بعد إعلان الأردن مؤخرا رفضه استئناف مهام سفير الاحتلال الإسرائيلي في الوقت الحالي، يعتقد خبراء سياسيون أن هذا التصعيد قد يتجه نحو ايقاف بعض الاتفاقيات الاقتصادية والسياسية كوسيلة أخرى للضغط على الجانب الإسرائيلي من أجل وقف الحرب في قطاع غزة.
وفي هذا السياق، صرح دبلوماسيون لرويترز، بأن التعليقات الأردنية الأخيرة تشير إلى أن عمان "قد تتجه لمراجعة علاقاتها الاقتصادية والأمنية والسياسية مع إسرائيل، وربما تدرس تعليق المزيد من الخطوات في تنفيذ معاهدة السلام إذا اتسعت دائرة اراقة الدماء في غزة.
الأردن وإسرائيل وقعا اتفاقية سلام برعاية أميركية في عام 1994 في حفل أقيم في منطقة وادي عربة جنوبي الأردن، شملت هذه الاتفاقية 14 بندا تناولت مسائل الحدود والأمن والمياه وعلاقات الجوار وملفات اللاجئين والقدس، بالإضافة إلى قضايا أخرى.
أستاذ القانون الدستوري في الجامعة الأردنية، الدكتور ليث نصراوين يشير إلى أن الدبلوماسية في هذا الحراك بين الأردن والاحتلال الإسرائيلي تقوم على أساس وجود معاهدة سلام، وهذا ما نشهده من خلال جهود الأردن من أجل الضغط لوقف الحرب على قطاع غزة.
إحدى الخطوات المهمة ضمن هذا السياق هي الموافقة الإسرائيلية على دخول القوات المسلحة الأردنية في منتصف ليلة الاثنين، حيث تمكنت هذه القوات من إيصال مساعدات طبية ودوائية عاجلة جوا إلى المستشفى الميداني الأردني في قطاع غزة.
نصراوين يرى أن للأردن أوراق ضغط سياسية وقانونية يمكنه استخدامها في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، وبدأ بالفعل في ممارستها من خلال استدعاء سفيره من الاحتلال الاسرائيلي وعدم السماح لسفير الاحتلال بالعودة لاستئناف مهام عمله في عمان.
هذه الخطوات السياسية قد تتصاعد أكثر من ذلك، وفقا لتوقعات نصراوين، الذي يشير إلى أنه على الرغم من وجود معاهدة سلام بين الطرفين واتفاقيات اقتصادية وتجارية، إلا أن الأردن يحتفظ بحقه في إلغاؤها في أي وقت، ولكن يجب أن تأخذ هذه الخطوة في الاعتبار المصلحة السياسية والاستراتيجية للشعبين الفلسطيني والاردني، بمعنى إذا كانت المصلحة العليا تتطلب الاحتفاظ بتلك الاتفاقيات والمعاهدات لخدمة البلدين سيبقى الاردن ملتزما فيها، ولكن إذا كانت المصلحة العليا تتطلب استخدام هذه الاورق كوسيلة للضغط الضغط فإن الأردن سيتخذ هذه الخطوات.
من جهة أخرى، يشير أستاذ العلوم السياسية الدكتور خالد شنيكات، الى وجود عدة اتفاقيات تجمع الأردن مع الجانب الإسرائيلي، بما في ذلك اتفاقية السلام الموقعة عام 1994، واتفاقيات أخرى تتعلق بالغاز والتعاون في مجال إنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية وتحلية المياه، والتي عكست تطورا في العلاقة بين الطرفين .
ويوضح شنيكات أن خيارات الأردن ما تزال تتسم بالدبلوماسية حتى الان، من خلال خطوة استدعاء السفير، وقد تتطور أيضا نحو إيقاف العمل ببعض اتفاقيات التعاون الاقتصادي والأمني، مؤكدا أن "أي خطوات أخرى، مثل قطع شامل للعلاقات، ستعتمد على تطورات الحرب في غزة.
التداعيات القانونية والاقتصادية
من الناحية القانونية، عندما يتعين على الأردن إلغاء معاهدة السلام، يجب عليه إصدار قانون يعرف بقانون الإلغاء، حيث تم إبرام هذه المعاهدة وفقا للمادة 33 من الدستور، والتي تقر بإبرام اتفاقيات دولية.
من الجانب الاقتصادي، يمكن أن تنجم عن الإلغاء تأثيرات سلبية نتيجة وجود اتفاقيات تجارية واتفاقيات غاز بين البلدين، على الرغم من وجود بدائل لهذه الاتفاقيات مع دول أخرى، يمكن أن تكون هناك تبعات قانونية تفرض شروطا جزائية وغرامات على الدولة التي تسعى لإلغاء هذه الاتفاقية.
في العام الماضي، وقع الأردن والإمارات وإسرائيل مذكرة تفاهم تنص على استمرار "دراسات الجدوى" المتعلقة بمشروع مقايضة المياه بالكهرباء، الأمر الذي يعتبره خبراء بانه يمكن ان يتم ايقاف العمل بها كوسيلة للضغط على إسرائيل لوقف العمليات العسكرية في قطاع غزة.
المواقف العربية
خلال مقابلة رئيس مجلس الأعيان فيصل الفايز على شاشة سكاي نيوز عربية، يشير الى أن العلاقات الأردنية مع إسرائيل يحتاج إلى قرار عربي، ويجب أن يكون موقف عربي قوي يدعم الأردن ونحن نعول كثيرا على القمة العربية في الرياض، لاتخاذ قرارات تترجم على الواقع باتجاه الضغط على الدول المساندة لدولة الاحتلال؛ كون بيانات الشجب والإدانة لن تجدي نفعا.
يعتقد نصراوين أن لدى الأردن خيارات متعددة لممارسة الضغط على الجانب الاسرائيلي، وهناك دول عربية قامت بتوقيع اتفاقيات ومعاهدات سلام لها ولكن لديها مواقف مختلفة عن الأردن، ومع ذلك، يجب أن يكون هناك توافق عربي يوحد المواقف، ومن المتوقع أن يظهر هذا التوافق خلال قمة الدول العربية المقررة يوم الأحد المقبل، حيث ستتضمن رفضا واستنكارا وضغطا على الجانب الإسرائيلي.
يجب أن نلاحظ أن المادة 1 من الدستور الأردني تشير إلى أن الشعب الأردني جزء من الأمة العربية، وبالتالي فإن ما يتفق عليه العرب في اجتماعاتهم يلزم الأردن.
منظمة التعاون الإسلامي تعلن عن عقد قمة طارئة الأحد المقبل في العاصمة السعودية الرياض، لبحث العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة مع دخول القصف الإسرائيلي على القطاع يومه الـ31.
وكانت منظمة التعاون الإسلامي قد عقدت اجتماعا سابقا على مستوى وزراء الخارجية بشأن العدوان على غزة في 7 من تشرين الأول الماضي من الجانب الإسرائيلي، ودعا إلى وقف إطلاق النار فورا.