الخوف والقلق يضعفان القوة الداخلية
خوف وقلق وعدم قدرة على التغلب على أي موقف نواجهه ليس بالأمر السهل، فهو مؤشر على ضعف القوة الداخلية، وهي من أكثر أنواع القوى التي لا يمكن مراوغتها وتجاهلها، لما لها من تأثير كبير وانعكاس على الفرد ومن حوله.
ويعد الخوف بمثابة ثلاجة كبيرة توقفنا عن العيش وعن المضي قدما، وتحقيق الأحلام والاستمتاع بنور القوة التي تقودنا لبلوغ أقصى طاقاتنا.
ومن غير المنطقي أن نحيا بخوف ونحن نؤمن بالوجود والقدر، فمهما غلبنا هذا الخوف وسطير علينا، فإننا قادرون على التغلب والسيطرة عليه، والتغلب على القلق الناجم عن كل هذه المخاوف التي يحكمها إدراك القوة الداخلية.
وبحسب مدرب الحياة والعلاقات في كاليفورنيا الولايات المتحدة الأميركية د. جوشوا ديفيد ستون الحاصل على دكتوراة بتغيير النفس والذات، فإن إعادة ألق القوة الداخلية أمر بسيط، وهي معادلة بسيطة تضم التفكير والأفعال التي ترافقها لتحديد ملامح القوة تلك.
ولاستعادة القوة الداخلية، ينصح ستون بالاعتقاد بأن الفرد قادر على أن يتغير ويحقق ما يريد، فالنجاح تختلف معانيه من فرد لآخر، ولكن الغالبية تتفق على أنه يعني الصحة والسعادة والمال.
وقد لا تجري الأمور مع الكل بهذه الطريقة، ولكن النجاح يجلبه أمر واحد، وهو قانون الإنجاح وتطبيقه طريقة جذابة، وضعها نابليون هيل، حيث يقول “إن أردت أن تكون ناجحا، فيجب أن تؤمن أنك تستطيع أن تكون كذلك، وهذه المعادلة بسيطة، ولكن تتيح للكل أن يحقق ما يريده حين يؤمن بقدراته الداخلية”.
ويتبع الإيمان بالقدرة على تحقيق ما نريد هو الخروج من منطقة الراحة، وهذا يعني الكف عن التقاعس، فأسوأ عدو للذات هي الذات نفسها؛ لأنها تفرض قيودا خاصة، وهي نفسها الطبيعة البشرية التي تفضل البقاء في منطقة مريحة، حتى لا تتعرض لمواقف لست مستعدا لها أو تخالفها، وبالتالي نصبح ممن يخافون التغيير، إلا أن قوة الأفكار تساعد على كسر هذه القيود وتغيير الحياة نحو الأفضل من خلال قانون السبب والأثر.
وبالرغم من أن كل شيء مرتبط بالإرادة والقوة الداخلية، إلا أن العقل له دور كبير عبر تأثير الفكر بجذب كل ما نريد تحقيقه والتركيز عليه، بمعنى التركيز على الرغبة والهدف المراد الوصول إليه، والإيمان المطلق بقدرتنا على بلوغ هذه الغاية.
والأهم من هذا كله التخلص من السلبية التي دوما ترافق القوة الضعيفة التي تحبط صاحبها وتجعله عرضة للانهيار، بدلا من الوقوف على قدميه.
ولكن لقهر الخوف أيضا والقلق مفاتيح متعددة، بحسب موقع Selfgrowth، والتي تتطلب إطلاق العنان لهذا الخوف المسيطر علينا، وبأن نصبح نحن أسياد ذاتنا بدلا منه، وهذا مرتبط بالتفكير القائم على الخوف والقلق، وبالتالي عكسه، ليصبح الفكر راغبا بالتحرر بدلا من الخوف من التفكير.
ويحتاج من يبحث عن استعادة قوته الداخلية إلى طمأنة نفسه من خلال الحب، الذي يمنحه لنفسه، ويدرك أنه شخص جيد ويستحق العيش من دون إرهاق مزمن من الخوف المسيطر عليه من عدم بلوغ غايته، وأن يتوقف عن الشعور بالضعف الذي يغذي به أفكاره، وهي تلك التي تجعل ساحته مستباحة ممن هم حوله، فينعكس فكره وخوفه على حياته.
بلوغ القوة الداخلية وعكسها على أنفسنا وحياتنا اليومية ليس بالأمر السهل، فقط يتطلب عمرا بأكمله، وقد يستغرق فترة وجيزة، ولكن بلوغه فعلا يحصل عبر كبح كل ماهو سلبي وإيقاف كل عند حده، فنحن من نجعل من أنفسنا أضحوكة، بالبلاهة التي تسيطر علينا، وبخوفنا من دون مبرر، إما للفشل أو لعدم تقبل الآخرين لنا، وحتى الخوف من المشاركة، فهنا الخوف يكون من عدم إيماننا بأننا نستحق الأمور الجيدة، ونصر على أننا لم نولد لنكون أشقياء.
والإحساس بالمناعة والتقدير للحياة يكسبنا نوعا من القوة، وهي الامتنان لما هو جميل وخير، وذلك يحفز أي قوة أخرى تدفعنا لنعيش وفق ما نؤمن به، فمثلا كل النجاحات والانتصارات عبر التاريخ التي حققها أفراد جاءت من إيمانهم بقدرتهم أولا وحبهم للحياة بحرية ثانية والرغبة بالتغيير ثالثا، فكيف يمكن لفرد ان يفكر بانه أقل إنسانية أو حيوية.
والأهم من هذا فإن القوة الداخلية تتفجر من الحب أولا وأخيرا، وليس من الضروري أن تمنح الحب للشريك، ويجب أن لا تشعر بالإحباط، فأحب نفسك لما أنت عليه، وبذلك تعكس هالة المودة والإنسانية عليك، فيراك الآخرون مصدرا للسعادة والمشاعر الطيبة، فتكسر الخوف من التقرب من الآخرين وتشعر بالقوة؛ لأن الحب يمنحك هذا، لذا كن محبا لذاتك ومن حولك، فهو يخلصك من الخوف والقلق وهي ما تعني الكاريزما.
والقوة الداخلية أيضا تتولد من الإيمان والتقرب من الله والصلاة، فهي مفتاح السكينة الأول والأخير والملاذ الأفضل، لكسر الخوف الداخلي، ففي كل مرة تصلي بها عندما تكون قلقا ستجد طريقا يحررك منه، فهي تطرد الخوف، وتدخل السكينة للقلب الضعيف وتغذي الروح، وتمنح القوة والإيجابية.