أردنيا: هذا وجه التحدي في إطلاق يد الذكاء الاصطناعي لتعلم اللغة العربية
المعلمة ندى الصانع واحدة من معلمات اللغة العربية اللاتي أبدين اهتماما بما طرحته معدة التقرير من إمكانية تعلم اللغة العربية باستخدام AI تقول: " لا أستطيع إلا أن أكون في صف تبني الفكرة، هذا الوقت الانسب لاستغلال شغف جيل Z بالتكنولوجيا" وتتابع " لم أتلق تدريبا، ولكنني قرأت دراسات علمية تؤكد تعزيز الذكاء الاصطناعي للأداء وحب التعلم، بما يتيحه من أدوات تقييم تقيس مهارات اللغة والفروق الفردية بشفافية لدى الطلبة".
توسع الصانع الرؤية، وترى أن التقنية ستكون إضافة نوعية لا في الغرفة الصفية وحسب، بل سنشهد تعليما فاعلا في مجال اللسانيات والصوتيات لغير الناطقين باللغة العربية، وسهولة استخدام أدوات التدقيق اللغوي.
تشاركها الرأي المعلمة سارة وتضيف:" مع بدء العام الدراسي لاحظت إعلانات تدعو المعلمين للتسجيل في برنامج تدريبي لتعلم مهارات جديدة باستخدام الذكاء الاصطناعي، أشعر بالأسى لاعتقادي أن أرضية لهذا التحول لم تؤسس بعد في تعلم العربية"!
خطوة
سبق وأن صرحت المديرة العامة لليونسكو أودري أزولاي عام 2019م، أن الذكاء الاصطناعي سيحقق تغييراً جذرياً في مجال التعليم، وسنشهد ثورة تطال الأدوات التربوية وسبُل التعلّم والانتفاع بالمعارف وعملية إعداد المعلمين ، بالتواصل مع الجهات المسؤولة لمهمة تطوير المناهج، والسؤال عن أي توجه لتعلم العربية في المدارس بواسطة التقنية تبين أن الجهد نحو الهدف في خطوته الأولى.
فما تأمله المعلمة ندى الصانع دون في نص السياسة الأردنية للذكاء الاصطناعي لعام 2020م إذ دعت الحكومة وزارة التربية والتعليم لوضع خطة عمل لتعديل الممكن للمناهج بدمجها في التقنية لمختلف المراحل التعليمية، مع التأكيد على مبحث الرياضيات والمهارات الرقمية والحاسوب واللغة الطبيعية.
مع زوال غمامة كورونا تمت الاستجابة لجزء من السياسات لتطوير منهج المهارات الرقمية في مهمة أنجز جانب منها، فيما بعد قام المركز الوطني لتطوير المناهج بتطوير خطة آتت أكلها في تموز من عام 2023م أعلن حينها عن تطوير جميع مناهج الصفوف ( الأول والرابع والخامس والسابع والعاشر) وذلك بإضافة رمز "بار كورد" لبعض النصوص يمسحه الطالب باستخدام الهاتف المحمول؛ ليلج إلى معلومة ما على شبكة الانترنت.
يوضح الدكتور عمر أبو غليون المدير التنفيذي للمركز بالوكالة:" كانت تلك أول خطواتنا لتجويد التعليم في الأردن على وقع التقدم التكنولوجي المتسارع الذي يشهده العالم لتعلم اللغات وأساليب التدريس، بالشراكة مع الجهات المعنية" وأضاف أن لدى المركز مسعى حثيث لادخال تقنيات الذكاء الاصطناعي مستقبلا، مؤكدا أن أي تطوير يتطلب وقتا وبحوثا وإمكانيات مادية وتقنية.
أول البذار وحجم التحدي
يشارك مجمع اللغة العربية بدوره همّ المركز الوطني بنقلة التحول الرقمي، فلقد حرص العام الماضي على إقامة أول مؤتمر للذكاء الاصطناعي بعنوان " الذكاء الاصطناعي في خدمة العربية" يقول الدكتور عبد المجيد نصير رئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر:" منحت الدولة لإدارة المجمع حقوق قانونية وصلاحيات كلية لحماية العربية وتطويرها، تأكيدا لالتزامنا بالواجب، وبعد مؤتمرنا الأول، سلمنا وزارة التربية وثيقة تشرح ضرورة توظيف AI في تعلم اللغة العربية" موضحا أن التكنولوجيا باتت في صميم حياتنا، وظهور تطبيقات الذكاء سيما Chat GPT يقتضي التحديث المستمر.
وكشف أثناء حديثه عن أحد أهم المعيقات بالقول:" يؤسفني أنه وأثناء تقييم ملخصات المشاركين في المؤتمر الأول، من بين 25 ملخص لم يصمد إلا 5 ملخصات ذات صلة" معللا ذلك بانشغال أساتذة الجامعات عن خدمة العربية.
اختتم المؤتمر الأول بتوصية انعقاده سنويا، ودعوة لتدريب المعلمين على استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي وتوظيفها في الغرفة الصفية، وسيعقد المؤتمر الثاني في تشرين الثاني القادم من هذا العام بعنوان "الذكاء الاصطناعي ومناهج تعليم وتعلم اللغة العربية"، بهدف تحليل وتصنيف الكتابات العلمية حول تقنية ومناهج العربية، وتوفير منصات لعرض تجارب تطبيقية لتعليم اللغة العربية باستخدام الذكاء الاصطناعي.
وعلى ضوء ذلك يأمل الدكتور عبد المجيد أن يصل المجمع لأدق النتائج، ويطمح لدور أكبر للمجمع في هذا المجال، مؤكدا أن دمج تقنياتAI لمحتوى العربية، سيسهم بالكثير من الحلول لا للحاق بالركب فقط.
لا يختلف مع طرح خبير تقنية المعلومات الدكتور عمران السالم فيما يتعلق بحجم التحديات، ويقول:" لغتنا صعبة، وتتطلب بحوثا متخصصة، ومعالجة بيانات ضخمة عالية الجودة"، ومن أبرز حلول التقنية وفق خبرة السالم، تعزيز الشراكات، والاستثمار في بناء القدرات البشرية لتمتلك مهارات الحوسبة السحابية، وتأمين البنية التحتية من الهجمات الإلكترونية، فضلا عن دعم المختبرات، والمراكز البحثية المتخصصة بمجال اللغة.
كما وضحت الرؤية الاستراتيجية للذكاء الاصطناعي لعام 2023-2027م نقاط الضعف والقوة لواقع حال الذكاء الاصطناعي في الأردن، منها عدم وجود جهة حكومية مركزية تُعنى بالاشراف والتنظيم على مشاريع ومبادرات البحث والتطوير في مجال الذكاء الاصطناعي، ومحدودية الدعم والتمويل المادي، وضعف تشاركية الباحثين.
هذا وتقاطعت نتائج رؤية الاستراتيجية مع نتائج وتوصيات أحدث دراسة نشرت عام 2024م في هذا السياق بعنوان "دور تطبيقات الذكاء الاصطناعي في تحسين جودة التعليم في الأردن ومعوقاته من وجهة نظر المعلمين" لكل من الدكتورة رولا حميدان والدكتور محمد الحواتمة، خلصت إلى دعوة لتدريب المعلمين، وتجاوز التحدي التقني والمادي.
الأردن على خارطة AI
أمام التجربة الأردنية، يبدو المشهد العربي متقدما في دولتين فقط، وهما الإمارات والسعودية، ففي الإمارات أطلقت شركة " ألف للتعليم" عام 2021م تطبيق "أرابيتس" بتقنية الذكاء الاصطناعي لتعلم اللغة العربية يتماشى مع مناهج وزارة التربية والتعليم، فضلا عن استخدام منصة تعليمية في بعض المدارس لتحليل مستوى الطلبة، وفي السعودية أعلن عام 2023م مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية عن "مركز ذكاء العربية"، كأول نقلة لتحسين معالجة اللغة العربية باستخدام تقنيات رقمية متقدمة.
لا تود المعلمة ندى الصانع إطالة النظر لمؤشر اكسفورد لعام 2022م، ووصول الأردن المرتبة 80 من أصل 160 دولة بنسبة 44.38% لجاهزية الحكومية في الذكاء الاصطناعي، بل أن ترى مزيدا من التقدم لمسار التعليم الذكي في المدارس الحكومية.