تعزيز فرص المشاركة السياسية للمرأة..القوانين وحدها لا تكفي
يمثل افتقار المرأة الاردنية الخبرة الكافية في ادارة العمل السياسي احد ابرز المعيقات التي تواجهها خلال سعيها الى توسيع وتعزيز مشاركتها السياسية، وفق ما يؤكده مختصون.
وترى رئيسة الاتحاد النسائي الاردني العام نهى المعايطة ان هذا الواقع ناجم عن اسباب متعلقة بالمرأة نفسها اكثر مما هي بالارادة السياسية والتشريعات التي فتحت الابواب على وسعها امام تعزيز مشاركتها السياسية واكتساب تلك الخبرة.
وخلال السنوات الاخيرة، اسهمت التشريعات، وخصوصا نظام الكوتا، في وصول المرأة بصورة ملحوظة ومتصاعدة الى عضوية المجالس النيابية والبلدية، ولاحقا لاحزاب.
ومع ازدياد اعداد النساء في هذه المجالس، بدأت الاتجاهات العشائرية بالتحول ايجابيا وبشكل واضح تجاه تقبل ترشيح المرأة وانتخابها، فاصبحت العشائر تدعم مسيرة بناتها في الترشح والانتخاب وفي مختلف المواقع .
وتتجه نية الحكومة حاليا للعمل بنظام اللامركزية المقترح، والذي يتوقع ان ينعكس ايجابا ايضا على مشاركة المرأة حيث سيضم في عضوية المجالس التي ستتشكل بموجبه في كل محافظة رئيستي فرعي اتحاد المرأة وتجمع لجان المراة.
*مفتاح التشريعات
المعايطة تؤكد ان التشريعات المبكرة كان لها الفضل الاكبر في وصول المراة الى هذه المجالس وقبلها الى مراكز قيادية عليا حيث اصبحت سفيرة وقاضيا وتقلدت مراكز في وكالات الأمم المتحدة في الأردن.
ومع اقرارها بفضل الكوتا التي نجم عنها زيادة عدد اللائي يصلن الى المجالس النيابية والبلدية، الا انها اثنت ايضا على العشائرية باعتبارها معززا للمشاركة السياسية للمرأة، حيث قالت ان العشائر قدمت الدعم لبناتها للوصول الى عضوية تلك المجالس.
كما عبرت المعايطة عن تفاؤلها في ان تسهم القوائم الوطنية التي جرى استحداثها في انتخابات مجلس النواب الاخيرة في اجتذاب مزيد من السيدات الى العمل السياسي مستقبلا.
غير ان المشاركة الحزبية للمراة بقيت ضعيفة حتى الان، حسب المعايطة التي تحدثت لـ"هنا الزرقاء" على هامش حضورها ورشة عمل نظمها الاتحاد النسائي مؤخرا لعضوات المجالس البلدية في الزرقاء بهدف تطوير وبناء قدراتهن المؤسسية.
وفازت 19 سيدة بمقاعد في مجلس النواب الحالي، وبواقع 15 عبر الكوتا واربعة فقط بالتنافس، وهي اكبر مشاركة للنساء في المجلس منذ اقرار نظام الكوتا اول مرة في قانون انتخابات مجلس النواب عام 2003.
اما في انتخابات المجالس البلدية الاخيرة، فلم تفز سوى 226 سيدة من بينهن 23 فقط بالتنافس، وذلك من اصل 1070 مقعدا تضمها تلك المجالس على مستوى المملكة.
ووصل عدد النساء في المجالس البلدية الى هذا المستوى، وهو قياسي ايضا، بعد التعديل الذي ادخل على قانون البلديات عام 2007 ورفعت بموجبه نسبة كوتا النساء الى 20 % من مجموع مقاعد المجالس البلدية.
وجاءت هذه النتائج الهزيلة نسبيا برغم ان عدد الناخبات من النساء في كلا الحالتين: الانتخابات النيابية والبلدية، يساوي او يزيد قليلا عن عدد الناخبين الرجال، وهو الامر الذي طالما اثار سؤالا حول: لماذا لا تنتخب المرأة المرأة؟.
واجمالا، فان رئيسة الاتحاد النسائي تعتقد ان مختلف المعززات بدءا من الارداة السياسية ونظام الكوتا وصولا الى تبدل توجهات العشائر لم تدعم نضوج المشاركة السياسية للمراة تحت قبة البرلمان او في المجالس المحلية او حتى في عضويتها في الأحزاب.
واشارت الى معيقات تواجه نضوج وتعزيز هذه المشاركة ومن ابرزها افتقار المرأة الخبرة الكافية لادارة العمل السياسي، خصوصا المستجدات من النساء في هذا الحقل.
ولفتت ايضا الى العوائق المالية التي تجعل من الصعب على المراة الترشح للمجالس النيابية والبلدية، فضلا عن ضعف تنسيق الهيئات النسائية مع الاحزاب ومؤسسات المجتمع المدني، والذي اعتبرته ضروريا "حتى تستطيع المرأة ابراز صورتها المشرقة".
*وجوه للمشاركة
من جانبها، اعتبرت امل الخاروف، الاستاذ المشارك في مركز دراسات المرأة في الجامعة الاردنية، ان المشاركة السياسية للمرأة لا تقتصر على كونها نائبا أو عضو مجلس بلدي، حيث إن قدرتها على اتخاذ القرار في مكان عملها تعد ايضا مشاركة سياسية، وبحق.
وأشارت الخاروف ألى أهمية مخرجات التعليم القوي كمعزز لزيادة فرصة وصول المرأة الى المجالس النيابية، كما شددت على ضرورة دعم الرجل للمرأة في ممارستها للعمل السياسي.
ورأت ان الاسرة تؤدي ايضا دورا مهما في تعزيز المشاركة عبر تشجيع نسائها على الالتحاق بالعمل السياسي، وهو ما رات انه يتطلب توعية الذكور والاناث بذلك، بل والذكور قبل الاناث .
أما عضو مجلس بلدي الزرقاء حياة الزواهرة، والتي نجحت عن طريق الكوتا في دورتين متتاليتين، فقد وصفت الكوتا بانها معزز قوي فتح المجال للنساء للترشح والفوز بعدد اصوات اقل من التي توصل الرجل الى المجلس النيابي او البلدي.
وقالت الزواهرة ان الكوتا كانت ولا تزال أسهل الطرق لفوز المرأة، مع تاكيدها انه ليس من الضرورة ان تكون المرأة الفائزة عبرها قوية ومعدة جيدا للعمل السياسي.
واكدت الناشطة الاجتماعية إيمان أبو دلو، والتي تهيئ نفسها من الان لخوض المعركة الانتخابية، ان الفرص موجودة وأن مؤسسات المجتمع المدني كإتحاد المراة وتجمع لجان المراة والاتحاد النسائي، تسهم في تمكين المرأة وتوعيتها قانونيا وتشريعيا.
وقالت ابو دلو وهي استاذة النظم والقيادة التربوية في الجامعة الأردنية، ان بعض النساء استطعن الفوز بمساعدة هذه المؤسسات غير انهن لم تجر متابعتهن من قبلها لضمان إبراز أفضل دور ممكن لهن في مواقعهن التي بتن يشغلنها.
*المجتمع والعشيرة
وتلفت منال الحزام التي كانت تنوي الترشح للانتخابات ثم عدلت عن ذلك في اللحظة الاخيرة، الى جملة معيقات تحول دون خوض المرأة غمار تجربة المشاركة السياسية، ومنها الواسطة والمحسوبية والغيرة وقلة التفهم، على حد تعبيرها.
وشرحت قائلة انها انت حزمت أمرها واستعدت للترشح ولكنها لم تستطع التسجيل بسبب ظروف ومشكلات اسرية أهمها الغيرة التي جعلتها تنشغل بحل هذه المشكلات واضاعت عليها فرصة التسجيل للانتخابات .
ورأت الحزام أن المشاركة في الدورات والمؤتمرات وكافة أشكال النشاط الاجتماعي تمثل مفاتيح ومعززات لفرص وصول المرأة ومشاركتها في الحياة السياسية.
وعلى صعيدها ايضا، اكدت عضو مجلس بلدي الهاشمية فاطمة الجمل ان العمل التطوعي يعد مدخلا مهما للوصول الى مجلس النيابة او مجلس البلدية.
ووصفت الجمل العمل التطوعي بأنه حساس وشيق لانه يجعل الشخص يعمل مع المجتمع الذي سوف يترشح من خلاله لاحقا.
وقالت انها عملت بداية الامر متطوعة في المجالس المحلية ثم في ادارة الجمعيات الخيرية قبل ان تترشح وتفوز بدعم من العشيرة.
ومن خلال تجربتها، تصف الجمل العشائرية بانها سلاح ذو حدين، فقد تمنع العشيرة الشخص من ان ينتخب الا ابن عشيرته الرجل، ولكن مع التوعية والاعلام اصبحت العشائر تدعم بناتها ايضا، وهو ما ساعد في ايصالهن الى مراكز صنع القرار.
إستمع الآن