الروضان تكتب: البلدية تعمل ولا تنتظر استغاثات الناس..
يعرف الجميع ان التوصيف القانوني والمجتمعي العام لدور البلديات في مختلف مناطق العالم والأردن من بينها، هو خدمة المجتمعات المحلية التي انتخبتها، والسعي الحثيث لتحسين البنية التحتية والمبادرة بشكل ذاتي لابتكار الحلول لمشكلات هذا المجتمع.
البلدية ليست مركزا أمنيا لا يقصده المواطن إلا عند حدوث طارئ، ولا مركزا مجتمعيا يستقبل الشكاوى عبر خط ساخن، هو جهاز إداري معين، يديره مجلس بلدي منتخب من المواطنين "عبر انتخابات نزيهة شفافة تعبر عن الإرادة الحقيقة لأفراد المجتمع!" مهمته الخدمة العامة، وليس الانتظار لكي يتقدم مواطن بشكوى على اعتابه يتم التحرك على إثرها.
احد رؤساء البلديات في الزرقاء والذي سئل عن نقص الخدمات وترديها منطقة بلديته، اجاب قائلا أن "احدا من المواطنين لم يراجعني في المكتب ولم اتلق أي شكوى منه"!!.
ونحن نقول مع احترامنا لمبدأ الشراكة الفعلية بين المجتمع المحلي والمجلس البلدي، ان المواطن ادى دوره عندما دفع الضرائب المطلوبة منه وفقا للقانون، وعندما انتخب مجلسا ليمثله ويقوم على تحسين ظروف الخدمة العامة في منطقته. أما الشكوى المنتظرة منه فهي من باب التطوع ومن اجل تحفيز المجلس على العمل، وليست أمرا رسميا له بالتحرك.
المشاكل التي أثير حولها السؤال بالأساس واضحة للعيان، ويستطيع أيا كان مشاهدتها يوميا في الأحياء والشوارع، من نقص الإنارة، وتدني مستوى النظافة، وقلة اعداد عمال الوطن، وتهالك الشوارع وانتشار الحفر فيها ..والرئيس نفسه يؤكد انه يقوم بجولات صباحية يومية في أحياء منطقته، والسكان ايضا يؤكدون ذلك..والرئيس نفسه كما كل رؤساء البلديات في المملكة من سكان المنطقة ذاتها، وهو حكما يعي تلك المشكلات ويعرفها جيدا.
وهذا الأمر لا يقتصر على بلدية بعينها بل يكاد يكون سمة مشتركة في جميع بلديات المملكة مع تفاوت بسيط في تفاصيل لا تكاد تذكر، لذلك فإن الآنكار ليس حلا لأي مشكلة، وتحديدا ليس حلآ لمشكلات البنية التحتية ونقص الخدمات العامة.
نعم هناك دور لأجهزة الدولة الأخرى في حل تلك المشكلات كل حسب اختصاصه سواء شركات أو مديريات وزارات رسمية أو أجهزة أمنية، وبخاصة تلك التي تتقاطع واجباتها مع حاجات المجتمع المحلي مثل سلطة المياه أو وزارات الأشغال والصحة والتربية والتعليم وغيرها.
ولكن يجب على المجالس البلدية وتحديدا الرؤساء عدم الإكتفاء بالقول أن بعض الجهات لا تتجاوب معهم ولا تقوم بواجبها.
التصدي لمشكلات البلديات يجب أن يكون فعالآ دون انتظار شكاوى المواطنين، او تجاوب سريع من تلك الجهات، لا بل يجب ان يكون إبداعيا في كثير من الأحيان، لخلق حلول ومبادرات تسهم بشكل فعلي في تجاوز اي خطأ أو مشكلة حتى لو أنها قائمة منذ سنوات.
يجب ان يفكر القائمون على المجالس البلدية بطريقة مستنيرة تقفز نحو الاستفادة من شراكات مرنة أخرى متاحة؛ مثل القطاع الخاص الصناعي والتجاري، وهو للمفارقة له وجود واضح في أكثر البلديات التي تعاني من نقص الخدمات والتلوث كالزرقاء والظليل على سبيل المثال.
الخيار الآخر أن تبادر البلديات لخلق آلية للتواصل مع فرص إستثمارية محلية وعربية وأجنبية، وجذبها نحو مجتمعها المحلي وإقناعها بالاستثمار فيه، وهو الأمر الذي يعود بالفائدة على البلديالت وينعكس في تحسين خدماتها.
إذا بدأ رؤساء البلديات والمجالس بشكل عام بالخروج من عباءة الدور التقليدي للبلدية، وانتهجوا مجاراة المتغيرات وعدم الإكتفاء بواقع الحال والاستسلام للواقع السلبي الحالي..فأن التغيير الإيجابي لا محالة قادم ولكنه يحتاج لنشاط أحيانا ولراي شجاع دائما.