غياب التهيئة تحدي كبير أمام الأشخاص ذوي الإعاقة في المناطق السياحية

الرابط المختصر

قررت العشرينية زينة الانضمام لجولة سياحية الى الأردن ,فرصة كانت بانتظارها منذ فترة طويلة مع مجموعة من الأصدقاء من مصر لاكتشاف المناطق السياحية لا سيما مدينة البتراء الوردية.

منذ اللحظة التي قرات فيها اسم "البتراء" في برنامج الرحلة، تملكني شغف لا يوصف. جهّزت زينة كل ما تحتاجه؛ زجاجة ماء، كريم واقٍ من الشمس، بعض الأدوية، وقبعتها للحماية من الشمس القاسية. "تخيلوا... سأكون هناك مثل المشاهير، أصور نفسي أمام الخزنة، وأمشي بين جدران السيق الملونة!" هذا ما فكرت فيه زينة وهي تتخيل مغامرتها.

لكن، عندما وصل الباص إلى مركز الزوار، بدأت الرحلة تأخذ منحى آخر. بمجرد نزولها على كرسيها المتحرك، واجهتها مشكلة كبيرة: المكان غير مهيأ لاستقبال الأشخاص ذوي الإعاقة الحركية. شعرت بخيبة أمل كبيرة عندما أخبرها أحد أفراد الأمن بأن التنقل داخل الموقع سيكون صعبًا جدًا بالنسبة لها.

التحدي الحقيقي لذوي الإعاقة في المواقع السياحية

بالنسبة لزينة، كان عدم وجود تجهيزات مهيأة لاستقبال الأشخاص ذوي الإعاقة بمثابة صدمة. تقول زينة:
"لطالما سمعت عن البتراء وجمالها، ولم أتخيل أنني لن أستطيع زيارتها بسهولة. التحدي الذي أواجهه كوني أستخدم كرسيًا متحركًا موجود في كل مكان، ولكن أن أجده في أحد أهم معالم العالم؟ هذا مؤلم جدًا."

قصة زينة هي واحدة من آلاف القصص التي تبرز التحديات التي يواجهها الأشخاص ذوو الإعاقة في الوصول إلى المواقع السياحية والتراثية. فغياب التهيئة البيئية المناسبة يحرم الكثيرين من التمتع بهذه التجارب.

أوضح رأفت الزيتاوي، الناطق باسم المجلس الأعلى لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، أن المشكلة تكمن في غياب تخطيط شامل يضمن وصول جميع الأشخاص، مهما كانت إعاقتهم، إلى المواقع السياحية. وأضاف:
"التهيئة السياحية المتوفرة اليوم غالبًا ما تكون متقطعة وغير مكتملة. نحن بحاجة إلى توفير تجربة متكاملة تضمن أن الجميع، بما فيهم الأشخاص ذوو الإعاقة، قادرون على الاستمتاع بالسياحة دون عوائق."

بالمقابل، هناك جهود حكومية لمعالجة هذه المشكلة. فقد رصدت الحكومة في عام 2022 نحو 71 مليون دينار أردني لدعم قطاع السياحة، بما في ذلك تنفيذ خطط لجعل المواقع السياحية أكثر شمولية. وأكدت وزارة السياحة أن العمل يجري ضمن أربعة محاور أساسية:

  1. تطوير التشريعات التي تسهّل تمكين الأشخاص ذوي الإعاقة.
  2. استخدام التكنولوجيا لتوفير معلومات عن المواقع الأثرية بطريقة ملائمة للجميع.
  3. تدريب العاملين في القطاع السياحي على التعامل مع احتياجات الأشخاص ذوي الإعاقة.
  4. تهيئة المواقع السياحية، حيث بدأ العمل فعليًا في موقع جرش.

تشير مسودة قانون السياحة الجديد لعام 2024 إلى الاهتمام بتطوير مفهوم "السياحة الدامجة"، وهو نمط يهدف إلى توفير بيئة سياحية تلبي احتياجات الجميع، بما في ذلك كبار السن والأطفال والأشخاص ذوو الإعاقة.

قصة زينة تلقي الضوء على أهمية تسريع وتيرة الجهود لضمان حقوق ذوي الإعاقة في التنقل والاستمتاع بالمواقع السياحية، ليس فقط في الأردن، ولكن على مستوى العالم.

ربما لم تتمكن زينة من اكتشاف البتراء كما تخيلت، ولكنها أصبحت رمزًا لأمل التغيير نحو سياحة أكثر شمولية ومساواة.