وسط ظروف الفقر والتحديات المجتمعية، يسعى المدرب الأردني فادي الشوح الصقور إلى تمكين الأشخاص ذوي الإعاقة في مخيم الحصن بإربد من خلال تدريبهم على فنون الدفاع عن النفس مجاناً. في منزل متواضع حوله إلى نادٍ رياضي، يقوم الصقور بتدريب هذه الفئة الضعيفة لتمكينهم من الدفاع عن أنفسهم وتعزيز ثقتهم، خاصة في ظل اعتداءات جسدية ونفسية تعرضوا لها من أفراد المجتمع.
بدأ الصقور مشواره في تدريب ذوي الإعاقة عام 2016 عندما أسس مركز "سواعد النشامى" داخل المخيم، مستعيناً بأدوات بسيطة صممها بنفسه لتناسب احتياجاتهم. رغم إمكانياته المحدودة، نجح في تأسيس فريق من ثمانية أطفال من ذوي الصمم والبكم، وحققوا إنجازات مميزة، من بينها حصول الطفل أشرف البقيعي، المصاب بمتلازمة داون، على ميدالية ذهبية في بطولة أثينا للألعاب القتالية.
يواجه الصقور تحديات مستمرة بسبب نقص الدعم، حيث يعاني النادي من شح الموارد وغياب الأجهزة الرياضية الملائمة. ورغم ذلك، يواصل الصقور تقديم الدعم لهذه الفئة وتعزيز ثقتهم بأنفسهم، مما شجع عائلات المخيم على تغيير نظرتها تجاه أطفالها من ذوي الإعاقة.
يأمل الصقور أن يتم الاعتراف رسمياً بإمكانية ممارسة الأشخاص ذوي الإعاقة لرياضات الدفاع عن النفس، مشيراً إلى أن الإنجازات التي حققها فريقه توضح قدرتهم على التفوق في بطولات عالمية. يرى الصقور أن إدماج هذه الفئة في الرياضات القتالية ليس مجرد هواية، بل هو وسيلة قوية لبناء الثقة بالنفس والقدرة على مواجهة التحديات.
ومن ناحية أخرى، ينتقد الصقور غياب الاهتمام والدعم الرسمي لهذه المبادرات، حيث تقتصر الرياضات المتاحة للأشخاص ذوي الإعاقة في الأردن على الاتحاد الأردني لرياضة المعوقين، الذي يركز على ألعاب مثل الكراسي المتحركة وكرة الطاولة ورفع الأثقال، بينما لا توجد اتحادات لرياضات قتالية تتناسب مع إمكانياتهم وقدراتهم.
يؤكد الصقور على أهمية نشر الوعي في المجتمع حول قدرات الأشخاص ذوي الإعاقة، داعياً الأهالي لدعم أبنائهم ومساعدتهم على تطوير مهاراتهم الرياضية كجزء من عملية اندماجهم في المجتمع. على الرغم من الإمكانيات المتواضعة، يواصل الصقور جهوده لتعزيز الوعي المجتمعي وإيجاد فرص رياضية تمنح الأشخاص ذوي الإعاقة شعوراً بالفخر والإنجاز.
بدأ الصقور بالعمل على تدريب هذه الفئة بشكل رسمي عام 2016 عندما أسس مركزا أطلق عليه "سواعد النشامى" في منزل متآكل داخل المخيم، مستخدما أدوات بدائية جدا أغلبها قام بتصميمها من خلال لحام قطع حديدية وتحويلها لأجهزة تدريب.
ويغلظ قانون العقوبات الأردني في تعديلاته الأخيرة العقوبة على من ارتكب عنفا أو جريمة بحق الأشخاص ذوي الإعاقة، بينما عرف قانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة لسنة 2017 العنف ضد هذه الفئة في المادة الثالثة منه بأنه "عنف كل فعل أو امتناع من شأنه حرمان الشخص ذي الإعاقة من حق أو حرية ما، أو تقييد ممارسته لأي منهما، أو إلحاق الأذى الجسدي أو العقلي أو النفسي به على أساس الإعاقة أو بسببها".
ويشير تقرير أطلقه المجلس الأعلى لشؤون الأشخاص المعاقين إلى أن نسبة انتشار الإعاقة في الأردن هي13.1% من عدد السكان.
ولمواجهة هذا العنف، تمكن الصقور من تأسيس فريق للكيك بوكسنغ مكون من 8 أطفال جميعهم من الصم والبكم، إلى جانب لاعب محترف مصاب بمتلازمة داون، خاضوا جميعا تجربة المشاركة في بطولة عالمية في اليونان لأول مرة بتاريخ العالم، يحصل فيها أشخاص ذوو إعاقة على ميداليات ذهبية في فنون قتالية.
يقول "، "لدينا في النادي 20 طفلا من ذوي الإعاقة، والأيتام والحالات الإنسانية، من الفئة العمرية ما بين ثلاث سنوات وإحدى وثلاثين سنة، تتنوع إعاقاتهم بين تشوه خلقي وصَمَم وبَكَم ومتلازمة داون. نقوم بالنادي بتصميم تدريبات خاصة تتناسب مع كل حالة إعاقة حسب نوعها وشدتها".
ويقطن في مخيم الحصن ما يقارب الـ60 ألف نسمة في مساحة لا تتجاوز الـ0.77 كيلومتر مربع، ويتواجد داخل المخيم أكثر من 100 حالة اعاقة تتم رعايتها في مركز تابع لوكالة الغوث، ويعاني المخيم من مشاكل اقتصادية إذ إن حوالي 3 من كل 4 مساكن ليست ملائمة للعيش بسبب مشاكل هيكلية، بحسب موقع وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا).
ومن هذه المساكن ما خصصه الكابتن فادي الصقور ليكون ناديا للتدريب، اذ يفتقر النادي إلى المواد والأجهزة الرياضية بالإضافة إلى تدني البيئة الصحية بسبب انتشار الرطوبة، إلى جانب افتقاره للدعم من قبل الجهات الخاصة والرسمية.
ورغم الظروف الصعبة والإمكانيات المحدودة، استطاع أن يحقق الكابتن الصقور إنجازا عربيا، عندم حصد الطفل أشرف البقيعي "أبو عزيز" ميدالية ذهبية في بطولة أثينا للألعاب القتالية عام 2016، وقابل اللاعب الأردني أشرف أبو عزيز المصاب بمتلازمة داون اللاعب بطل اليونان في مباراة استعراضية إلى جانب مباراة أخرى مع بطل لبنان حيث كسب البطل أبو عزيز كأس البطولة، كونه اللاعب الوحيد الذي مثل هذه الفئة في البطولة.
ليعود في عام 2017، إلى بطولة أخرى في اليونان ومعه 8 لاعبين من الصم والبكم في بطولة لرياضة (الكيك بوكسنغ) ويحرز أيضا الميدالية الذهبية، بعد دعوة من رئيس الاتحاد الدولي لمدربي الألعاب والفنون القتالية حسان البيطار.
إنجازات دفعت عائلات من المخيم لتغيير نظرتها تجاه أبنائهم من الأشخاص ذوي الإعاقة، وعبرت عائلات عن سعادتها بسبب "التغيير الملموس على ثقة أبنائهم في أنفسهم بعد ممارسة رياضات قتالية جنبا إلى جنب مع أطفال سليمين".
ولا تعترف المملكة أو دول أخرى بإمكانية ممارسة الأشخاص ذوي الإعاقة للألعاب القتالية، وتقتصر رياضة الأشخاص ذوي الإعاقة على الاتحاد الأردني لرياضة المعوقين الذي تأسس عام 1981، والذي يشمل رياضات مثل مسابقة الكراسي المتحركة وكرة الطاولة ورفع الأثقال ورمي الكرة الحديدية وألعاب القوى.
الا أن الكابتن الصقور يدعو إلى التفكير مجددا في أهمية دمج الأشخاص ذوي الإعاقة في الرياضات القتالية، بعد أن أثبتوا قدرتهم على خوضها في بطولات عالمية.
غياب الاهتمام الرسمي
الناشط في مجال حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة رامي زلوم، يقول إن "الانتهاكات من قبل بعض الأفراد في المجتمع بحق هذه الفئة ما زالت منتشرة، وخصوصا النظرة المجتمعية"، مؤكدا أن انخراط الأشخاص ذوي الإعاقة في رياضات الدفاع عن النفس ضروري لتعزيز ثقته في نفسه، مع أهمية تعزيز ثقة الأطفال في المجتمع".
وانتقد غياب الاهتمام الرسمي في متابعة الاعتداءات التي تقع على الأشخاص ذوي الإعاقة، ويقول: "لا توجد محاسبة صارمة للأشخاص المنتهكين رغم تشديد العقوبة في القانون".
وأوضح أن "غياب الدعم للرياضات المتعلقة بالأشخاص ذوي الإعاقة، وحصر جميع رياضات هذه الفئة في اتحاد واحد وبميزانية واحدة، على عكس الاتحادات الأخرى حيث يخصص لكل رياضة مستقلة اتحاد مستقل، مثل اتحاد كرة السلة، واتحاد كرة القدم".
ويحاول الكابتن الصقور بما تيسر له من إمكانيات متواضعة، دعم الأشخاص ذوي الإعاقة نفسيا وتعزيز ثقتهم في أنفسهم، إلا أن شح الإمكانيات ليست التحدي الوحيد، بل يواجه الصقور تحديات أخرى تتعلق بنظرة المجتمع إلى هذه الفئة، إلى جانب غياب التوعية في صفوف عائلات الأشخاص ذوي الإعاقة بضرورة دمجهم في المجتمع.
يأتي هذا التقرير في إطار الشراكة شبكة الإعلام المجتمعي/راديو البلد وبرنامج النساء في الأخبار ضمن مبادرة الأثر الاجتماعي SIRI.