د.عالية الغويري.. قصة ابداع طبي أردني بامتدادات عالمية

د.عالية الغويري.. قصة ابداع طبي أردني بامتدادات عالمية

في اربع سنوات فقط، كانت عالية الغويري تحصل على الماجستير والدكتوراة من الولايات المتحدة في تخصص طبي نادر على مستوى العالم، وتترك بصمتها في كتاب شاركت في تأليفه ودخل مناهج الجامعات هناك، ثم تقفل عائدة الى الوطن.

 

ونيل الشهادة الجامعية الاعلى لم يكن بالنسبة للدكتورة الغويري (30 عاما)، وهي حاليا استاذ مساعد في كلية علوم التأهيل في الجامعة الاردنية، سوى بداية رحلة حافلة بالانجازات البحثية والعلمية الباهرة، وكذلك بالمبادرات المعرفية والاجتماعية.

 

ومما يمكن قراءته عبر استعراض سريع في صحيفة سيرتها الذاتية، انها ايضا صاحبة نظرية علمية طبية وحائزة على براءة اختراع جهاز للعلاج الطبيعي، ويُوشح اسمها سلسلة ابحاث ودراسات اعدتها بالتعاون مع جامعات عربية وعالمية.

 

تخصص نادر

كانت انطلاقتها مع حصولها على معدل 92 في التوجيهي، وانتسابها الى الكلية التي تقوم بالتدريس فيها حاليا، وحصولها منها على البكالوريوس في العلاج الفيزيائي، ثم على منحتين عام 2007 لدراسة الماجستير والدكتوراة في الولايات المتحدة.

 

وكان ان اختارت تخصص "العلاج الطبيعي لامراض الاعصاب واضطرابات التوازن"، والذي قالت انها احبته وارادت ان تكون لها الريادة في ادخاله الى وطنها الاردن.

 

واضافت تصفه قائلة انه "اختصاص فريد من نوعه على مستوى منطقة الشرق الاوسط وكذلك العالم، ونحن في حاجة اليه خصوصا في الاردن".

 

ولا يتوفر تخصص العلاج الطبيعي سوى في ثلاث جامعات اردنية هي الهاشمية والعلوم والتكنولوجيا والاردنية، وهو حديث نسبيا ويدرس لمستوى البكالوريوس فقط، وقد تخرج منه اثنا عشر فوجا الى الان.

 

وبسعادة تتحدث الغويري التي نالت درجتي الماجستير والدكتوراة من جامعة بتسبرغ في ولاية بنسلفانيا الاميركية، عن حالات نجحت في علاجها لمرضى في الاردن ومن دول عربية عديدة، بينها البحرين والسعودية وقطر والسودان.

 

وتقول "هؤلاء المرضى كانوا حبيسي بيوتهم ولا يستطيعون مغادرتها، وكان اطباؤهم يكتفون باعطائهم المسكنات، وبعدما خضعوا للعلاج الطبيعي، تحسنت حالاتهم الصحية واصبحت ممتازة".

 

وفي المقابل، تشير الغويري الى انه برغم افواج الخريجين العديدة في تخصص العلاج الطبيعي، الا ان هذا المجال الطبي "ما زال في حالة بدائية" في مستشفيات المملكة، من حيث ان العديد منها تفتقر الى اقسام خاصة بمثل هذا النوع من العلاج.

 

ولفتت في هذا السياق الى ان النية تتجه قريبا الى تفعيل عيادة للعلاج الطبيعي في مستشفى الجامعة الاردنية.

 

مفهوم العلاج 

تشرح الدكتورة الغويري مفهوم هذا النوع من العلاج قائلة انه يقوم على استخدام الوسائل الطبيعية لعلاج امراض عدة، منها امراض الاعصاب والجلطات الدماغية والعظام والامراض التنفسية والنسائية.

 

وتشير خصوصا الى امراض الجلطات الدماغية الذين يفقد المرضى نتيجتها القدرة على تحريك بعض اطرافهم، مؤكدة ان نسبة كبيرة منهم تتمكن من استعادة التحكم بتلك الاطراف بفضل العلاج الطبيعي.

 

وتضيف ان هناك بعض الامراض التي تصيب الاعصاب، ولا يكون لها من علاج سوى العلاج الطبيعي، ومنها مرض التصلب اللويحي والشلل الرعاشي وبعض اصابات النخاع الشوكي الناجمة عن الحوادث، وكذلك شلل العصب الوجهي.

 

وتوضح ان هذا النوع من العلاج يعد اساسيا للمرضى الذين يخضعون لعمليات جراحية، حيث يؤدي دورا مهما في تاهيلهم حتى يتمكنوا من التغلب على اثار تلك العمليات ومعاودة حياتهم الطبيعية.

 

كما تلفت الغويري الى انه يحقق كذلك نسب نجاح وشفاء تصل الى 99 بالمئة، ومن الجلسة الاولى، في حالات الدوخة وفقد التوازن والدوار الموضعي الحميد، والتي تعود اكثر اسبابها الى وصول بعض املاح الاذن الداخلية الى قنواتها الهلالية.

 

انجازات طبية

الجزئية المتعلقة بحالات الدوخة الناجمة عن اختلالات وظائف الاذن الداخلية، والتي تدخل في صلب اختصاصها، شكلت نواة لتعاون علمي بين الدكتورة الغويري والعلامة الدكتور محمد النابلسي ويتمحور حول الاعجاز العلمي في سورة الكهف.

 

وكشفت عن ان دورها ضمن هذا التعاون سيكون اعداد ابحاث تقدم اضاءات علمية على الاعجاز في قصة اصحاب الكهف، وخصوصا في قوله تعالى: ﴿وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ﴾، وقوله تعالى (فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا).

 

واشارت الغويري الى انها ستقدم في ضوء ابحاثها التي سيتضمنها كتاب سيصدر قريبا بالاشتراك مع النابلسي، ادلة علمية تبين كيف ان "الضرب" الذي يعني المنع من السمع، كان احد اسباب النوم الطويل لاصحاب الكهف.

 

وهذا الكتاب سيكون الثاني الذي تسهم في تاليفه بعد كتاب "العلاج الطبيعي لكبار السن" الذي دخل مناهج بعض الجامعات الاميركية.

 

وفضلا عن هذين الكتابين، قدمت الغويري حصيلة من الابحاث العلمية في مجال استخدامات العلاج الطبيعي، وخصوصا في امراض الدوخة والدوار وفقد التوازن والجلطات الدماغية والتصلب اللويحي والسكري.

 

واضافة الى الجامعة الاردنية، فقد تعاونت الغويري مع العديد من الجامعات العربية والعالمية في مجال الابحاث العلمية، ومنها جامعة الملك سعود في المملكة العربية السعودية وجامعة ميونخ الالمانية وجامعة بتسبرغ الاميركية.

 

كما اشرفت على فريق طبي وهندسي في الجامعة الاردنية تمكن من التوصل الى ابتكار جهاز مائي للعلاج الطبيعي، وهو حاليا في طور الحصول على براءة اختراع تمهيدا لوضعه قيد الاستخدام العلاجي.

 

وبالتوازي مع مسيرتها العلمية، يبرز النشاط اللافت للغويري في المجال الاجتماعي التطوعي، حيث اطلقت وشاركت في العديد من الحملات والمبادرات، ومنها مبادرة حول كيفية تجنب الاصابة بالسكري، واخرى لدعم ذوي الاحتياجات الخاصة كان عنوانها "من عمان نبدأ" وجالت كافة المحافظات.

 

أضف تعليقك