الروضان تكتب: غضب وعتب..

الروضان تكتب: غضب وعتب..
الرابط المختصر

لم تفلح أمطار آذار في تغيير المزاج العام العاتب، بل الغاضب ليس في الزرقاء وحدها وإنما في مختلف محافظات المملكة، والإحساس العام بضياع "الكرامة الوطنية" والذي بلغ أعلى مستوياته.

قصتان تختلفان عن بعضهما كل الاختلاف من حيث الأطراف والوقائع والجغرافيا، كانت نتيجتهما المباشرة فقدان روح، القصة الأولى: وفاة الطفلة غيداء دغش (6 سنوات) على اوتستراد الزرقاء إثر حادث تسببت به سيارة السفير الكويتي في عمان.

اما القصة الثانية فهي استشهاد القاضي رائد زعيتر على يد جندي اسرائيلي على معبر الكرامة.

وفي القصتين فقدنا مواطنا اردنيا، ولكن تجاوب الحكومة الأردنية في كلا الحالتين كان ضعيفا باهتا، بل ومخجلا في بعض التفاصيل.

ارتفع مستوى العتب ووصل الى حد الغضب لدى غالبية المواطنين الأردنيين، الذين تحملوا اداء الحكومة الصارم وقراراتها الجريئة السريعة في ما يتعلق بزيادة الأسعار ورفع الدعم عن سلع أساسية ومهمة لا يقوى المواطن البسيط على تحمل كلفتها الباهظة.

ولكن الحكومة لم تكن بهذه القوة والجرأة ازاء هذين الحادثين المتتابعين، ففي حادثة الطفلة غيداء- التي قضت متأثرة بجراحها وأصيب أفراد عائلتها الستة الذين كانوا معها في المركبة لحظة وقوع الحادث في 2 آذار- لم يحرك احد ساكنا ولم يهتم لفاجعتها، لا بل أن رئيس الوزراء عبدالله النسور زار السفير الكويتي الذي يرقد في نفس المستشفى الذي نقلت اليه العائلة، ولم يكلف نفسه عناء زيارة افرادها او السؤال عنهم.

والسفارة الكويتية بدورها، لم تبد اي اهتمام او تجاوب او تظهر اي نوع من تحمل المسؤلية، والإعلام كان مساندا لهذا الدور بعدم تحميل السفير او السفارة اي نوع من المسؤلية بل ان ما ان تم تداوله هو "تسبب صهريج بالحادث قام بدفع سيارة السفير ما أدى الى صدمها مركبة العائلة ، ومعلومات أخرى تحدثت عن ان العائلة الاردنية كانت ادخلت الى مستشفى حكومي، و السفير تطوع بنقلهم الى مستشفى خاص وتكفل بتكاليف علاجهم".

اما في الحادثة الأبرز "استشهاد القاضي زعيتر"، فلم يكن الغضب الشعبي بسببها فقط، وإنما ايضا بسبب الموقف الحكومي المتردد والضعيف.

وبعيدا عن البيانات والاستنكارات الرسمية إلا ان تبني الرواية الأسرائيلية للحادث لم يكن موقفا تشكر عليه الحكومة ووزير خارجيتها ناصر جودة، حتى لو قام بتوبيخ حكومة الإحتلال كاملة!!.

كما ان الاعتذار الإسرائلي لم يزد الجو العام في الأردن إلا شحنا ورفضا لسياسات الاحتلال المتتالية والمستهترة تجاه المصالح الأردنية والفلسطينة في الأراضي المحتلة.

ولم تساعد في تغيير القناعات الشعبية تلك الاستعراضات النياية تحت القبة في الجلسات الطارئة التي خصصت لمناقشة القضية وانتهت بمطالبة الحكومة الأردنية بعدد من الإجراءات للرد على تلك الحادثة.

حال المواطن الأردني يقول : ونحن على بعد أيام من ذكرى معركة الكرامة، كيف سنحيي هذه الذكرى ونحن نفقد كرامتنا كل يوم. وما القصتان السابقتان الا دليل على ان المواطن الأردني ليس فعلا "أغلى ما نملك".

فمهما كانت المبررات أو الأعذار التي تسوقها الحكومة الأردنية لأهمية ضبط النفس وقياس المصالح الوطنية العليا، إلا أن هذا التهاون الملفت لا يمكن تقبله أو قبوله، لأن الرضى بالأمر الواقع في ما يخص أداء حكوميا متخبطا او متهورا في الشأن المحلي والاقتصادي، لا يمكن ان ينسحب على أداء حكومي مخجل فيما يخص حق مواطن اردني تعدى عليه طرف آخر بل وأنكر دمه وحق أهله وعائلته.

لا يمكن لهذا الغضب ان يبرد او يتم تجاوز العتب على الحكومة الأردنية، والاستمرار في حرمان ابطال هاتين القصتين والكثيرون غيرهما من الإقرار بالذنب تجاههم وتحمل المسؤلية القانونية والأدبية حيالهم وحيال الوطن بشكل عام.