يحرص الاهل على تمرين ابنائهم على فريضة الصوم في سن مبكرة، مستعينين على ذلك باسلوب "صوم العصفورة" الذي اثبت نجاعته ونجاحه على مر السنين والاجيال، ولكنه لا يخلو من محاذير.
ووفقا لهذا الاسلوب، يجري تصويم الاطفال من الفجر حتى آذان الظهر، ثم يسمح لهم بتناول الطعام والشراب طوال فترة ما قبل العصر، ومن بعده يستكملون الصيام حتى يؤذن المغرب.
واقترن هذا النوع من الصوم باسم العصافير كناية عن اجسام الاطفال الغضة، وسهولة تاثرها بفترات الانقطاع الطويلة والمتواصلة عن الطعام والشراب، اضافة الى ان الاسم يتضمن نوعا من التحبيب والترغيب لهم بالصوم.
وعادة ما يحصل الاطفال في نهاية النهار على مكافآت معنوية ومادية من الاهل من باب التشجيع، تماما كما تفعل عبير عبد الرحمن التي قالت انها تصحب اطفالها الى البقالة بعد الافطار وتسمح لهم بشراء ما يشتهون.
وخلال النهار، تحث عبير اطفالها على الصبر عندما ترى في وجوههم التذمر او يشكو لها احدهم من العطش والجوع، عبر ترديد عبارات من مثل "البطل اليوم صايم....كبرت وصارت صبية وبتصوم".
والصبر مطلوب من الاهل كذلك وليس الاطفال فحسب، كما تؤكد عبير التي قالت ان عليهم ان يواصلوا حث ابنائهم الصغار وتشجيعهم على امتداد فترات صومهم حتى لا تضعف عزيمتهم، مع ضرورة الاخذ في الاعتبار تفاوت قدراتهم على التحمل.
وبدورهم ايضا، يتولى الاطفال جانبا من مسالة التشجيع التي يتداولونها في ما بينهم عبر التباهي بصيامهم كما الكبار.
ومن ذلك ما تفعله أميره عويس ذات السبع سنوات، والتي تخرج لسانها لكي تراه صاحباتها بما يعتريه من بياض في اللون كناية عن العطش، وكذلك تقرص جلدة ظاهر اصبعها لاثبات ان جسمها تنقصه السوائل.
وينظر مختصون الى "صوم العصفورة" باعتباره اسلوبا معتدلا لانه ينتهج التدرج ويرون انه بالتالي يناسب تكوين اجسام الاطفال، الا انهم يشددون على اهمية الانتباه الى جملة من الاشتراطات التي ينبغي مراعاتها تجنبا للوقوع في محاذير قد تضر بصحتهم.
وتوضح اخصائية التغذية ميساء دحبور ان السحور ياتي في مقدمة تلك الاشتراطات، وتنتقد في هذا الصدد تاجيل بعض الاهالي لوجبة عشاء اطفالهم حتى يحتسبوها لهم سحورا.
وتؤكد دحبور على اهمية تناول الأطفال وجبة السحورفي موعدها قبل الفجر؛ تجنبا لزيادة المدة الزمنية التي يمتنعون فيها عن تناول الطعام والشراب، وهو ما قد يعرضهم للشعور بالاجهاد ولمخاطر الجفاف والنقص الحاد في مستوى السكر في الدم.
وتضيف اخصائية التغذية ان من الاشتراطات ايضا الحرص على تعويد الاطفال على تناول الطعام بالتدريج بعد انتهاء صومهم، وليس دفعة واحدة، حتى لا يصابوا بالاضطرابات المعوية.
وتلفت دحبور الى ان قدرة الأطفال على الصوم تختلف من طفل لأخر حتى لو كانو يتماثلون في الفئة العمرية وذلك تبعا لعوامل منها بنية الطفل وحالته الصحية وكذلك حرارة الجو.
وتقول ان الصوم في الصيف يزيد من فرصة تعرض الطفل للاصابة بالجفاف، وتنصح بالتالي بشرب الماء والعصائر بين وجبة الافطار والسحور لتعويض السوائل خلال النهار.
وتدعو دحبور اهالي الاطفال الى تفطيرهم واقناعهم باستكمال الصيام في اليوم التالي عند ظهور رجفة الأطراف الناتجة عن انخفاض مستوى السكر أو غياب الطفل عن الوعي، وتنظيم صيامهم بتعجيل الافطار وتأخير السحور.
كما تؤكد ضرورة تضمين وجبات طعام الاطفال المواد الغنية بالنشويات لأنها مصدر امداد الجسم بالطاقة وتحافظ على مستوى السكر في الدم، وكذلك مشتقات الحليب لامداد الجسم بالكالسيوم.
وتنصح دحبور بالابتعاد عن الأطعمة المسببة للعطش مثل المخلللات والحلويات والأغذية المشبعة بالدهون بالاضافة الى تناول الفواكه.
ومن جانبه، بين مدير أوقاف محافظة الزرقاء جمال البطاينة أن الأطفال الذين بلغوا سن التمييز، أي سن السابعة قياساً على فريضة الصلاة، يترتب عليهم الصيام حيث قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: علموا أولادكم الصلاة إذا بلغوا سبعا واضربوهم عليها إذا بلغوا عشرا وفرقوا بينهم في المضاجع.
وقال أنه لا ينبغي اجبار الطفل غير المكلف على الصيام أبدا، مضيفا ان الأطفال إذا بلغوا سن البلوغ (الإحتلام ) وجب عليهم الصيام، أما ما دون السابعة فلا يترتب عليهم، وثلاث سنوات حتى يبلغوا العاشرة من العمر تعتبر كافية لتعويدهم.
وأشار البطاينة إلى اهمية مراعاة تمرين الأطفال لصيام فترة معينة سواء للظهر أو العصر وان يترافق ذلك مع العبارات التشجيعية والمكافآت.