الروضان تكتب: "التفحيط" ..ظاهرة سلبية تجتاح الزرقاء
يبدو ان ممارسات بعض الشبان في المحافظات ومنها الزرقاء، والمتمثلة في "تشحيط" و"تفحيط" السيارات، كما هو متعارف عليها في المنقول العامي، لا تشكل ظاهرة بالنسبة لمديرية الامن العام، التي لم تلحظ بعد انها بدأت بالتزايد مؤخرا وفي مدن دون غيرها.
تحتل عمان العاصمة المرتبة الأولى في ظاهرة او بداية ظاهرة "التشحيط بالسيارات" وتليها الزرقاء المدينة، وتضعها مديرية الأمن العام في سياق البدايات، وتؤكد أنها لا تزال تحت السيطرة ولا خوف من تحولها الى ظاهرة.
إلا أن المواطنين في الزرقاء يخالفون مديرية الأمن العام الرأي، فقد بدأوا يلحظون انها أصبحت ظاهرة بالفعل، وبخاصة في أحياء دون غيرها مثل الزرقاء الجديدة، بحسب الشكاوى التي وردت الى "هنا الزرقاء" من مواطنين يقطنون هناك.
وأصبحت أصوات السيارات المسرعة وصرير عجلاتها في شوارع تلك الأحياء مصدرا للازعاج، بل والخطر أحيانا وبخاصة على الأطفال والمتجمهرين للمشاهدة، وعلى سائقي تلك السيارات انفسهم، فمن يستطيع ضمان عدم وقوع حادث ينتهي بإصابة بالغة او بوفاة للسائق أو احد المواطنين ممن يكونون في نطاق حلقة الخطر.
اصوات وصراخ وقيادة متهورة من شبان تتراوح أعمارهم بين 17 و24 عاما، لسيارات غير معدة لمثل هذا النوع من الهوايات إذا صح اعتبارها كذلك، او هذا النوع من الرياضات التي لا تمارس بهكذا عشوائية وفي شوارع وأحياء سكنية وبدون تدريب أو تأهيل مسبق، فشوارع وأحياء المدن ليست مضامير سباق بالمطلق.
القانون يجرم هذا الفعل ويصفة بالقيادة "المتهورة" وغير القانونية، ويعاقب عليه بغرامة تبدأ بمئة دينار للمرة الأولى ، ومئة دينار للمكرر مع حجز المركبة وسحب الرخصة، في حين تصل العقوبة الى الحجز الإداري أو الحبس مع الغرامة للمكرر أكثر من مرتين.
النص جميل، ولكن اين التطبيق ؟! في ظل معلومة تقول ان هناك 55 رجل سير فقط في محافظة الزرقاء قاطبة، فالعدد بالكاد يكفي للشوارع الخارجية والرئيسة، والشرطة غائبة بشكل شبه تام عن الأحياء التي هي ميدان "التشحيط والتفحيط"!.
اما مسؤلية المجتمع للحد من هذه الظاهرة فلا تنحصر في رفضها والحديث عنها باستهجان والشكوى من آثاراها السلبية، والمطلوب هو المبادرة الى الحد منها عبر نهوض مؤسسات المجتمع المدني بمسؤليتها تجاه قطاع الشباب وخدمة المجتمع عبر محاولة اشراك الشباب واستثمار طاقتهم في نشاطات مثمرة تجنبهم الفراغ، خاصة في ظل ارتفاع نسب البطاالة بينهم مما يتركهم فريسة لهوايات خطيرة وضارة لهم وللمجتمع.
المسؤلية القانونية والأمنية والمجتمعية لا تلغي بأي حال مسؤولية الأسرة في التوجيه والرقابة على أبنائها حماية لهم في المرتبة الأولى وحماية للمجتمع بشكل عام، وتجنيب الجميع خسائر معنوية ومادية مكلفة تترتب على هذه الممارسات والتي وإن كانت في البدايات فان ذلك لا يعفينا من مسؤولية العمل جميعا على وأدها في هذه المرحلة.
ولا يجب ان تكون عبارة "تبدأ حريتك عندما تنتهي حرية الآخرين" على صحتها ذريعة لأي كان، من اجل تبرير مثل هذه الممارسات التي لا يمكن بأي حال ادراجها تحت خانة الحرية الشخصية أو الحقوق او حتى الهوايات.