"تشكيليو" الزرقاء يخوضون معركة مريرة لاثبات الوجود

"تشكيليو" الزرقاء يخوضون معركة مريرة لاثبات الوجود
الرابط المختصر

منذ تأسيس جمعيتهم في اواسط تسعينيات القرن الماضي، والفنانون التشكيليون في الزرقاء يخوضون معركة صعبة ومريرة في سبيل اثبات الوجود ونشر وتجذير ثقافة هذا الفن في المحافظة، ولكن ما تم احرازه الى الان لا يعدو النتائج المتواضعة.

 

ويعزو احمد القزلي، الرئيس السابق لجمعية الفن التشكيلي في الزرقاء ضعف النتائج المتحققة الى جملة عقبات ذاتية وموضوعية واجهتها مسيرة الجمعية التي تاسست عام 1995، وكانت تدخل بسببها في "سبات" حينا وتتعثر في احيان اخرى.

 

وقال القزلي ان الجمعية التي يُسجل الفضل لمدير الثقافة السابق نعيم حدادين في المبادرة الى انشائها، عانت في البدايات من الاختلاف في توجهات واهداف الاعضاء، الامر الذي ادى الى حلها بعد وقت قصير من التاسيس، وكانت حينها تضم 150 عضوا.

 

واوضح ان الاختلاف نجم عن عاملين: اولهما تباين اختصاصات الاعضاء، حيث انهم لم يكونوا جمعيهم فنانين تشكيليين، فبعضهم كانت لديه حرف لها علاقة بالاشغال اليدوية مثل القش، والثاني تبني البعض لتوجهات سياسية وحزبية بعيدة عن الغاية التي تاسست لاجلها الجمعية، وهي الفن.

 

وتابع ان حدادين قام مرة اخرى في عام 1999 بدعوة تسعة فنانين من الزرقاء للاجتماع، وكان هو (القزلي) من بينهم، حيث جرى تشكيل هيئة ادارية جديدة للجمعية قامت بدورها بتحديد شروط للانتساب، ومنها ان يكون لدى العضو ثلاثة اعمال فنية على الاقل.

 

ولكن اعادة الهيكلة هذه لم تأت بالنتائج المرجوة، حيث مرت جمعية الفن التشكيلي بين عامي 2001 و2006 بما قال القزلي انه "سبات شتوي طويل"، ثم جاءت محاولة الاحياء الجديدة التي انطلقت في 2007، ولا تزال معها المحاولات متواصلة لتفعيل دور الجمعية.

 

الرئيس الحالي للجمعية اسامة النجار، اكد انها مرت ولا تزال في ظروف صعبة ولاسباب بعضها ناجم عن ضعف الامكانات المادية، والاخر عن غياب الرعاية سواء الرسمية او الاهلية للحركة الفنية في الزرقاء، مشيرا الى ان ابرز عقبة تمثلت في افتقار الجمعية في وقت من الاوقات الى مقر يجمع اعضاءها البالغ عددهم حاليا اربعين فنانا تشكيليا.

 

وقال النجار ان الجمعية بدأ يصبح لها دور فاعل بعد توفر المقر، حيث تمكنت خلال السنتين الماضيتين من تنظيم خمس دورات للرسم فيه بمشاركة اعضاء وفنانين هواة، الامر الذي شجع إقبال مجتمع الزرقاء على تعلم هذا الفن.

 

واكد ان "جمعية الفن التشكيلي اصبحت المنارة التي يهتدي بها كل هاو للرسم وكل فنان مبتدئ، واصبح الفنان المبتدئ يعرف ان طريقه يبدأ بانضمامه لهذه الجمعية، وباشتراكه في دروات الرسم المختلفة، والتي يدرب فيها الاعضاء".

 

واشار النجار الى ان "الجمعية استطاعت عقد هذه الدورات بعد ان وجدت دعما من المجتمع المحلي في الزرقاء، ورعاية من مديرية الثقافة التي فتحت الباب على مصراعيه ومكنتنا من تنظيم معارض شخصية ومشتركة للفنانين الأعضاء".

 

واعتبر ان "هذه المعارض قدمتنا لجمهور الزرقاء وأذابت الجليد بينه وبين جمعية الفن التشكيلي، حيث اصبح من المالوف أن ترى الناشئة جنبا الى جنب مع المتقاعدين يشاركون في دورات الرسم التي تعقدها الجمعية".

 

ونوه النجار الى ان اعضاء الجمعية ينفذون حاليا "مشروع تجميل للزرقاء يشمل تلوين ورسم جدارايات على مداخلها وانفاقها اضافة الى مشروع مماثل لإعادة الحياة الى متنزه بلدية الزرقاء"، مبينا ان جزءا من هذين المشروعين يتم بدعم من البلدية.

 

وتابع ان هناك مشروعا اخر يتضمن قيام اعضاء الجمعية برسم معالم الزرقاء وآثارها وما يتعلق بتاريخها وجغرافيتها من أجل التعريف بها وحفظها للاجيال القادمة، وهو المشروع الذي تم انجاز جزء منه خلال الربيع الحالي.

 

من جانب اخر، لفت النجار الى ضعف الاقبال على اقتناء اعمال الاعضاء الفنية، والذي عزاه الى تراجع القدرة الشرائية للاهالي، ومنافسة التشكيليين العراقيين الذين اوجدوا ما يعرف ب"سوق اللوحة الفنية" التي يجري تنفيذها بأبسط الاشكال واقل التكاليف وتتوافر بأسعار منخفضة، ناهيك عن اللوحات المقلدة الاخرى التي تباع في السوق باثمان زهيدة.

 

وعن ذلك يقول ان "الفنان يتعب في ايجاد الفكرة وتطبيقها وينفق من جيبه على شراء الالوان والخامات، ومن حقه ان يجد مردودا ماليا لتعبه"، معتبر ان حل هذه المشكلة يتمثل في "التوسع بالمعارض الفنية وعدم الاكتفاء بعرض اللوحات في رواق مديرية الثقافة، وبالتوجه نحو الجامعات والنوادي وغيرها، والتي لها ايضا مردود نفسي على الفنان مبدع اللوحة" .

 

الى ذلك، انتقد النجار اهمال مادة التربية الفنية في المدارس الحكومية، لدرجة الغائها نهائيا في بعضها وشطب علامتها من مجموع الطالب.

 

وقال ان "حصة الفن ملغاة في كثير من مدارس وزارة التربية وهي ايضا ملغاة في مدرستي التي تم تعييني فيها معلما للتربية الفنية، حتى ان المدارس التي فيها مرسم ضمن أبنيتها قامت بتحويلها الى مستودع او اي شئ اخر عدا الرسم".

 

واضاف "انا كمعلم فن اتوزع بين ضميري وواجبي في الاخذ بيد الطلبة الذين المس لديهم ميولا وموهبة فنية، وبين ما يجري من تعامل الادارات مع موضوع حصص الفن".