقت لتطويره وتوسيعه، وبالتالي فإن الأرباح في المرحلة الأولى قد تكون محدودة.
كما يواجه البعض صعوبات في تنفيذ أفكارهم ومشاريعهم بسبب نقص التمويل، وهذا يتطلب البحث عن دعم مالي لتحقيق هذه الأفكار وتنفيذها.
بالإضافة إلى ذلك، فإن قدرة المرأة على التعامل مع التسويق الإلكتروني تعتبر تحديا آخر يجب التغلب عليه لنجاح مشروعها، وهذا يتطلب اكتساب مهارات في التسويق الرقمي والتفاعل مع الأجهزة الإلكترونية، بالإضافة إلى فهم كيفية التصوير والتسويق البصري، وهو ما يستدعي مواكبة التكنولوجيا واستخدامها بشكل فعال لتطوير وتسويق المشاريع بنجاح، بحسب منصور .
بناء على تعليمات ترخيص ممارسة المهن من المنزل للعام 2017، يحق لكافة أفراد المجتمع الراغبين في بدء أعمالهم ومشاريعهم الريادية القيام بتسجيل مؤسستهم أو شركتهم، ومن ثم التقدم الى البلدية/ أمانة عمان الكبرى للحصول على رخصة مهن للبدء بممارسة عملهم من المنزل، وذلك ضمن شروط خاصة بالموقع الذي سيتم ممارسة العمل من خلاله (منزل، شقة، فيلا) وطبيعة المهن التي يمكن ممارستها.
وتشترط التعليمات، تقديم السجل التجاري وشهادة الانتساب للغرف الصناعية أو التجارية، عقد إيجار المنزل/ موافقة المالك الخطية أو سند الملكية، وتعهد بالسماح لموظفي الأمانة بالتفتيش المنزل، والتعهد بعدم الإزعاج والالتزام بشروط الترخيص، وهنالك مهن قد تطلب الحصول على موافقات مسبقة من جهات حكومية.