وباء التدخين يغزو مدارس الزرقاء، والرقابة في غيبوبة- صوت
لا يكلف طالب التوجيهي (احمد) نفسه عناء اخفاء سيجارته، ولو حتى من باب المجاملة، عن اعين المعلمين الذين كان باستطاعتهم رؤيته من نوافذ الصفوف وهو ينفث دخانها بتفاخر واضح عند الجهة الخارجية من بوابة المدرسة.
لا بل انه يرى في تدخينه لسيجارته خارج سور مدرسته نوعا من "الاحترام" للمعلمين، في وقت لا يتورع فيه طلبة اخرون عن التدخين في ساحات المدرسة ودون ان يعترض عليهم احد على حد قوله.
واحمد كما يخبرنا حصل على سيجارته الاولى من ابن خالة له قبل نحو خمسة اعوام، اي عندما كان في الصف السابع.
وقد ساهم اصدقاؤه، وهم في معظمهم من من المدخنين، في غرس هذه العادة لديه ودخوله الى دائرة الادمان.
وبداية احمد مع التدخين لا تختلف كثيرا عن بدايات نحو 21 بالمئة من طلاب المدارس الذين اظهرت دراسة متخصصة انهم من المدخنين.
وتمثل هذه النسبة نحو 250 الفا من اصل العدد الاجمالي لطلبة المدارس والبالغ مليونا و600 الف.
وتشكل الاناث نحو 46 بالمئة من طلبة المدارس المدخنين بحسب الدراسة التي اجرتها الجمعية الوطنية الاردنية لمكافحة التدخين ونشرت نتائجها عام 2010.
وتقول الدراسة ان عامل التقليد كان السبب الرئيس لتدخين ما نسبته 37 بالمئة من هؤلاء الطلبة، والذين تتراوح اعمارهم بين 13 و15 عاما.
ولم يتضح من الدراسة عدد الطلبة المدخنين في محافظة الزرقاء، لكن ذلك يمكن تلمسه من خلال دراسة لليونسكو اظهرت ان المحافظة تاتي في المرتبة الثانية في المملكة بعد عمان من حيث اعداد الاسر التي يوجد فيها مدخنون، وبما نسبته 66 بالمئة.
وكما توضح الاخصائية الاجتماعية فاطمة الشروف، فان العامل النفسي والمشاكل الاجتماعية تلعب دورا مهما في دفع الطلبة الى الانخراط في صفوف المدخنين.
وتقول الشروف ان "تدخين الطلبة بالدرجة الأولى يكون بدافع إثبات الذات الذي يبرز خلال سن المراهقة، من اسبابه ايضا المشكلات الاجتماعية كالخلافات بين الأهل أو حتى المشكلات العاطفية التي قد يواجهها الطالب او الطالبة".
وتشير الاخصائية الاجتماعية الى عوامل اخرى من بينها غياب الدور التربوي للمدرسة بالإضافة لغياب رقابة الاهل.
والى جانب كل تلك المسببات والعوامل، فان سهولة الحصول على السجائر تلعب دورا مهما في اغراء الطلبة على التدخين.
وهذا الامر يشير اليه طالب التوجيهي احمد قائلا انه ببساطة يحصل على السجائر من البقالات التي تبيعها لكل من يريدها ودون تمييز بين صغير وكبير.
وبيع السجائر لمن هم دون الثامنة عشرة يشكل مخالفة صريحة للقانون الذي يفرض عقوبات مشددة على مرتكبيها.
وينص قانون الصحة العامة على عقوبة الحبس مدة لا تتجاوز (6) أشهر أو غرامة لا تزيد على (500) دينار أو العقوبتين معا لكل من يبيع الحدث تبغا أو كلفه بشرائه، وقدَّم له الأرجيلة وغرامة (20) دينارا على الحدث.
على ان الكثير ممن يبيعون السجائر لطلاب المدارس لا يلقون بالا لقانون او عقوبة قد تلحق بهم لارتكابهم مثل هذه المخالفة.
ويبرر بائع في إحدى البقالات بيعه السجائر للطلاب قائلا "إذا رفضت بيعهم الدخان فلن يشتروا أي شئ آخر من عندي، وسوف يبيعهم غيري، فما الجدوى؟".
ومن جانبها، اكدت مديرية صحة الزرقاء انها تعمل على مكافحة ظاهرة التدخين بين الطلبة عبر تطبيق القانون على من يبيعونهم السجائر، ومن خلال المحاضرات والندوات الارشادية.
وقال مدير الصحة تركي الخرابشة "نقوم بمكافحة هذه الظاهرة على شقين الأول وهو المصدر المزود (البائع) حيث نتعامل معه من خلال قانون الصحة العامة".
ويضيف "أما بالنسبة للشق الثاني وهم الطلاب، فنحن نقوم بجولات على المدارس الحكومية والخاصة ونقوم بعمل محاضرات وورش عمل إرشادية وتوعوية لمضار التدخين، وحتى اننا نتطرق إلى آثاره الاقتصادية".
وبحسب ارقام غير رسمية، فان الاردنيين ينفقون مليار دينار سنويا على التبغ، فيما تبلغ قيمة الخسائر المباشرة للتدخين نحو 352 مليون دينار وغير المباشرة والناجمة عن امراض السرطان والامراض القلبية والصدرية والحرائق 400 مليون دينار.
الى ذلك، فان الاخصائيين يحذرون من مخاطر التدخين وخصوصا خلال سنوات الطفولة والمراهقة، وما يستتبع ذلك من تاثير على التحصيل العلمي للطلاب.
ويعدد الطبيب عيسى العمري بعضا من تلك المخاطر قائلا ان " التدخين يتسبب بفقدان الشهية والشعور بالضعف والخمول كما ان النيكوتين يؤدي الى تضيق شرايين القلب والأوعية الدموية مما يقلل من كمية الأوكسجين التي تصل الدماغ ويجعل المدخن أكثر عرضة لمرض الزهايمر".
إستمع الآن